ولد الطيب محمد سعيد العباسي عام 1929م بالجيلي شمال الخرطوم بحري، والده الشاعر الفذ محمد سعيد العباسي ، وجده محمد شريف كان أحد أساتذة محمد أحمد المهدي قائد الثورة المهدية. بدأ تعليمه الأول بحفظ أجزاء من القرءان الكريم في خلوة عمه محي الدين ود أبو قرين بقرية الجيلي موطنه الأصلي ، درس المرحلة الثانوية في مدينة حلوان بمصر ثم منها التحق بكلية الحقوق بجامعة القاهرة وتخرج فيها عام 1953م ، التحق بالهيأة القضائية السودانية في العام 1955 وتدرج في مجال القضاء ،ووصل الي منصب قاضي المحكمة العليا في العام 1978 ، وعمل خلال هذه الفترة في محاكم العاصمة المثلثة و بورتسودان و الولاية الشمالية و ولايات غرب السودان و النيل الأبيض و مدينة حلفا الجديدة و ولايات جنوب السودان -سابقاً- ومدينة الأبيض وغيرها ثم تقلد منصب رئيس الجهاز القضائي استقال من الهيئة القضائية سنة 1979 وعمل مستشاراً قانونياً للمجلس الاستشاري الوطني في امارة أبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة حتى العام 1996 . عاد بعدها إلى السودان حيث عمل محامياً له ديوان شعر يسمي العباسيات . من أشعاره في مقاومة الاستعمار الإنجليزي ، عندما ألغت مصر معاهدة 1936 وتوابعها فأنشأ قصيدته (أخي في شمال الوادي) منها : أخي يا ابن مصرَ فتاةِ الكفاحِ وأمِ الحضارةِ بين الأممْ إذا ما طوتكَ غيومُ الزمانِ طوتني دياجيرٌها والظُلَمْ وإن سقطَ الدمعُ من مقلتيكَ بكيت بقلبي دموعاً ودمْ وتأسى روافِدُ بحرِ الغزال إذاما بِدمياطَ خطبٌ ألمْ وأشهر قصائده التي كتبها في مصرية استفزته بقولها ياأسود فكانت رائعته التي اشتهر بها الطيب عبدالله يا فتاتي ... ما للهَوى بَلَدُ كُلُّ قّلبٍ في الحُب يَبْتَردُ وأنَا مَا خُلِقتَ في وَطَنٍ الهَوى في حِمَاهُ مُضطهَدُ فلمَاذا أرَاكِ ثَائِرةً وَعَلاَمَ السِّبَابُ يضطرِدُ والفراءُ الثمين منتفضٌ كفؤادٍ يشقى به الجَسَدُ ألأنَّ السَّوَاد يغْمُرني ليس لي فيه يا فتاةُ يدُ أغريبٌ؟ .. أن تعْلَمي فأنا لي دِيَارٌ فيحا ولي بلدُ كَمْ تَغنيتُ بَينَ أرْبُعِه لِحبيبٍ في ثغرِه رَغَدُ وَلكمْ زَارني وطَوَّقني بذراعيهِ فَاتنٌ غَرِدُ أيَّ ذَنبِ جَنيتُ فانْدَلَعت ثورة مِنك خَانها الجَلَدُ أو ذنبي في قبلةٍ خطَرت مَع نَسيمٍ إليك يَتئدُ؟ خبريني ذات الفراء فقد جَفَّ جناني وأحْدَبَ الرَّشَدُ أيَمُّر النُمير بي ألِقاً وأنا ظامئٌ ولا أرِدُ؟ أو غيري هواكِ ينهبُه وفؤادي لدَيْكِ مُضطهد؟ أليَّ الهَجْر والقِلى أبداً ولغيري الشفاهُ والجسَدُ؟ لي كغيري يا زهرتي أمَلٌ وفؤاد يهوى ولي كَبِدُ لي بدنيايَ مثلما لهمو لِي مَاضٍ وَحَاضِرٌ وغَدُ فالوداعَ الوداعَ قاتلتي هَا أنا عن حِماكِ أبتعدُ سَوفَ تنأى خُطايَ عن بَلَدٍ حَجَرُ قلبُ حوائه صَلِدُ وسَأطوي الجراحَ فِي كبدي غَائراتٍ مَا لها عَدَدُكان شاعر مشبوب العاطفة، مرهف الأحاسيس ، مترف المشاعر، وافته المنية بمستشفى ساهرون بالخرطوم يوم 29 رمضان - 1429 الموافق 29/ 9/2008م رحمه الله رحمة واسعة