بعد أن كتبت عن ابنتي التي سألتني عن الراجل الذي استمعت إليه يغني من خلال راديو السيارة وقلت لها إنه الفنان الكبير عثمان حسين وقالت باندهاش إنها أول مرة تسمع فيها بفنان اسمه عثمان حسين بينما وجدتها تعرف هيفاء وهبي وأليسا وتامر حسني و.. و.. عشرات المغنين العرب صورة وصوت ولا تعرف سيد خليفة أو عثمان حسين أو أحمد المصطفى وحتى زيدان إبراهيم لتجعلني أطالب وزارتي الثقافة والإعلام بالالتفات لحالة الاستلاب الثقافي التي يعيشها الجيل الجديد الذي يعرف الآخرين أكثر منا ويقلد نجوم الخارج في كل شئ اتصل بي ليلة أمس أستاذنا الرائع عبود سيف الدين أحد أعمدة الزمان الجميل في الإذاعة السودانية وأحد قيادات الإذاعات الولائية ..الذي صارت إذاعة ودمدني في عهده تسرق جمهوراً كبيراً من كل الولايات بما فيها الخرطوم لسماع إشراقات الصباح من خلال إذاعة ودمدني التي كانت في عهد عبود قوية في البث والبرمجة وفي كل شيء المهم أن عبود الذي يدير الآن الإذاعة الرياضية (FM104) قال إن ما كتبته استوقفه كثيراً وأرجعه لمحطات كثيرة أيام كان تأثير العمالقة كبيراً وكانت الأغنية تذاع لأول مرة من خلال الإذاعة فيحفظها الناس حكى لي أنه قبل أيام جاء إلى منزله الفنان الكبير علي إبراهيم اللحو وأنه خلال الأنس أمسك اللحو بالعود الذي ظل عبود حريصاً عليه في منزله وأخذ يغني ووسط الغناء استدعى عبود ابنته رماز وسألها عن الأغنية التي يغنيها اللحو فردت عليه بسرعة إنها أغنية الإمبراطور أحمد الصادق فصعق اللحو من رد البنت الجامعية التي تعرف أحمد الصادق ولا تعرفه.. والمشهد الذي حكيته والذي حكاه عبود وغيره يمثل واقعاً ثقافياً بحاجة إلى وقفة.. واقع نخاف أن ينفصل فيه الجيل الجديد عن الماضي الجميل وأصحابه فالصور في الوسط الفني الآن مقلوبة مقلوبة يا أهل الشأن، فنانون صغار يركبون(البرادو) والكبار يبحثون عن ثمن الدواء!! والكبار يُعرفون بالصغار. كل وزير حتى ولو كان ولائياً صارت له كوته باسم وظائف شخصية يتم تعيينها له تبقى وتستمر حتى إعفائه أو انتقاله إلى موقع آخر وهؤلاء لا دور موضوعي لوجودهم.. بينما يكونون الأقوى في الوزارة بحكم أنهم ناس الوزير ولا ندري إلى متى الوظائف الشخصية التي تمنح مرتباتها وحوافزها من مال الوزارة لا مال الوزير؟. شوارع أم درمان وما أدراك ما شوارعها... فهي وبما فيها شارع العرضة لا تمتد إليها يد الصيانة بالرغم من كثافة الحركة فيها وقد شاهدنا يوم فرحة المريخاب بفوزهم الأخير على الهلال الكثير من الجماهير وهم يسقطون في الحفر فتنتهي فرحتهم برضوخ وجروح فلا يعرفون كيف يواصلون الهتاف هل للمريخ سيد البلد أم ضد الشارع بعبارات (وين الظلط). مدير الإعلام بالمؤسسة الحكومية طالب بإعادة الأثاثات والهدايا التي جاء بها للمسيد الكبير الذي على رأسه الشاب الشيخ وعندما سألوه قال (إن الشيخ بسمع الوشايات) فهل امتدت الصراعات وسياسات الحفر والدفن أيضاً لتلك المواقع اللهم أستر وألطف. الأستاذ عمر كبوش راجل مذهل فهو بوصفه السكرتير الإعلامي لرابطة نهر عطبرة وشمال البطانة ظل (يتور) نفس كل الحكومات التي مرت على نهر النيل ويتور هذه من مفردات الجعليين المحببة لوصف حالة ارتفاع الأنفاس.. والمذهل في الرجل أنه ظل يكتب بياناته الساخنة والمثيرة منذ أربع سنوات ويطبعها من حر ماله ويوزعها بشكل واسع مشكلاً برلماناً رقابياً مخيفاً في نهر النيل دون أن تنجح أية حكومة من الحكومات المتعاقبة في معاقبته ويقال إنه قد تم التحقيق معه في عهد أحد الولاة إلا أن الرجل خرج بريئاً.