و نسبة لتوافر السادة اليعقوباب على نسل مبارك ووراثةٍ مركبة فأمرهم له خصوصية مدركة لديهم فيما يتعلق بقوامة الأمر، وتوزيع المهام ووصل آثار الآباء كما أن تداخل الأسماء «يُربك» الزائر العابر غير ذو المَهَلة الكافية والسائد الأعم هو تخليف من هو أكبر سناً بحكم سابقيته هجرةً، إلا في حالة الإستثناء المُتراضٍ عليه.. ولكنهم كانوا الفحول في ميدان الفوز الأبقى، حيث استأنسوا بعوائد المولى المطلقة مُتجملين بجمال الباطن الصادق المجافي للوعة التعلق بالحطام الواهي والتفاخر المنحط، وهو المنيخ سرمداً بفناء العز الحقيقي والمُطِل على الجمهور بمفهوم الصالح العام بمعناه الأسمَى، إذ لم تستغرقهم متعة الحال عن سخاء العطاء رأفة بالعباد، فالعلماء ورثة الأنبياء.. والأنفاس تتجلى ختاماً إنهم لا يرون أنفسهم فوق أحد من الخلق، بل يرونها دون كل شخص، ولذا أعطاهم الله من الرفعة والمكانة والشرف ما لم يعطه لأحد في بلادنا، قد دفنوا أنفسهم في أرض الخمول، وما أحبوا الوصول حتى أحبهم الوصول، وما تكنوا بكنية زور ولا تمشوا في طريق الغرور. يظل السادة(اليعاقيب) يمثلون مساراً أرحب في نُهج التصوف الجاد كما يظل أرباب قيادِتهم أهلُ نشرٍ فوَّاح بأنسام الهداية، وأعباق المعرفة، وأريج الأذكار، ورحيق الأرواح، فهم رصيد من الأحوال والأقوال والأفعال، عنوانه بانقا كريم الضيف، وأبو قصة السُلطان، وهجو ابقرن، وعبدالرازق ابوقرون، وصالح جبل اللقمة، وبانقا الأغر، ومحمد النقر، وهجو الأحمر، وبانقا الأزرق، والتوم التام صاحب التائية المعلومة. ومن فروع اليعقوباب المشهورة التي لا يخطئها البصر السادة الهجواب ذرية الشيخ هجو ولد حماد الولي، الزاهد المشهور، والبحر الزاخر المسجور، الذي خرق من نفسه العوائد وخرقت له كذلك العوائد، وقد كان بدراً منيراً في سماء الكمالات، وفجراً مضيئاً مستطيلاً قد أضاءت به الجهات، أخذ الطريقة عن خاله الكامل الواصل سيدي الشيخ يعقوب رضي الله عنه ابن الشيخ بانقا الضرير العباسي نسباً والبهاري طريقة ومشرباً. والده سليل الدوحةالمحمدية وعترة آل بيت الرسول (صلى الله عليه وسلم) الشريف الحسيب النسيب حماد بن عبدالله المعروف بحماد الخفي، وهو من أشراف الحجاز حفيد سيدي الشيخ عبدالقادر الجيلاني. والدته بتول الغبشه بنت الشيخ بانقا الضرير عكاز مملكة الفونج، وأمير البحرين، وأخت الشيخ يعقوب فريد زمانه وشيخ عصره الأستاذ الأكبر والغوث الأنور الولي الرباني والقطب الصمداني وارث خلافة الجيلاني، وعمة فارس الحوبة، ووارث علم سيدنا سليمان في منطق الطيرالشيخ موسي أبقصة، ثم من بعد هي خالة سر أمانة الجيلي صاحب القول الخالد من عقولنا مانشدت الناس من أصولنا الشيخ عبدالرازق أبوقرون وقد ورد ذكرها في نساء رائدات في السودان، كانت عالمة زاهدة في الدنيا تدل صفتها على زهدها في الدنيا، حفظت القرآن على يد والدها، ودرست العلم على يد أخيها الشيخ يعقوب بن الشيخ بانقا الضرير، أقامت الخلاوي ودرست العلم، وانفقت في سبيل الله، وأوقفت الاراضي لوجه الله سبحانه وتعالي، ظهر صلاحها في ابنها الشيخ هجو ابقرن. وقد ساح الشيخ هجو أبقرن سنوات طويلة ويقال إنه في سياحته كان يصحبه كلب صيد فكان يطلقه على الطرائد من الغزلان، ويقول