شهدت الفترة الأخيرة تقارباً كبيراً على صعيد العلاقات بين الخرطوموالرياض، أذابت حالة الاحتقان التي كانت قد مرت بها علاقات البلدين الشقيقين، والتي بلغت ذروتها حينما رفضت السعودية أن تعبر فوق أجوائها إلى إيران طائرة الرئيس البشير عشية مشاركة البشير في احتفالية تنصيب الرئيس الإيراني حسن روحاني قبل عامين، ولكن الدبلوماسية السودانية نجحت في تخفيف حدة التوتر في العلاقات، ومن ثم نجحت القيادة السياسية ممثلة في رئيس الجمهورية في تحسين العلاقات مع السعودية، بعد أن قلبت الخرطوم ظهر المجن لإيران اللاعب الأساسي (لتوار) الصداع بالمنطقة، كما أن تلك الخطوات المنهجية التي سارت عليها الخرطوم في طي الملف الإيراني والاستعاضة عنه بالانتفتاح نحو المحيط العربي، جعل مسافة التوتر بينها والرياض تتناقص حتى وصلت إلى التكامل في القضايا الاستراتيجية المهمة للبلدين، وزيارة الرئيس البشير اليوم إلى المملكة العربية السعودية والتي تستغرق يومين تجئ في إطار العمل على تعزيز العلاقات الثنائية وبحث تطورات الأوضاع بالمنطقة، وذلك عقب المباحثات التي سيجريها الرئيس البشير مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ويرى مراقبون أن الزيارة ستعمل على تثبيت ما تم تشييده من دعائم صلبة جرت في محيط علاقة البلدين تحالف عربي جديد ورغم تكرار الزيارات التي قام بها الرئيس البشير للسعودية في الفترة الأخيرة إلا أن هذه الزيارة تكتسب أهميتها في أنها تتم في وقت تشهد فيه المنطقة العربية الكثير من التوترات والتعقيدات، وقال الخبير الدبلوماسي السفير السابق بوزارة الخارجية الطريفي كرمنو: لا توجد ملفات معلقة بين البلدين تستوجب زيارة البشير المستعجلة للمملكة، لكنه عاد وقال إن قرار الكونغرس الأمريكي الأخير الخاص بالدول الراعية للإرهاب ربما يكون الباعث الأساسي للزيارة، وذلك من أجل الوقوف في صف السعودية، لأن القرارالأمريكي يستهدف السعودية بصفة خاصة، لأنها دولة رائدة في المنطقة العربية، وقال كرمنو إن لقاء البشير والملك سلمان اليوم في الرياض ربما أعطى السودان دوراً كبيراً في تحالف عربي جديد تعتزم المملكة قيادته من أجل معالجة الأوضاع المأساوية في سوريا راس الرمح وأشار السفير كرمنو إلى أن ما ظلت تؤكده الخرطوم بأن أمن السعودية خط أحمر بالنسبة لها، والخطوات العملية التي اتخذتها في تعزيز خطها الذي رمت به في هذا المضمار عبر طيها لصفحة إيران، وفتحها لصفحة السعودية عبر بناء علاقة استراتيجية تعزز ملفات التعاون بين البلدين على طاولة المسارات السياسية والاقتصادية التي نشطت عراها مؤخراً في النهوض بميزان التعاون التجاري على صعيد السودان، باعتبار أن المملكة تمثل أكبر مستثمر في السودان من خلال احتلالها المرتبة الثانية بعد الصين في الظفر بالسوق السوداني، وفي ذات الإطار يشير الخبير الاقتصادي البروفسير الكندي يوسف إلى أن الاستثمارات السعودية في السودان تجاوزات ال(8) مليار دولار خلال الفترة الأخيرة عبر استثمارات مباشرة أو تلك التي تمت من خلال الشراكات الذكية التي انصب أغلبها في مجال زراعة الأعلاف والاسيتراد في مجال الثروة الحيونية، وزاد أن دخول السعودية كلاعب أساسي في هذا المضمار جعل الثروة الحيوانية من أكبر السلع الهامة في البرنامج الخماسي الخاص بالإصلاحات الاقتصادية للدولة، مؤكداً بأن السعودية تمثل رأس الرمح في إنجاح البرنامج الخامسي المطروح من الدولة عبر أياديها البيضاء الممدودة عبر الودائع والدعومات التي تقدمها زيارات اجتماعية الزيارات المتكرره للرئيس البشير للملكة السعودية خلال الفترة الماضية أفضت نتائجها في نهاية المطاف إلى إرجاع المياه إلى مجاريها بين الخرطوموالرياض، ويرجح المحلل السياسي د.صلاح الدومة أن أغلب الزيارات التي قام بها البشير في الفترة الماضية إلى المملكة لم تكن كلها تصب في ميزان الزيارات الدبلوماسية، مشيراً إلى أن بعضاً من هذه الزيارات خرج من الطوق السياسي إلى مناحي شخصية متعلقة بالصحة العامة للرئيس من خلال الاستشفاء والاستجمام، ويقول الدومة إن أغلب زيارات البشير للسعودية يتم تصنيفها تحت إطار العلاقة الاجتماعية، إلا أنه عاد وأشار إلى أن تلك الزيارات أفضت إلى نتائج اقتصادية وسياسية ودبلوماسية ايجابية، خاصة على صعيد الدعومات التي ظلت تقدمها السعودية للبلاد تبادل المنافع وبالمقابل حمل أستاذ العلاقات الدولية بالإسلامية د.راشد التجاني ريشته الفنية ليرسم أزهى لوحة في صعيد تنامي علاقات الخرطومبالرياض من خلال الإشارة الموجبة التي بعث بها في سياق العلاقات السودانية السعودية التي قال إنها هذه الأيام تمر بأحسن الأوضاع، من خلال تلميحه للزيارة الحالية التي قام بها البشير للمملكة، معتبراً أن السر المفاجئ في تقدم علاقات البلدين يكمن في المرونة السياسية التي بذلها السودان خلال العامين الماضيين عبر محاور ملفات تعليقه لعلاقته مع إيران، ومشاركته في عمليات عاصفة الحزم ودعمه المباشر للسعودية في قضية نزاعات الحج التي حدثت مؤخراً مع إيران، ومضى بحديثه إلى أبعد من ذلك حينما دلف إلى أن الدعم السياسي الذي يطرحه السودان حيال السعودية تقابله الأخيرة بدعم اقتصادي للسودان، ويضيف أن تطور علاقات الخرطومبالرياض انعكس بظلاله الايجابية في تحسين صورة السودان أمام المجتمع الدولي، سيما الدول الغربية، مرجعاً الأمر إلى النفود السعودي على المجتمع الدولي، وقدرته على التاثير عليه.