٭ لاحظت بعض الكتابات والأخبار بالصحافة السودانية تُعلى من شأن زعيم المعارضة بدولة الجنوب د. رياك مشار أكثر من اللازم، وتصور الرجل وكأنه قائد أسطوري، وأنه يكاد يحكم سيطرته على العاصمة الجنوبية جوبا. ٭ مما لا شك فية أن مشار يعتبر من الشخصيات البارزة بالجنوب، عركته السياسة والغابة، وفي أحايين كثيرة من خلال جلسات النقاشات أقول لهم إن رياك هو (علي عثمان الجنوب)، من خلال تمتعه برؤية في إدارة الدولة. ٭ لكن الأمر الواقع والذي لا يمكن القفز فوقه أن الرجل الأول في الجارة الجنوب هو سلفاكير ميارديت وهو رئيس منتخب، ولا بد من التعامل معه، واحترام سيادة بلاده. ٭ كثيرون تناسوا الموقف الكبير الذي سجله الرئيس ميارديت في حادثة القصر الشهيرة بجوبا، في التاسع من يوليو الماضي، عندما قضت قوات الحرس الرئاسي، على قوات مشار وأحبطت المحاولة الانقلابية. ٭ سلفاكير ضابط استخبارات ذكي، وكان يعلم بكل مايدور من وراء ظهره، وكان بإمكانه قتل مشار داخل القصر، بحجة الدفاع عن نفسه، لكنه تعامل كرجل دولة وجنب بلاده الفتنة، حيث أوى مشار من شر قواته. ٭ كانت توجيهات سلفاكير عقب حادثة القصر واضحة بأن لا يُمس رياك طالما كان داخل جوبا، ولكن بعد خروجة قامت القوات الحكومية بملاحقته، وهو أمر طبيعي طالما رفع شعار إسقاط نظام الرئيس الجنوبي. ٭ لو قام سلفاكير بقتل مشار داخل القصر لحدثت فتنة قبلية بين الدينكا والنوير، وحدث ما لا يحمد عقباه ولإحترق الأخضر واليابس بالجنوب، وذلك لأن الصراع حتى الآن منحصر بين سلفا ورياك، ولم يمتد لقبيلتيهما بالشكل الكبير. ٭ وينظر الكثيرون لصراع الرجلين بأنه صراع سياسي، بدليل وجود قيادات بارزة تنحدر من قبيلة النوير، إلى جانب سلفاكير ميارديت، كما أن الأخير مضى إلى الأمام، ولم ينتظر عودة مشار وقام بشغل منصبه بتعيين تعبان دينق. ٭ السلطة أعمت مشار وجعلت تفكيرة ينحصر في إبعاد سلفاكير وهو أمر يكاد يكون مستحيلاً، لعدة اسباب أبرزها المكانة الكبيرة لعشيرة الدينكا صاحبة الثقل على كافة الصعد والتي ينحدر منها ميارديت. ٭ كسب مشار من قتاله لسلفاكير في المرة الأولى، حيث جاء إلى القصر مرة أخرى عبر إتفاق دولي، وفي منصب أرفع (رُقي من نائب رئيس إلى نائب أول) .. ومع ذلك لم يرض بقسمته السياسية. ٭ ليس من المصلحة للسودان أن يظهر تيار معادي لسلفاكير، حتى وإن كانت الحكومة لا علاقة له به، لأن ذلك معاداة لدولة بكاملها، دولة جارة وصديقة ثم أن سلفاكيرلا يزال يثق وبشكل كبير في السودان وعلينا أن نعزز هذه الثقة. ٭ مشار الذي تماثل للشفاء من إصابة، لا يزال مصاباً بمرض آخر هو داء السلطة .. لو تعامل الرجل بقليل من الحكمة لرضي بالواقع وعمل في هدوء للانتخابات المقبلة، ولكن ماذا نقول مع شهوة السلطة.