العلم ليس ما يلقن ويحفظ من الكتب، والنجاح ليس نتيجة ما يفرغ في أوراق الإمتحانات، و إنما هو نهج و منهاج وسلوك لا يعرف دربه إلا من يلوكون الصبر أثناء تلقيه، حاملين على أكتافهم أحلام و طموحات بحجم الجبال مقارنة بأعمارهم . إجتمع المعلمون بمدارسهم بانتظار أبنائهم التلاميذ ليبشروهم بنجاحهم، وقد إمتلأت أعينهم وقلوبهم بالفرح والسرور، كانت وجوههم تشي بما بذلوه من مجهود طيلة العام الدراسي ما بين تدريس و مراجعة وامتحانات، و في موكب مهيب من الفرح إمتلأت المدارس بجموع الطلاب وأسرهم وبدأ عناق جميل بين المعلمين وأولياء الأمور، كيف لا، واليوم يحصد الجميع ما زرعوه من طلب العلم و سهر الليالي . بالرغم من أنه كان نهار رمضان، إلا أن منظر عبوات الحلوى التي حملها الأهل كانت تعبيراً تلقائياً عن البهجة والفرح، لا يفرق بين صوم و فطر، فالكل مرسوم على وجهة ابتسامة الرضا جولة قام بها : عمر - أسماء - نجلاء -سهام -تصوير سفيان البشرى سلمى الأولى بعد إعلان نتيجة الشهادة السوانية عبر التلفاز تحركنا فوراً صوب مدرسة (بحري النموذجية بنات) بحي الصبابي بمحلية بحري، التي أحرزت منها الطالبة سلمى صلاح المرتبة الأولى على مستوي السودان، وعند وصولنا للمدرسة وجدنا عدداً كبيراً من المعلمين وأسر الطلاب الذين كانوا من الأوائل، وعدد من وسائل الإعلام المختلفة من صحافة وإذاعة وتلفزيون . متفوقة دائماً في البداية التقينا بمديرة المدرسة عمرة فضل عبد الباقي التي تحدثت عن نجاح مدرستها، وقالت هذه ليست المرة الأولى التي يدخل فيها عدد من طالباتها في المراتب الأولى، مشيرة إلى أن مدرستها تتبع خطة لتجعل الطالبات متفوقات، وذلك بالاهتمام بنقاط الضعف عند كل طالبة، ورفع القدرات ومعالجة القصور لديهن، وأضافت كنا نتوقع أن تحرز المدرسة المركز الأول، وخاصة الطالبة سلمى لأنها كانت متفوقة منذ قدومها للمدرسة في الصف الأول، وتنبأت لها بالنجاح وأخبرت والدها أنها ستكون الأولى في الشهادة السودانية إن وجدت بعض الاهتمام، وبدوره أكد على جاهزيته لكل شيء، وأنه تحت أمر المدرسة في كل شيء . وتأخرت سلمى بعض الشيء من حضور احتفال المدرسة، مما خلق حالة من التوتر لدى مديرة المدرسة، وطالبت عمرة بضرورة أن تمنح سلمى وسام التفوق الذي منحه لها رئيس الجمهورية داخل المدرسة، حتى يكون تحفيزاً لباقي الطالبات والمدارس الأخرى، وقالت إن حضور رئيس الجمهورية لتكريم الأول في كل عام بمدرسته سيترك أثراً طيباً في نفوس الطلاب والمعلميين والمدرسة عامة. وصول الطبيبة بعد طول انتظار وترقب لحضور الطالبة المحتفى بها، وبالرغم من حرارة الجو والصيام أطلقت زغروده عالية، تشير إلى قدوم الدكتورة سلمى، وذلك على حد تعبير والدها صلاح الأستاذ الجامعي بجامعة السودان الذي تحدث ل(آخر لحظة) عن فرحته بنجاح ابنته، وقال كنت أتوقع ذلك، لأن سلمى كانت مجتهدة جداً في دراستها ومطيعة لوالديها، وحافظة لكتاب الله، وأضاف أن سلمى ترغب في دراسة الطب منذ الصغر، وستحقق رغبتها، وكشف عن أنها كانت متفوقة في امتحانات الأساس، وتبقت لها درجة واحدة فقط من الحصول على الدرجة الكاملة، وهذا الأمر أفسد عليها فرحتها، وامتنعت عن مقابلة الصحف في وقتها لأنها كانت تتمنى أن تحرز الدرجة الكاملة، ولكنها عوضت ذلك الآن واكتملت فرحتها .. وقال إنهم بعد أن تمت إذاعة اسمها الأولى على السودان لم ننتبه لقرار رئاسة الجمهورية ومنحها وسام التفوق، وقال تفاجأت بسماع الأمر منك الآن، لأن الفرحة منعتنا من الاستماع لباقي الحديث، وتركنا المنزل لنحتفل بالنجاح في المدرسة مع اساتذتها . السجود حمدا لله سلمى بعد أن استقبلت الجميع وأحاطوا بها توجهت صوب مكتب مديرة المدرسة، ولكننا وجنا صعوبة في الوصول إليها، إذ أن المكتب كان صغيراً، وقد ضاق بالحشد، وبعد ذلك التقينا بسلمى التي أكدت سعادتها بالنجاح، وقالت بمجرد أن