تلقى بريد (الإضاءات) رسالة من الأخ والصديق موسى عبد القادر الزين رجل الأعمال المعروف وأحد أعيان قبيلة وطريقة اليعقوباب، رسالة غاضبة رداً على حديث أدلى به والي سنار السيد أحمد عباس، واليعقوباب كما خبرتهم وعهدتهم قوم كرام على درجة عالية من الأدب والتواضع ينشرون المحبة أينما ثقفوا، ولكن يبدو أن السيد الوالي لم يتق غضب الحليم.. والشكر أجزله للأخ موسى على هذا الإطراء غير المستحق.. وفيما يلي نص الرسالة: إلى الأخ الصديق العزيز طه النعمان.. سلام من الله عليك.. كما تعلم فإن لدي علاقات واسعة وممتدة مع الإخوة في مجال الإعلام والصحافة، ولكني في هذا المقام رأيت أن أتوجه بهذه الرسالة اليك شخصياً، لأنها تتصل بموضوع يهمك بحكم علاقاتك وصلاتك الحميمة مع أهل التصوف في السودان قاطبة، ومع أهلك اليعقوباب خاصة، ما أعلمه من رباطك الروحي بتاريخ التصوف في السودان ذلك الرباط الذي جعل بروفيسور يوسف فضل أن يختارك ضمن ثلة من طلبته لمساعدته في تحقيق (طبقات ود ضيف). أكتب اليك لأنني أشعر بغبن حارق من قبل والي ولاية سنار، أحمد عباس، الذي قال في لقاء صحفي مع جريدة(الرائد) عندما سئل عن الطرق الصوفية.. (إن الطرق الصوفية نوعان، هناك طرق صوفية مسيسة، فمثلاً أهل العمارة مسيسون لديهم حزب ولديهم سياسيون، وهناك أهل الله ويعملون في خلاويهم ومسايدهم وغيرها). في البدء نتوجه للسيد أحمد عباس، الذي نعلم أنه من أبناء المنطقة من قرية الشمباتة شرق سنار- بالسؤال التالي: من هم (أهل العمارة؟) وماذا يعرف عنهم بالتحديد، وهل يجهل السيد أحمد عباس أن (أهل العمارة) هم من صميم اليعقوباب، وماذا يرمي من قوله إن أهل العمارة مسيسون ولديهم حزب.. وهناك أهل الله.. وألا يعلم السيد عباس أن أهل العمارة هم حفدة الشيخ بانقا أبو يعقوب، ثاني إثنين أخذا (الطريق بالذبح) عن الشيخ تاج الدين البهاري، وكان الآخر الشيخ محمد ولد عبد الصادق، وأنه من قلة من الرجال الذين حملوا لواء الدعوة الصوفية ونشروها في السودان منذ أكثر من 600 عام، وكانت الصوفية هي العماد الذي قام عليه دين الإسلام في السودان، في بلد كان جل أهله من الأميين، وكانت الصوفية باذكارها وأورادها وخلاويها التي تعلم القرآن والحديث والفقه هي مدخل السودانيين إلى الإسلام، بعد عصر سادت فيه الديانة المسيحية في المقرة ودولتي علوة مثلما سادت في بعض أنحائه الوثنية والديانات المحلية، ولا أظننا في حاجة لأن نشرح للأخ عباس من هم (اليعقوباب) أو دورهم في كل ذلك، لأن ذلك تاريخ معلوم وموثق، وإذا أراد الاستزادة فيمكنه الرجوع إلى أهله حتى يعلم من هم اليعقوباب. أنني أعرف من هو السيد أحمد عباس، بحكم أنني صادفته أكثر من مرة خلال زياراتي للمنطقة، وكنت كلما التقيته هناك وسط الأهل لم أكن أشارك فيما يتداوله من حديث، لعدم اقتناعي بجدوى حديثه وطروحاته التي لا علاقة لها بتنمية موارد المنطقة أو إنسانها، والتي كانت غالباً ما تنصب في صراعات داخلية- للأسف- داخل حزبهم ذاته، والذي يحاول تعميمه على مجمل اليعقوباب. ولكن من المهم أن يعلم الأخ أحمد عباس، والقائمون على الأمر، إن ما ورد على لسانه في تلك الصحيفة من تفريق بين (أهل العمارة) وبقية (اليعقوباب)، هو محاولة يائسة تستهدف شق صف اليعقوباب- قبيلة وطريقة- وهذا مرفوض تماماً، لأن تاريخ اليعقوباب شاهد على وحدتهم وتماسكهم عبر القرون ، ولأن اليعقوباب(أصلهم ما ناس دنيا) فإذا جاء(ناس الدنيا) ليفرقوا بينهم وفقاً لأهوائهم الدنيوية فإن مثل هذه المحاولة مصيرها - دون أدنى شك- هو الفشل.. ومن يخسر (العمارة) يخسر (اليعقوباب) قاطبة، واليعقوباب في ولاية سنار وحدها، يبدأون من قرية (أم حمرا والسبيل، وكاوا، والجعافرة، والسراج، وودسعد، وحلة الشيخ هجو، والحجاج، وكوش ، وتُباخة، وحلة الشيخ توم العزاز، والعمارة التي - التي نبذها- وحلة الشيخ هجو الأحمر، وحلة الشيخ التوم ودبانقا، وقباب أوليائهم تقف شامخة في كل قرية من هذه القرى، وكل قبة يتبعها آلاف المريدين، وخير شاهد على وزن اليعقوباب- يا أخ أحمد- زيارة السيد رئيس الجمهورية الأخيرة لولاية سنار، وهل وجدت خلال تلك الزيارة من يدعمك أو (يبيض وجهك) غير اليعقوباب، وماذا كان موقفك أمام الرئيس في بعض المناطق الأخرى التي رافقته فيها خلال تلك الزيارة، وماذا سمعت في تلك المناطق من هتافات؟. وفي الختام، نقول لك إننا كنا نمني النفس بأن تكون فترة ولايتك لسنار كأحد أبناء المنطقة- أن نشهد بناء مصنع أو مصنعين أو مشروع أو مشروعين لولاية تتوفر لديها كل الموارد الضرورية للتنمية، من يد عاملة وأرض خصبة شاسعة ومياه وفيرة، عوضاً عن الصراعات السخيفة والمؤسفة التي شهدها عهدكم بالولاية، وداخل حزبكم، الذي سعينا جاهدين لتوحيد صفوفه من خلف الكواليس (بنظرة قومية) تجاه السودان كله. والسلام على من اتبع الهدى موسى عبد القادر الزين محمد توم سبيل الشيخ محمد توم ولاية سنار