كشفت إدارة المخالفات البيئية عن ضبطها لعدد من مزارع خضروات شرق العاصمة الخرطوم تستخدم مياه الصرف الصحي غير المعالجة في ري محاصيلها الزراعية، وأكدت التحاليل المعملية عن تلوث تربة المزارع بمواد خطيرة تضر بصحة الانسان، ووجدت نسبة عالية من حساب الأكسجين الحيوي المستهلك تفوق المواصفة العالمية المحددة باكثر من (1500) درجة، والمواصفة العالمية حددت الحد الأعلى لوجود هذه المادة ب(7) فقط، فيما وجد المعمل البيئي ما يقارب (1600) من حساب هذه المادة، بجانب كشفه عن وجود معادن ثقيلة بكميات عالية . وعلمت (آخر لحظة) من مصادر موثوقة أن بعض هذه المزارع مملوكة لرجال أعمال معروفين يزرعون فيها بجانب الخضروات بالتركيز على العجور وأعلاف البهائم (أب سبعين)، ويفضل المزارعون بتلك المزارع استخدام مياه الصرف الصحي بدلاً عن استخدام الأسمدة مع وجود عناصر حيوية في تلك المياه تغنيهم عن شراء الأسمده . أوقات سعيدة ولكن .. وقبلها بأيام قليلة ضبطت إدارة المخالفات البيئية بالمجلس الأعلى للبيئة تناكر شفط الصرف الصحي من المنازل والمستشفيات تفرغ محتواها بمساحات خضراء مفتوحة للمواطنين كحدائق خضراء تقضي بها الأسر والمجموعات أوقاتاً سعيدة، ولكن أصحاب التناكر استغلوا بعض العاملين بهذه الحدائق بأمدرمان وشرعوا في تفريغ جوف تناكرهم وما تحمله من مياه صرف صحي غير معالج لتروي هذه المساحات الخضراء، فيما يتخوف خبراء في مجال الصحة من تأثير هذه المواد على الانسان وخاصة الاطفال في أعمار صغيرة، إذا تكررت زيارات الأسر لهذه الحديقة فإنه يتوقع إصابتهم ببعض الأمراض خاصة إذا حاول الأطفال العبث بالطين أو محاولة تذوقه، وعند تحليل المعمل البيئي لعينة من تربة الحديقة المعنية عقب ضبط تناكر الصرف الصحي متلبسة بتفريغ محتواها بالحديقة، ووجد المعمل وفقاً لمعلومات تحصلت عليها (آخر لحظة) كميات عالية من المعادن الثقيلة ودرجات عالية من حساب الاكسجين الحيوي المستهلك، وهو يعتبر من أهم مؤشرات التلوث بالمواد العضوية، بجانب وجود كميات عالية من المعادن الثقيلة، وكلاهما مجتمعين وفقاً للخبراء يتسببان في الإصابة بالفشل الكلوي أو ما يعرف بفشل الجهاز العصبي، وكثير من الأمراض المعدية والخطيرة . ووجهت نيابة حماية البيئة عدداً من التهم لملاك الحديقة وطالبت بتنفيذ توجيهات الخبراء البيئيين التي شددت على ضرورة إزالة التربة بحفرها لعمق ثلاثين متراً، وفرضت النيابة غرامة تصل لمبلغ (20) ألف جنيه سوداني، وإغلاق الحديقة لحين إجراء المعالجات . بكتيريات ممرضة ويتخوف الخبراء من وجود النسب العالية للعناصر الثقيلة بمياه الصرف الصحي غير المعالج وهي مجموعة من العناصر النادرة التي توجد بكميات قليلة، ولكن لها تأثيرات سمية للنبات أو الحيوان إذا وجدت فى المياه بتركيزات تفوق الحدود الحرجة في حالات استعمال المياه غير المعالجة في ري المزروعات، ويكون لهذه الممارسة آثاراً محتملة على الصحة العامة والمحاصيل والتربة والمياه الجوفية، وتحتوي مياه الصرف الصحي غير المعالجة على بكتيرات وفيروسات ممرضة، وعلى طفيليات تسبب عدداً كبيراً من الأمراض الهضمية، المَعِدِيَّة – المِعَوِيَّة المُعْدِيَة العجز عن المقاومة أما فيما يتعلق بالمحاصيل الزراعية فيرى خبراء زراعيون أنه لا يمكنها أن تقاوم تراكيز عالية من المعادن الثقيلة في التربة أو مياه الري، فتموت النباتات وتتلف، مما يسبب خسائر اقتصادية هامة. ويمضون بالقول :" إن ما نشهده من استعمال واسع لمياه الصرف الصحي غير المعالجة في الزراعة، يعود لكونها غنية بالمغذيات وتوفر الرطوبة الضرورية لنمو كل المحاصيل، وأن معظم المحاصيل تعطي مردودا أكبر مع الري بمياه الصرف الصحي غير المعالجة، مما يسمح بتخفيض استعمال الأسمدة الكيماوية، وهذا يوفر على المزارع الكلفة العالية، إلا أنه من جهة أخرى هناك تبعات سلبية، إلى جانب الإيجابيات التي أشرنا إليها متمثلة في أن وجود كميات عالية من هذه المواد والمعادن الثقيلة في المحاصيل الزراعية يكون أكبر من الجرعة التي تحتاجها أو المناسبة لنمو ونضج هذه المحاصيل، مما يؤديء في كثير من الحالات إلى نمو النباتات، ولكنه يؤخر نضجها. ويتخوف خبراء بيئيون من استحالة إحكام الرقابة على تناكر شفط الصرف الصحي، لكون أن غالبيتها ملكية خاصة، وأن الحل الوحيد هو إلزامها بإستخدام جهاز تحديد المواقع ال (جي بي إس) إلا أنهم عادوا وأكدوا صعوبة إلزامهم، وعليه ستظل هذه التناكر تشفط الصرف الصحي من المنازل والمصانع والمستشفيات وتسقى بها الحرث وتضر النسل .