*تشهد مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور اليوم، الاحتفال بانتهاء أجل السُلطة الإقليمية ويشرف الاحتفال حضوراً أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد والرئيس الشادي إدريس ديبي.. والمعروف أن السُلطة الإقليمية التي انتهى أجلها في الرابع من يوليو الماضي.. كانت قد شكلتها رئاسة الجمهورية لتكون الأداة الرئيسية لتنفيذ وثيقة الدوحة لسلام دارفور الموقعة بين الحكومة وحركة التحرير والعدالة برئاسة التيجاني السيسي الذي تولى رئاسة السلطة طوال عمرها الممتد لخمس سنوات.. وسلطة دارفور حسب منطوقات وثيقة الدوحة منوط بها حل أزمات الإقليم المتمثلة في السلاح المنتشر وعودة النازحين إلى قراهم وتحسين الأوضاع الإنسانية وإعادة بناء ما دمرته الحرب من بنيات في الإقليم.. فهل أنجزت السلطة ما قامت من أجله؟.. واقع الحال في دارفور يقول غير ذلك. *الترهل في هياكل السلطة من وزراء ومستشارين وخبراء وموظفين والإنفاق غير الرشيد على تلك الهياكل يعتبر أول أسباب الفشل.. وذلك لأنها قامت على الترضيات القبلية والجهوية والترضيات للحركات والحركات المتناسلة وهو ما جعلها تحمل في جسدها جينات الخلاف والانقسام بدلاً عن التوافق والتوحد.. وظهرت أول بوادر الخلاف والسلطة لم تزل في (المهد صبية).. حيث تقدم وزير الإعلام المهندس إبراهيم مادبو باستقالته بعد أن قدم بياناً أمام مجلس السلطة.. عدد فيه كل الأخطاء وطالب بضرورة تقييم السلطة لأدائها وقال إنها بدأت متعسرة وفشلت في تنفيذ أهم بنودها وهي المشروعات الواجب تنفيذها وإن رئيسها لم يكن على مستوى الطموحات والتحديات.. وإنه أدار السلطة بدون مؤسسية وغيب المجلس وغابت فيها الشفافية المالية والإدارية والتنظيمية. * وتوالت الخلافات داخل السلطة.. حيث اتهمت حركة العدل والمساواة السودانية التي يتزعمها بخيت دبجو رئيس السلطة التيجاني سيسي بالتورط في محاولات لشق صف الحركة.. وكان الخلاف العاصف بين رئيس السلطة التيجاني السيسي وأمينها العام بحر إدريس أبو قردة الذي وصل مرحلة الاشتباك بالأيدي وكان سبباً في إلغاء التوقيع على مصفوفة من المشروعات. *تلك إشارات في مسيرة السلطة الانتقالية التي كان إنسان دارفور يعول عليها كثيراً في عمليات البناء ومعالجة آثار حرب أزهقت فيها آلاف الأنفس وتجذرت بسببها القبلية ولم تسلم منها حتى الأرض التي أضحت بوراً بلقع بعد ما كانت تجود لإنسان الإقليم بفومها وعدسها وبصلها وتأكل الإنعام من حشاشها.. تلك الحرب التي كانت كلفتها عالية على المستويين الاقتصادي والإنساني.. وقد أظهرت التقديرات التي أشارت إليها العديد من الدراسات والتقارير أن خسائرها خلال أعوامها العشرة الأولى حوالي (24.07) بليون دولار وهو ما يعادل (162%) من الناتج المحلي الإجمالي خلال سنوات الحرب.. منها (7.2) بليون دولار خسائر في الإنتاجية فقدها النازحون عن أراضيهم و(2.6) بليون دولار خسائر في المدخرات الحياتية فقدها القتلى في الحرب.. و(4.1) بليون دولار خسائر نتجت عن الإضرار بالبنية الأساسية وقدرت تلك التقارير أن الصرف على الحرب في دارفور استحوز على نسبة (23%) من الميزانية السنوية في تلك الفترة التي أشرنا إليها وعلى مستوى الخسائر الأخرى فقد خلّفت الحرب أكثر من (30) ألف قتيل وتسببت في نزوح (3) ملايين إنسان وبسببها أيضاً أُضرمت النيران في حوالي (3000) قرية. *تلك هي السلطة الإقليمية التي يطوي إنسان دارفور اليوم سجلها ويطوي معه ما اعتصره من حسرة وهو يرنو إلى غدٍ أفضل.