سمعت نبأ نجاحي قمت بالسجود شكراً لله في تلك اللحظة، وأضافت لا أستطيع أن أهدي النجاح لشخص بعينه دون الآخرين، لأن الذين شاركوا في نجاحي كثر، على رأسهم والدتي التي كانت تحرص على تهيئة المناخ لي للدراسة، ومن ثم أساتذتي في المدرسة وغيرهم، وقالت إنها كانت تتوقع الأمر قبل سماع النتيجة، وقالت إنها تحب القراءة ووجدت الاهتمام من معلميها إعفاء من الرسوم معتمد بحري حسن محمد حسن إدريس الذي هرع للمدرسة مهنئاً، أعرب عن سعادته بنجاح سلمى وإحرازها المركز الأول، واعتبر نجاحها نجاحاً لمحلية بحري، وأعلن استعداده لرعاية الطالبة النابغة وإعفاء أسرتها من كل الرسوم المتعلقة بالمحلية لمدة خمسة أعوام، وقال ل(آخر لحظة) كنت أتوقع عدداً كبيراً من المتفوقين من المحلية، ولكن لم أتوقع أن تكون الأولى على مستوى السودان من بحري ومدرسة بحري الحكومية أعادت للتعليم الحكومي هيبته في ظل المنافسة الشرسة مع التعليم غير الحكومي، وسيكون هنالك تواصل مع وزارة التنمية البشرية لتطوير الكوادر في التعليم، وتسليط الضوء على التعليم الصناعي والمهني، بجانب التعليم الأكاديمي والوقوف معها، وأضاف سنعمل جاهدون لصنع أكثر من سلمى في العام المقبل . الطبيبة ميسون وهناك في ولاية الجزيرة وفي محلية المناقل، استطاعت الطالبة ميسون بلة الأمين بعد منافسة قوية وشرسة بين رصفائها من سائر ولايات السودان على إحراز المركز الثالث مشترك على مستوى السودان وإحرازها نسبة 95.3%، ميسون التي تقطن بالكريمت بمحلية المناقل، عرفت بتفوقها في دراستها منذ نعومة أظافرها، وتقول والدتها ل(آخر لحظة) كنا نتوقع أن تكون ميسون الأولى، وتجمع أفراد الأسرة والجيران حول التلفزيون لمشاهدة المؤتمر الصحفي لإعلان الشهادة، أما والد ميسون الأستاذ بلة الأمين قال إن التعليم الحكومي مايزال بخير، وأن نتيجة هذا العام أعادت لنا نسيم نجاح السبعينات، حيث كان الاجتهاد والمثابرة من المدرسة والمعلمين والطلاب . والد ميسون ترك لها مطلق حرية اختيار الكلية التي ترغب في دراستها، وأكدت بدورها أنها ستختار دراسة الطب . نجاح المجلس الأفريقي وهنا بالخرطوم أحرزت مدارس المجلس الأفريقي نسبة نجاح بلغت 98.1% حيث جاءت الطالبة روان راشد الأولى على مستوى المدرسة، وحصلت على نسبة 95.9% من مدرسة فرع الخرطوم ذات النطاقين، فيما حاز الطالب عمار عز الدين حسن شيخ إدريس على المرتبة الثانية وحصل على نسبة نجاح بلغت 95.4% من مدرسة عبد الرحمن بن عوف فرع بورتسودان، والثالثة لينة عبد الرحمن عثمان من مدرسة زينب بنت خزيمة من فرع بورتسودان حصلت على نسبة 95% ورابعة المدرسة عرفة هشام مصطفى حصلت على نسبة 94% من مدرسة جويرية بنات خارج النص تعرض بعض الصحفيين الذين كانوا يقومون بتغطية احتفال مدرسة بحري النموذجية بنجاح الطالبة الأولى سلمى صلاح إلى بعض الإساءات من مرافقي رئيس اتحاد طلاب محلية بحري الذي حضر للتهنئة وتكريم الطالبة المتفوقة، وحاول إخراج الصحفيين عنوة من مكتب مديرة المدرسة الذي كانت تتحدث فيه سلمى للصحفيين، وعندما أبلغوه أنهم صحفيون ويقومون بواجبهم كان رده (صحفيين شنو) واعترض بعض الحاضرين على حديثه، وبدوره قدم معتمد بحري اعتذاره . وقال (أمسحوها لينا في وشنا) وطلب معرفة الشخص الذي وجه الإساءة للصحفين، الا ان المدير التنفيذي للمحلية تدخل وقام بسب الصحفيين، وقال (انتو قليلين أدب) وأضاف ما أي شخص بيحمل بطاقة صحفي، وهدد بالضرب أمام الحاضرين، وحاول أحد الأفراد أخذ هاتف الزميل عمر كباشي عنوة، وبعد خروجنا قام المدير التنفيذي ومعه آخرين باللحاق بنا، وطالبني أحدهم بإبراز بطاقتي الصحفية، وعندما أخرجتها أراد أن يخطفها من يدي، والاعتداء علينا مرة أخرى، وتدخل المواطنون وطالبونا بالابتعاد عنهم وركوب سيارة الصحيفة ومغادرة المكان، وبالفعل قمنا بذلك تتبعنا نظراتهم حتى مغادرتنا المكان.