تبقت أيام من بداية أشهر استفتاء في تاريخ القارة الأفريقية، بل تبقت ساعات من ذلك الاستفتاء الذي يحدد مصير الجنوب، بل مصير كل السودان ولكن مع كل ذلك تبقى محاولات التشبث بقشة للتواصل بين الشمال والجنوب باقية على الرغم من أن زمن مباراة اتفاقية نيفاشا قد نفذ وتبقى فقط الزمن بدل الضائع، وربما قال البعض إننا نلعب في ضربات الجزاء، ومن واقع هذا التشبث وتفاصيل أخطر اللحظات في تاريخ السودان، كان هذا الحوار مع والي ولاية البحيرات المهندس شول طونق أو كما يناديه معاونوه ومواطنو ولايته حاكم ولاية البحيرات، وقد كان اللقاء في حاضرة ولايته « رومبيك» .. وقد جاءت حصيلته على هذا النحو: ألا تعتقد أن التوأمة بين ولاية الجزيرة والبحيرات جاءت في الزمن بدل الضائع؟ بالنسبة لي أنا انظر لها من ناحية تواصل بين شعبين، شعب ولاية البحيرات وشعب ولاية الجزيرة، خاصة بين الشعب الشمالي والشعب الجنوبي، ومن الناحية الاقتصادية فإن ولاية البحيرات ولاية زراعية كما ترى، وولاية الجزيرة أيضاً ولاية زراعية، فنريد أن نستفيد من قدرات ولاية الجزيرة لاستغلالها في تطوير المجال الزراعي، وأيضاً فهي تربط بين الشعبين من ناحية ثقافية واجتماعية ومجالات أخرى، وهذه هي الأهداف الرئيسية لدعوة السيد والي ولاية الجزيرة ليزور ولايتنا ويرى واقعنا ومن بعدها نقوم بتوقيع وثيقة تربط الولايتين. قد يقول البعض إن هذا الأمر قد جاء في الزمن الضائع، خاصة بعد قرب قيام الاستفتاء؟ الهدف من الزيارة كما ذكرت هو التواصل بين الولايتين حتى ولو انفصل الجنوب، ففي كلا الحالتين يمكن أن نتواصل وهو غير مربوط بالاستفتاء حسب نظرتي له، فنحن ننظر له من منظور بعيد. هل تتوقع استمراريته حتى إذا حدث انفصال؟ طبعاً أنا أتوقع استمراريته من جهة ولايتي، أما من جهة ولاية الجزيرة إلا في حالة حدوث تغييرات سياسية وهي أشياء لا نتوقعها، لذلك نريد أن يكون في الوثيقة أن تستمر هذه التوأمة حتى ولو حدثت تغييرات سياسية في الولايتين، فإن هذه الوثيقة سوف تكون ثابتة للناس لتواصل فيها. السيد الوالي كل الأدلة وقرائن الأحوال تشير إلى أن الجنوب يسير نحو الانفصال، وعرفت أيضاً من خلال حديثك أن الناس فشلوا في أن يجعلوا الوحدة جاذبة، فما هي توقعاتك وقراءاتك بمنتهى الصراحة؟ طبعاً بكل صراحة أنت إذا سألت أي شخص عن هذا الأمر سيقول لك أتوقع الانفصال.. والسبب أن الست سنوات التي مضت هي سنوات ضائعة، والناس الآن تلعب في الزمن الضائع ونحن ضيعنا زمناً كثيراً، والوحدة كانت عندها فرصة كبيرة والحركة الشعبية كانت ترغب في وحدة جاذبة، لكن للحسابات السياسية الأخرى. هل تحمِّل المؤتمر الوطني المسؤولية صراحة؟ بصراحة أنا أحمل المؤتمر الوطني المسؤولية لأن قسمة الثروة لم تسر كما كان متفقاً عليها، وأغلب البنود في الاتفاقية لم تسر أيضاً كما كان متفقاً عليه، مثال أن الحدود بين الشمال والجنوب لم ترسم، وهناك أشياء أبسط من ذلك يفترض أنها تنفذ في الفترة السابقة ولم تنفذ، ولو تم ذلك فإن الحركة الشعبية كانت ستقوم بإقناع الشعب بأن الوحدة جاذبة ويمكن أن تستمر كدولة واحدة. السيد الوالي صراحة أنت على المستوى الشخصي مع الوحدة أم الانفصال؟ أنا على المستوى الشخصي الآن مع الانفصال. لماذا؟ للأسباب التي تم ذكرها، وتحدثت عن أن الطرف الثاني غير مخلص في أن يكون السودان دولة واحدة رغم التجانس العرقي والديني الموجود، وهذا التباين كان يفترض أن يكون عنصراً وحدوياً وليس العكس، وهناك دول كأمريكا فيها تجانس كبير جداً. لكن بعض قيادات الحركة الشعبية متهمون بأنهم حرضوا شعب الجنوب على الانفصال، وقاموا بتعبئة المواطن الجنوبي في هذا الاتجاه.. والمؤتمر الوطني قال إنه أوفى بالتزاماته والحركة هي المقصرة.. ما ردك؟ أرد على حديثك بالمقارنة بين الشمال والجنوب من ناحية التنمية، ففي الفترة السابقة كان يفترض أن تنفذ مشاريع كبيرة جداً على أرض الواقع كالمستشفيات لتحسين الحالة الصحية، وتحسين الحالة التعليمية بإقامة المدارس والجامعات، وتشييد الطرق لربط المدن ببعضها، فمثل هذه المشاريع لو تم إنزالها على أرض الواقع لاقتنع المواطن البسيط بالوحدة، لكن هناك أشياء تم الاتفاق عليها بين الطرفين والطرف الآخر تنصل عنها. ما هي رسالتك للشعب السوداني الموحد قبل نهاية الاتفاقية؟ رسالتي أنه لا أحد يستطيع معرفة القدر، فالشعب السوداني عليه تحمل مسؤولية ما يحصل، لكن لو حصل انفصال يفترض أن تستمر العلاقات الودية بين الشمال والجنوب، وسلفاكير في حديثه قال إنه حتى حق الجنسية والباسبورت والمواطنة يجب ألا توجد، فيجب أن يكون هناك حق المرور بين الشعبين الشمالي والجنوبي، فنقول للشعب السوداني إنه مازالت هناك قضايا عالقة وإن الزمن لم ينتهِ بعد. هل يمكن أن تحدث معجزة في الأيام القليلة القادمة؟ لا أحد يعلم ذلك ولا استطيع أن أعد بذلك، ولو حدثت معجزة إلا تكون هناك قرارات سياسية خلال الفترة القادمة تقوم بها الحركة الشعبية. هل تتوقع أن تقوم الحركة الشعبية بقرار شجاع مثل هذا في لحظة تاريخية كهذه؟ المشكلة ليست في الحركة الشعبية، المشكلة في الإنسان الجنوبي.. من يقنع الشعب الجنوبي. أليست لديكم أجهزة إعلامية وهناك البعض الذي اتهمكم باستخدامكم للسلطة والقوة لقهر المواطن الجنوبي ليصوت للانفصال؟ لم يحدث هذا، وحديثي في كل المحافظات التي تتبع للولاية يدور حول اختيارهم للوحدة أم الانفصال. خطاب الحركة الشعبية يدعو الشعب الجنوبي للتوجه نحو الانفصال.. وتمت تعبئة الشعب الجنوبي بصورة سلبية؟ أنا طبعاً أمثلهم وأنا منتخب من قبل شعب الولاية، وعندما يكون الرأي العام متجهاً نحو الانفصال ماذا أفعل.. هل تريدني أن أذهب عكس الرأي العام. من ماذا تخافون إذا ذهبتم عكس الشارع.. هل تخافون أن يقتلعكم؟ المسألة ليست خوفاً وهي نفس الوضع في الشمال، فالمؤتمر الوطني هناك أشياء لا يريد تنفيذها خوفاً من الرأي العام الشمالي أن يكون ضده. مثل ماذا؟ مثل قضية أبيي وهي قضية واقعية يفترض أن تحسم، وكذلك الشريعة الإسلامية واحد منها، فهل يستطيع الرئيس البشير أن يعلن أن الدولة الإسلامية دولة علمانية. هل يوافق سلفاكير على أن تكون هناك دولة إسلامية في الشمال ودولة علمانية في الجنوب مقابل الوحدة؟ يمكن لسلفاكير أن يعلن ذلك، ولكن هل الرئيس البشير يستطيع أن يعلن ذلك.