الشيخ هجو يا لحّاق بعيد فعندما يوشك الكلب أن يمسك بطريدته يقول الشيخ هجو يا حلال الضيق وتفلت الصيدة من الكلب.. وبعد أن طالت سياحته أرجعه خاله يعقوب من منطقة جبل موية. انتحل الشيخ هجو مذهب الصوفية، سلك الطريق على خاله الشيخ يعقوب، وأرشده وانقطع الى الله وانجذب وساح بالخلا مع الصيد، وتعبد في المياه حتى أن أباه شيخه اجابه وأرشده، و سلك وأرشد خلقاً كثيرة العدد، وظهر صدقه في أولاده فإنهم شيوخ الإسلام، منهم الشيخ عبدالقادر الذي مثل أبيه وأولاده كلهم صالحون، منهم الشيخ توم، والشيخ حجر، وكان خليفة أبيه من بعده وبيته معمور بالدين، ونسله ونسل بنيه صالحون، ودفن بأم مواكح وقبره ظاهر يزار.. وللشيخ هجو المذكور رضي الله عنه أربعة أولاد وكلهم من الأولياء الكاملين وكل من ينسب الى الشيخ هو من نسل هؤلاء الأربعة، وهم الشيخ حجر وكان خليفة أبيه، والشيخ التوم الزاهد جد أهل العزاز، والشيخ تاج الدين الذاكر المدفون بالشرق، والشيخ عبدالقادر راجل أم قزازة وكان رضي الله عنه قد بلغ في الاجتهاد الغاية وفي مخالفة النفس النهاية، وانفرد بالسلوك والإرشاد، ومن كراماته أن والده كان إذا دعاه باسمه فإن روحانية الشيخ عبدالقادر الجيلاني تحضر في الحال فيقوم والده على قدميه إجلالاً لها.. وهو والد الشيخ هجو الأحمر.. الشيخ هجو الأحمر كان رضي الله عنه مرشداً في الطريق ذاكراً الله تعالى، مشهوراً بالكرم والجود والوفاء بالعهود، وكان مجاب الدعوة، دعا على قوم أذوه متوسلاً فيهم بوسيلة وهي مشهورة فأجاب الله دعوته فيهم فلم تبقى إلا آثارهم وأخبارهم، وكان له عشرون من الولد حتى اشتهر بأبي العشرين جد المية، وهجو الأحمر أب زاداً مابخمر وقد تفرعت منه عدة فروع وله عدة أناشيد منها : سلكت طريق الله أول صبوتي على والدي المعروف صافي النية سلكت طريق الله صدقاً ومحبة على والدي المكنى أبو فاطمة أتاني توماً ومرزوقاً في خلوتي يطوفون حولي كرة بعد كرة أتاني موسى بن يعقوب في خلوتي قال عليك بحزب السيف هذه وصيتي الى ومن أخذ طريق القوم وأخلص قلبه ينال من الأسرار هذه إشارتي وصلى الله عليه ما دمت ناطقاً وراجياً من فضله نطق الشهادة وله أيضا كافية الشيخ هجو الأحمر ( استغاثة ) بسم الله يا كريم ندعوك وبالتوفيق عظيم الشان من الأعوان يدركني بلطفه على الأزمان أنا راجي الله الكافي ياكافي والشيخ هجو هو جد فريد العصر والزمان، وإمام وقته في السر والاعلان، أديب الأدباء وسلالة الصالحين والنجباء، أحد الأعلام المشار اليهم بالعلم والعمل، شيخ الطريقة ولسان الحقيقة، سيدي الشيح محمد توم ودبانقا « ريس أم كابور» صاحب الككر الذي أهدى اليه من أهله الفونج وقد حوله سيدي الشيخ التوم ودبانقا من رمز الدولة الي رمز الدعوه، فقد أجلس فيه أكثر من 360 شيخاً، ومنذ ذلك الوقت أصبح الككر رمزاً للسلطة الصوفية- إن جاز التعبير- وتجلت هذه الصفة في شكل الككر وهو مصنوع من كتلة واحدة من الخشب لها ستة أرجل، والشعراء يرددون ياجالس على أبستة كناية عن أن هذا الشيخ أيد وأجلس على الككر، وبذلك نال شرف أنه أجيز من شيخه. وقد مدحه الأديب بابكر بدري فقال: نار الدجي وتبلجت أغساقه وزهت تطول على الضحي أعناقه والكون زان وأسفرت أرجاؤه وتهطلت للمستقى أوداقه.