بدأت أمس أولى جلسات القضية التي شغلت الرأي العام كثيراً، والمتهم فيها نائب رئيس المؤتمر الوطني بالخرطوم مدير هيئة الإذاعة والتلفزيون الأسبق محمد حاتم سليمان . وكانت (آخر لحظة) قد انفردت بنشر خبر القبض علي محمد حاتم وإيداعه الحبس بقسم شرطة الخرطوم شمال والإفراج عنه في وقت متأخر من الليل بالضمانة العادية، وقام بزيارته بالقسم وزير العدل ومديرعام قوات الشرطة ووالي ولاية الخرطوم الفريق ركن عبد الرحيم محمد حسين، ومن ثم تداولت الوسائط الإعلامية المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي الخبر بصورة لافتة للنظر، قبل أن يرد عليه وزير العدل بالصحف اليومية، وعقب على ذلك محمد حاتم سليمان بتظلمه من وزير العدل، وأصبحت القضية قضية رأي عام . الفراغ من التحقيق على غير العادة فرغت نيابة الأموال العامة في وقت وجيز من التحقيق في ثلاثة بلاغات ضد محمد حاتم دونتها في مواجهته هيئة الإذاعة والتلفزيون تتعلق بمخالفة قانون الشراء والتعاقد وقانون الإجراءات المالية والمحاسبية، بجانب مخالفة لائحة الشراء والتعاقد، وأحالت البلاغات إلى المحكمة المختصة بمخالفات المال العام بالخرطوم شمال لبدء السير في إجراءات المحاكمة . من داخل قاعة المحكمة عندما أشارت عقارب الساعة إلى العاشرة من صباح أمس الإثنين الموعد المضروب لبدء جلسة المحاكمة، دلف محمد حاتم سليمان إلى قاعة المحكمة بخطوات ثابتة، وابتسامة فاترة تظهر على وجهه يرتدي بدلة بلون رمادي غامق يميل إلى السواد، يرافقه ستة من المحامين للدفاع عنه، اللافت للنظر أن الجلسة لم تحظى بحضور كثيف مقارنة بالزخم الإعلامي الذي وجدته القضية، بينما انتشرت أعداد كثيرة من أفراد الشرطة المختصة بتأمين المحكمة أمام مدخل القاعة . نقيب المحامين الأسبق عبد الرحمن إبراهيم الخليفة تولى بنفسه رئاسة هيئة الدفاع عن محمد حاتم التي تضم خمسة أعضاء، فيما مثل هيئة الاتهام عن وزير العدل المستشار هشام عطا الله الشيخ وعضوية المستشار أبو قراط عبد الله من نيابة الأموال العامة بوصفه المتحري في البلاغات، وكانت هيئة المحكمة التي يترأسها القاضي د. صلاح الدين عبد الحكيم عقدت جلستها الإجرائية بالقاعة الكبرى تحسبا لتزاحم الحضور، إلا أن الواقع جاء على عكس ذلك، شرعت المحكمة في فتح محضر الدعوى وتسجيل الأطراف وجلس محمد حاتم خارج قفص الاتهام خلف منصة موكليه . رفض المحكمة بدأت إجراءات المحاكمة بطلبين من هيئة دفاع المتهم تلاها المستشار عبد الرحمن إبراهيم الخليفة أحدهما أساسي والثاني كان احتياطيا في حالة عدم قبول الطلب الأول، حيث تقدم ممثل الدفاع بطلب التمس فيه من هيئة المحكمة بإعادة ملف الدعوى إلى نيابة الأموال العامة، ودفع في طلبه بأن موكله تقدم باستئناف قرار توجيه التهمة من قبل النيابة، وطلب منه إحضار الملف للبت في طلبه لدى محكمة الاستئناف، واعتبر محامي الدفاع طريقة إحالة الملف للمحكمة مخالفة لإجراءات اللائحة وتنظيم العمل في النيابات، وبرر إرجاع الملف لمزيد من التحريات وقال إن المتهم تقدم بطلب للنيابة لإحضار إفادة من وزارة المالية تفيد بأنه لم يخالف مواد الاتهام المتعلقة بقانون الإجراءات المالية والمحاسبية وإجراءات الشراء والتعاقد وأشار إلى أن المتهم طالب بمهلة حددت بعشرة أيام، وأن النيابة لم تمهله وأحالت الملف للمحاكمة قبل اكتمال الفترة المحددة له، ولم تمنحه فرصة الاستئناف واعترض الاتهام، وأوضح أن الإجراءات سليمة في مواجهة المتهم الا أن المحكمة رفضت الطلب الأساسي بحجة أنه ليس من اختصاصها إرجاع أوراق الدعوى إلا بطلب من وزير العدل أو من ينوب عنه، بينما قبلت هيئة المحكمة (عدالة) الطلب الاحتياطي والخاص بإمهال المتهم فرصة لتوفيق أوضاعه وإحضار طلب من النيابة بإعادة ملف الدعوى، حتى يتسنى له الحصول علي حقه المكفول وفقاً للدستور في الاستئناف حول قرار توجيه الاتهامات من نيابة الأموال العامة وإعمالا لأحكام المادة (41 ) من قانون الإجراءات منحت المتهم مهلة حتي نهاية الشهر الحالي، وفي الاتجاه ذاته أمرت المحكمة بضم البلاغات الثلاثة إلى بلاغ واحد، مبينه أن المتهم والشاكي جهة واحدة، بالإضافة إلى أن الوقائع متشابهة لكسب زمن المحكمة والأطراف ضم البلاغين الأول والثاني إلى البلاغ الثالث . وحددت المحكمة التاسع والعشرين من الشهر الحالي موعداً لمواصلة جلسات المحاكمة.