في الوقت الذي بدأ فيه الاتحاد الأوربي في التفكك والانقسام سعت القارة الأفريقية للتوحد، وفي خطوة مفاجئة وغير مسبوقة أعلن الاتحاد الأفريقى خلال يوم الأحد الماضي رسمياً عن العمل بالجواز الإلكتروني الموحد. ووتم الاحتفال بإطلاق جواز السفر الإلكتروني، خلال الدورة العادية ال27 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد، وجرى تسليم أول جواز سفر أفريقي رمزيًا للرئيس التشادي إدريس ديبي أتنو، بصفته الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي وتفيد الأخبار بأنه في المرحلة الأولى سيستفيد من جواز السفر الإلكتروني، رؤساء الدول والحكومات ووزراء الشؤون الخارجية، إضافة إلى الممثلين الدائمين للدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي المقيمين في مقر المنظمة في أديس أبابا .. رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي دلاميني زوما التي أعلنت انطلاق الجواز الموحد لكبار المسِؤولين، خلال كلمتها في فاتحة أعمال القمة، اقترحت على القادة الأفارقة بحث إمكانية حصول المواطنين الأفارقة جميعاً على الجواز الإفريقي، فيما طالب وزراء الخارجية الأفارقة الاتحاد الأفريقي بالتنسيق مع كل دول القارة لتنفيذ جواز السفر الموحد، الذي يوضع عليه شعار الاتحاد الأفريقي والدول الأفريقية كل على حدة.. حيث ظلت الدعوات والمطالبات لوحدة القارة متواصلة باعتبار أنها تمثل الحل لمشاكل القارة، والسؤال الذي يطرح نفسه هل الإعلان عن إطلاق الجواز الموحد سيكون بداية لهذه الوحدة التي ظلت حلم يراود القادة الأفارقة؟ وهل هناك امكانية أن يكون هناك جواز موحد لكل المواطنين الأفارقة، ويكون مسموحاً لهم بدخول كافة الدول الافريقية بدون تأشيرة كما هو الحال في الاتحاد الأوربي؟؟ . بدعة جديدة "دي حاجة جديدة لنج وابتداع غير مسبوق "بهذه العبارة ابتدر السفير السابق د.الرشيد ابوشامة حديثه ل (آخر لحظة) حول إعلان العمل بالجواز الإلكتروني الموحد بالقارة، وشدد أبو شامة على أهمية أن يكون الجواز قاصراً على فئات معينة كالمسؤولين والعاملين بمنظمة الاتحاد الإفريقي ووزراء الخارجية، وقال لايمكن أن يكون متاحاً للعامة، وتوقع أبو شامة أن يحمل الجواز الافريقي نفس خصائص الجواز الأوربي، إلا أنه أكد وجود فرق شاسع بين القارتين من حيث المساحة والحدود، مما يصعب العمل بالجواز الموحد في القارة الإفريقية، وقال إن أوربا تختلف عن أفريقيا إذ أن أوربا مساحتها صغيرة وحدودها مفتوحة عكس أفريقيا، فضلاً عن أن أوربا متوحدة تحت كيان واحد، وهذا لايوجد هنا، وأكد أن الوحدة الإفريقية لاتتم عبر جواز موحد كخطوة أولى، ولكنها تبدأ من المستويات الدنيا التي تتمثل في الأسواق التجارية والتبادل التجاري . زيادة مشاكل واتفق مع أبي شامة مدير الجوازات والهجرة السابق اللواء (م) أحمد عطا المنان، وقال في حديثه للصحيفة إذا كان هذا الجواز مخصصاً لفئات معينة لا غضاضة فيه، مشيراً إلى أن بعض المنظمات الدولية طرحت هذا الأمر في السابق، حتى يسهل لها حرية التنقل بين الدول لأداء مهامها، إلا أنه يرى في طرح الاتحاد الأفريقي للقادة الأفارقة والمسؤولين كمرحلة أولى، تليها من بعد ذلك أن يكون متاحاً للعامة، طرح جديد ومستغرب، وقال إذا أصبح منح الجواز مطلق سيؤثر في حرية الدول التي لاتقبل بذلك، خاصة دولة مثل السودان ستتأثر كثيراً من هذه الخطوة، وأضاف (الفيها كفاية )، وأشار عطا المنان إلى وجود تحديات وعقبات تواجه الأمر، لافتاً إلى أن كثير من الدول لم تستطع حتى الآن أن توائم قوانينها مع قانون منظمة الكوميسا النموذجي الذي طرحته، وأردف وهكذا الحال بالنسبة للجواز الأفريقي، ولا يمكن أن تطبقه الدول الإفريقية للعامة . تأييد أما مدير المركز العالمي للدراسات الإفريقية عبد الله زكريا كانت رؤيته مختلفة تماماً، ورحب بالفكرة واعتبرها خطوة مهمة لوحدة القارة الافريقية وجاءت في الاتجاه الحصيح، وذهب زكريا لأبعد من ذلك، وطالب بالتدرج في الأمر، ومنح كل مواطن إفريقي الجواز بدون قيد أو شرط، سواء أكان مسافراً أو ليس مسافرً لأى بلد أفريقي يمنح تاشيرة الدخول في حدود تلك البلد كما شدد على ضرورة فتح الحدود بين الدول الإفريقية، وقال إن هناك تماذج بين كل القبائل الإفريقية إلا أن الحدود السياسية فرّقت بينهم، وزاد أي قبلة يجب أن تجد لها امتداد في الدولة المجاورة .