أقل من أربعة أشهر تفصلنا عن الحدث التاريخي الذي ستشهده البلاد بتقرير الجنوبيين لمصيرهم والتصويت لصالح خيارين فقط إما البقاء في داخل منظومة السودان الواحد أو الانفصال وتكوين دولة مستقلة، وبحسب المؤشرات والتنبؤات فإن الخيار الأخير أصبح هو الأقرب . (الصحافة) التقت بوزير رئاسة مجلس الوزراء والقيادي بالحركة الشعبية د. لوكا بيونق وفتحت معه عدة ملفات ساخنة في هذا الشأن فإلى مضابط الحوار. * انتقلت من وزارة رئاسة حكومة الجنوب إلى وزارة مجلس الوزراء القومي هل هي ترقية ؟ - لا أقول إنها ترقية ولكن الحركة الشعبية من تحدد الوقت المناسب لتلعب فيها كوادرها الادوار فمثلاً إذا طلب مني تقلد منصب وزير في ولاية فإنى أرى في ذلك تقديراً كبيراً لي للمساهمة في المرحلة، عموماً الانتقال ليس ترقية ولكن الحركة ترى أن الوقت المناسب للعب دور على المستوى القومي هذا تقدير كبير بالنسبة لي في تقديم خدمات للشعب السوداني وفي إطار رؤية الحركة. * هناك من سبقوك في المناصب الوزارية من قادة الحركة الشعبية معظمهم شكا من رمزية المشاركة هل انسحب ذلك عليك أيضاً بعد ربع المدة التي قضيتها كوزير؟ -أنا لا اريد أن أقيم نفسي مع آخرين ولكل وقت طبيعته، عموماً عندما استلمت عملي كوزير في مجلس الوزراء كان بداخلي تحدي، خاصة والجو سيكون غريباً بالنسبة لي إذا ما قورن مع الجنوب ولكن وجدت أمراً مغايراً كلياً فمؤسسة كبيرة كمجلس الوزراء فيها نظام ومؤسسية ولأول مرة في العمل العام اقدر الخدمة العامة والموظفين فهناك مستوى عالٍ من الكفاءة وبصراحة ما قدرت أصدق انني في مؤسسة داخل السودان، قمة في الإبداع في العمل وتحس أن الكفاءات موجودة والنظام ، وانفعلت وسعدت كثيراً للعمل بالمجلس خاصة وأن الجو كان داعماً، حتى أن هناك برامج داخل الأمانة لأخذ الفكرة الموجودة بالمجلس للولايات والجنوب فالجو مشجع للعمل سواء على مستوى رئيس الجمهورية ونائبيه الأول والثاني أو على مستوى الزملاء والوزراء فجميعهم لهم السند والدعم لي. وهذا كله منحني انطباعاً جميلاً عن العمل في الشمال وافتخر بذلك. * تحدثت عن انطباعات محددة كانت تراودك وانت تنطلق للخرطوم، ما هي تلك الانطباعات؟ - أنا على دراية تامة أن الخدمة المدنية في السودان على المستوى العام كانت تأتي بعد الهند ولكن في الفترات السابقة منذ السبعينيات تكاد تكون انتهت أو سيست، والفكرة التي بداخلي عن الخدمة المدنية أنها انهارت خاصة وأننا عندما جئنا كحركة جديدة ودخلنا لجوبا بعد اتفاق السلام الشامل الخدمة المدنية وجدناها وقتها تحت ما يسمى بمجلس تنسيق الولايات الجنوبية ؟؟ مما أثر في الانطباع العام عن الخدمة في السودان عموماً. ولكن بعملي في مجلس الوزراء وجدت أن الخدمة بخير وأن المشكلة الاستفادة من الخبرات والكفاءات الموجودة وتوظيفها جيداً. * تلاحظ أن الصف الأول من الحركة الشعبية اتجه جنوباً عدا أنت؟ - الحركة لها خيارات في زيادة الخبرات والكوادر وأهم شيء من الناحية الآيديولوجية أن الفترة الأولى كانت تعطي أساساً لموضوع الحكم وأن تمضي اتفاقية السلام الشامل بسلام في هذا كان لا بد أن تجلب الكوادر للشمال، فوجود الكوادر الأساسية في الشمال يعكس مدى التزام الحركة بالقضايا القومية وكيفية مساهمتها في برنامج السودان الجديد، ووضع أرضية للسلام، فإذا لم يكونوا في حال الكوارث ربما عادت البلاد لمربع الحرب. ثانياً في الفترة الأخيرة الاستراتيجيات تغيرت فهناك تحدي فيما يتعلق بالجنوب على رأسه الاستفتاء وهذا يحتاج للعمل من ناحية تجهيز الأرضية للاستفتاء والكفاءات لتستطيع الحركة إدارة خيار شعب الجنوب لأن أي أخطاء يحدث في إطار الاستفتاء ستنتج عنه نتائج غير مرضية وربما سيسفر عنه ردود أفعال. * لماذا تم نقلك للشمال خاصة وأنك في الجنوب كنت تمسك بملفات هامة وحساسة؟ - أعتقد ان الحركة رأت انني يمكن أن اقدم خدمات فيما يتعلق بتنسيق العمل شمالاً وجنوباً بحكم علاقتي مع كل الوزارات والولايات مما يكون له اثر فيما يتعلق بالمعاملة مع الجنوب بطريقة أسهل خاصة بين الحكومة القومية وحكومة الجنوب. * يؤخذ على الحركة من خلال مشاركتها في المركز في الفترة ما قبل الانتخابات أنها لم تضع بصمات واضحة لتلك المشاركة وأنها كانت رمزية؟ - من الأشياء التي لم نستفد منها في الحركة علاقات الحركة القوية مع كل دول الجوار والدول الغربية خاصة أمريكا، ففي الفترة الأولى استهلكنا نفوسنا فعناصر من المؤتمر الوطني وقتها كان كل همهم البحث عن طرق للخلاص من الحركة خاصة في الشمال فالروح لم تكن جيدة، كما اننا ضيعنا وقت حول قضية وزير الخارجية وقتها د. لام اكول والسياسات المتعلقة بوزارته، كما أن الوزارات الأخرى كان بها شعور عدم الثقة في الفترة الأولى كما أن التحدي أنها لم تكن لدينا إلمام كافي بنظام الحكم في المركز فالأرضية لم تكن متيسرة وغير جيدة لإحداث نتائج، عموماً القضايا التي رفعتها الحركة في الفترة السابقة خاصة الديموقراطية فعندما نقيم اتفاق نيفاشا من 2005م وحتى اليوم فيما يتعلق بالحوار لأول مرة يجد المؤتمر الوطني رأياً آخر موازٍ له وهو رأي الحركة في القضايا القومية كحرية الصحافة والقوانين وخلافه، فالحراك الموجود على مستوى الحكومة نتج عن تغيير كبير في الجو السياسي بالبلاد على مستوى الحوار، فالسؤال عن هل نجحت الحركة على المستوى القومي؟ أؤكد أنها استطاعت ان تضع أرضية لوجود رأي آخر ونجحت في إيجاد المساحة للتغيير، ولكن الحقيقة أن التغيير لم يحدث ولذا بعد الانتخابات وجدنا أن الارضية لتكون لوزراء الحركة بصمات على مستوى المركز. - ما هي أوجه الاختلاف؟ - قبل الانتخابات الصراع كان في ان لكل طرف اطروحاته والكل يسارع نحو الانتخابات لكسب الشعب ولكن الآن أصبح جلياً للمؤتمر الوطني أن الحركة لا يمكن أن تنتهي وبأنها حركة قومية بترشيح ياسر عرمان لمنصب رئيس الجمهورية لأول مرة بعد مشروع السودان الجديد في الشمال وبطريقة قوية ومعبرة، لذا التيار الذي كان موجوداً داخل الوطني ويحاول أن ينتهي من الحركة أصبح غير موجود بعد ان انكشف ان للحركة ارضية سياسية قوية والمفاهيم تغيرت فزمان كان ينظر للحركة كأنها فاسدة ولا سند لها عموماً تغير الجو السياسي، وهذا يساعدنا في العمل على المستوى القومي. * هناك مزاعم تفيد أن المؤتمر الوطني دائماً ما يحاول التأثير في الوزراء الجنوبيين وتغيير توجهاتهم هل لامست ذلك؟ - من جاءوا للمناصب المحددة بالمركز جاءوا بمعايير محددة ولهم مساهمات بالحركة وعلى دراية تامة برؤيتها وهي كوادر لا يمكن التلاعب بها، صحيح أن هناك من يأتي بطلب لتسهيل الوضع للعمل والتعامل معك ولكن الواحد يعلم ماذا يريد أن يفعل ولو هناك من يفكر مجرد التفكير في إغرائي أو الإملاء علي فهذا الشخص يكون ما بيعرفني (ضحك بتحدي) وواصل مافي زول يحاول ان يملي على احد لأننا واضحين في هذه القضايا، وعموما أنا لم الحظ ذلك ووجودنا في المنصب مبني على الوجود السياسي والالتزام تجاه الشعب والبرامج المتفق عليها بين الشريكين في إطار اتفاقية السلام الشامل. * في الفترة الاخيرة ومن خلال تصريحات لقادة الحركة اتضح أن توجهات الحركة انفصالية، هل هذا يعني أن برنامج الوحدة انتهى بموت زعيم الحركة د. جون قرنق ؟ وهل تعتقد أن القيم والافكار يمكن أن تنتهي في أية لحظة أم يمكن أن تتجدد؟ - مشكلة أن الحركة تخلت عن برنامج السودان الجديد والوحدة، القراءة السياسية في ذلك غير صحيحة ولم اجد احداً من قيادات الحركة يقول إنه سيصوت للانفصال. موقف الحركة الآن تهيئة الجو لكلا الخيارين الوحدة والانفصال، والمعضلة الحقيقية للحركة في ماذا تقول للجنوبيين اتقول إن الوحدة جاذبة؟ وهناك تساؤلات حولها، نحن مع المؤتمر ضيعنا وقتاً ودائماً ما نقول تجربة الرئيس الاسبق جعفر نميري وكيف انه دخل قلوب الجنوبيين واصبح اكثر رؤساء السودان شعبية في الجنوب من خلال التزامه واحتكاكه بالجنوبيين والوقوف معهم مما جعلهم يحسون انه رئيسهم، قلنا للمؤتمر الوطني عندكم بترول وجبتو حق تقرير المصير ولكن المشكلة انكم ضيعتم الوقت في كيف تنتهوا من الحركة وتواصلوا مشروع الإنقاذ لذا في اللحظة الاخيرة اصبحوا يثيرون قضية الوحدة الجاذبة بعد أن كانوا في الفترة السابقة يحاولوا بشدة تشويه صورة الجنوب وتصغير الحركة. والآن يريدون الحركة أن تتحدث عن وحدة جاذبة أي وحدة جاذبة هذه؟ فالسؤال الذي يطرح نفسه هل السودان الآن جاذب؟ حتى للشماليين وهل المغتربون اقتنعوا بذلك، فأي مثال قدمناه للسودانيين ليفتخروا به ويكون جاذباً لهم حتى لتيارات الحركة والوطني نفسه. فإذا سألت بعض ناس الوطني تجد آراء مختلفة وأنهم لا يفتخرون به إما فيما يتعلق بمشروع السودان الجديد حتى ولو الجنوبيون صوتوا لصالح الانفصال فإنه سيكون المشروع الوحيد الذي هز الشعب السوداني وهذا قسناه عندما قدمنا ياسر عرمان مرشحاً للرئاسة فحتى الشباب الذي ليس له علاقة بالسياسة استيقظوا ووقفوا خلفه لأول مرة فالمشروع الوحيد الذي يمكن أن يأتي بالأمل والتغيير للبلاد وعبره فقط سيكون الشمال جاذباً، ومن الخطأ الاعتقاد أنه إذا انفصل الجنوب فإن مشروع السودان الجديد انتهى فالتغيير مستمر وهو يأتي بمراحل. و الانتخابات حتى لولم تأتِ بالتغيير الحقيقي فإنها أصبحت بداية له فخيارات الحركة الاسلامية واضحة والشعب جربها (21) عاماً ومشروع السودان مهم ولا بد ان تتبناه الكوادر الشمالية. أما فيما يخص الحركة فهي تحتوي خيارات شعب الجنوب لتكون أرضية لعكس مشروع السودان الجديد لأرض الواقع، فالتحدي الكبير للحركة ليس الوقوف ضد تيار الانفصال وإنما تستفيد من ذلك التيار في القضايا الأساسية للتغير نحو الأفضل فالأمر الموجود ليس قضية وحدة أو انفصال وإنما أن يكون مشروع السودان الجديد أساساً للتغير شمالاً وجنوباً. وليس صحيحاً القول إن مشروع السودان الجديد انتهى بوفاة د. جون قرنق لأن الرؤية دخلت في قلوب السودانيين ورأوا فيها الأمل كما أن للمشروع كوادر موجودة. * أنت تقول إن التصويت للانفصال لا يعني نهاية مشروع السودان الجديد ولكن المشروع قائم على فكرة السودان الموحد؟ - السودان الموحد ليس بالضرورة أن يكون مع الشمال وليس هناك رؤية سياسية قائمة على اتجاهات جغرافية فالفكرة هي الفكرة، حتى الجنوب يحتاج لوحدة وأيضا الشمال على أسس السودان الجديد من أعلى المستويات حتى الأدنى. * هناك من يأخذ على الحركة انكفائها جنوباً وأن رئيسها سلفاكير ميارديت لم يقم بمهامه الموكلة إليه كنائب أول بالشكل الامثل وان الرجل قضى طيلة السنين الأربعة الماضية بالجنوب ولا يأتي للشمال سوى في المناسبات واجتماعات الرئاسة؟ - هذه إشكالية في معاملتنا بالسلطة، فنحن حاولنا وقت كان التشويه الأكبر للجنوب من قبل صحيفة الانتباهة وصحف أخرى التي تطال الحركة والجنوب ولم نجد وقتاً، فمعظم الوقت استهلك في إطفاء النيران التي نشبت بالجنوب، فلو سلفاكير جاء للخرطوم تحدث إشكالية في الجنوب كما أنه في الخرطوم لا يجد أرضية لحلحلة كل المشاكل التي لها تأثير بالجنوب عموماً الوضع في الجنوب استدعى وجوده هناك وبوجوده هذا قدم للجنوب أنه رئيس شعبي ولذا أخذ ثقتهم، والخيار كان صعباً بالنسبة لسلفاكير فيما بين جوباوالخرطوم وكان الأفضل أن يستثمر وقته في الجنوب ورفقاء الحركة في الشمال استطاعوا أن لا تنحصر المؤسسية في شخصيات فللحركة كوادرها التي يمكن ان تعطي نفس الشيء. وأهم ما في الأمر أن سلفا نجح في الدخول لقلوب الجنوبيين وصوتوا له في الانتخابات الأخيرة بنسبة لم تحدث في تاريخ السودان. * حديثك يفهم منه أن الحركة غير معنية بالشمال؟ - الحركة قامت في الجنوب والسند الاكبر لها هناك إلى جانب الثقل السياسي وهذا واقع وفي فترة كما قلت سابقاً إن الوطني حاول الانتهاء من الحركة وتشويه الجنوب ولذا تتطلب ذلك تقوية الثقل السياسي ولو كان الشريكان منذ البداية وضعا تصوراً واضحاً للجنوب لما قضينا وقتنا في إخماد النيران، وليست المشكلة أن يركز على المشكلة ولكن المشكلة الأسبقيات لأن التحدي أمام الحركة هو أن تكون موجودة أولا . والاختبار الكبير كان في الجنوب. * هناك من يرى أن الحركة لم تقدم شيئاً للوحدة من واقع الأرض وكل ما تقوم به مجرد تصريحات فقط؟ - الوحدة مؤسسات وأطروحات سياسية، ماذا في يد الحركة لتعمله لتكون الوحدة جاذبة، صحيح أن للحركة اطروحات وناقشتها في اتفاقية السلام الشامل وأيضاً اتفاق مشاكوس وأن تكون مصادر القانون الشريعة والرغبة الشعبية في السودان ومع مرور الزمن يكون السودان موحداً مبني على المواطنة، كما أن مبدأ أن الشريعة لا تطبق في الخرطوم لتكون الخرطوم عاصمة قومية تعددية، عموماً الحركة قدمت التغيير السياسي وانفتاح الحريات وليس مجرد كلام. * سبق وأن تحدثت أن التغيير لا يأتي بين يوم وليلة وقادة الحركة يتحدثون عن انفصال وشيك برغم أن الحركة حاربت (21) عاماً لتحقيق العدالة للجنوب ألا يمكن ان تقاتل من أجل الوحدة؟ - خيار الانفصال ليس في يد الحركة وإنما في يد شعب الجنوب والهدف من مشروع السودان الجديد ليس الوحدة في حد ذاتها وإنما الهدف تغيير السودان للأفضل فتعليق المشروع بالوحدة أو الانفصال قصر نظر فالناس عندما خرجوا جنوبيون وشماليون وحاربوا كان ذلك بهدف التغيير وليس بهدف الوحدة. * الحركة حتى الآن مواقفها ضبابية من خياري الوحدة والانفصال فتارة نجد مجموعة من القادة تدعم الانفصال بقوة وأخرى تدعم الوحدة بقوة هل هذا يمثل مؤشراً لعدم التوافق داخل منظومة الحركة حول أحد الخيارين أم أنه مجرد تكتيك سياسي؟ - سأتحدث أولاً عن موقف الحركة الإسلامية من الوحدة قبل الحديث عن ضبابية موقف الحركة، نحن ندرك تماماً، ومنذ البداية ناهيك عن وصف الحركة الإسلامية للجنوب بالفراغ الثقافي وإشكالية ملئه بالثقافة الإسلامية العربية فبعضهم كان يرى أن الجنوب يجب أن لا يقف عقبة في إنفاذ المشروع الإسلامي بالسودان وهذا اكبر فرق بيننا والمؤتمر الوطني فالوطني والحركة الإسلامية تؤمن بالولاية والوطن لا يشكل أساساً بالنسبة لهم وحتى الخيار داخل الحركة الإسلامية واضح أن أهدافهم الإسلامية ليس فيها الجنوب وأن يسير المشروع بمعزل عن الجنوب. عند إشارتهم للوحدة تأتي في الإطار الإسلامي، فبعض عناصر الوطني قالت إن وحدة د. جون قرنق الأفضل منها الانفصال. أما فيما يتعلق بضبابية موقف الحركة نعم هناك ضبابية وجاءت نتيجة لأن الوقت مضى وأن الخيار الموجود الآن ليس جعل أحدهما جاذباً سواء وحدة أو انفصال وإنما خلق أرضية للجنوبيين ولكن رؤيتنا واضحة أننا نريد وحدة على أسس جديدة وأنه لا بد أن يحدث تغيير حقيقي في نظام الحكم بالبلاد. نحن منذ بداية مفاوضات ما بعد الاستفتاء حول خياري الوحدة والانفصال هناك من اقترح عند الحديث عن الوحدة أن تكون مبنية على علاقة الدين والدولة لمناقشتها ولكن المؤتمر الوطني رفض حتى مجرد النقاش وأكد أن تلك القضية منتهية، عموماً لا توجد ضبابية بمعنى الكلمة في مواقف الحركة ولكن الظروف لم تمكن الحركة من أن تقدم شيئاً للجنوب لتقول لهم أنها الأفضل. * كيف تنظر للمبادرات التي انطلقت مؤخراً لترجيح خيار الوحدة الطوعية؟ - أولاً أنا أرى ضرورة أن تتحول تلك المبادرات من الخرطوم إلى الجنوب ليفتح عبرها حوار صريح حول الخيارين . ثانياً يظهر أن هناك طبولاً يستقطب بها شعب الشمال باستخدام عبارات تجريمية كعبارة (منقو قل لا عاش من يفصلنا) ففي تلك تجريم واضح فهي ترى أن كل من يختار الانفصال ويقرره ارتكب خيانة عظمى للدولة السودانية فكأنما تريد أن تقول للشماليين اي زول يصوت للانفصال مفروض ما يعيش بيننا، وأن أجدادنا سلمونا البلد موحدة مما يمثل استقطاباً للمجتمع الشمالي، سيتضرر منه الجنوبيون الموجودون في الشمال لا سيما وأنه سينظر لهم كمرتكبي جرائم إذا اختار الجنوب الانفصال وسينظر لهم كخونة وقس بعد ذلك العواقب، فهناك كراهية أصبحت تخلق وتجريم في قضايا الوحدة والانفصال، فلا بد من التركيز على العلاقات القوية بين الجنوب والشمال، عموماً أنا اعلم تماماً أنه بعد إعلان النتائج ستفقد أرواح عديدة عبر تلك الإشارات السلبية وهناك بعض الناس ستقول لماذا تمنح الجنوبيين الموجودين في الشمال الجنسية ونمنحهم حق الاختيار وما هو المقابل لكل ذلك؟ كأنما نحن في سوق يحسب فيه الربح والخسارة. فالتحدي الأكبر الذي امام الشريكين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية إرسال رسالة قوية للمواطن الجنوبي والشمالي فحواها ان الانفصال إذا وقع فإن العلاقات الاقتصادية والاجتماعية ستستمر بين الدولتين وأن يوسعوا في ذلك دائرة التعايش وانا أرى أن المنابر التي تتحدث عن مزايا الوحدة عليها أن تركز على قضايا الساعة لأن القرار عند الجنوبيين وهم خلاص عارفين خياراتهم. * القراءات الموجودة تؤكد أن البلاد تتجه نحو الانفصال اتعتقد أن الشريكين بإمكانهما تحقيق انفصال سلس؟ - أنا لست من يرى أن الوحدة أو الانفصال ستأتي بالحرب فالخياران يقودان للاستقرار والأمن لذا أرى أن النتيجة النهائية يفترض أن تأتي بالسلام والاستقرار للبلاد، وبدون شك الشريكان لهما إمكانية في تحقيق وحدة سلسة وايضا الانفصال الذي يضمن أن يكون بطريقة نزيهة وشفافة ويقوي العلاقات بين الشمال والجنوب. * هناك من يشكك في نوايا الحركة لتزوير الاستفتاء؟ - إن التلاعب بقرار مواطني الجنوب جريمة وأيضاً الإملاء، ومصلحة الحركة أن يجري الاستفتاء بطريقة سلسة وشفافة وضمان جو صحي للعملية أكثر من مصلحة المؤتمر الوطني، فخيار الانفصال في الجنوب من الأساس قوي ولن يبذل مجهود للتلاعب في ذلك الخيار وحسب الإحصائيات فإن التيار الانفصالي يمثل أكثر من 90% فالحركة حريصة في أن تثبت للسودانيين والمجتمع الدولي نزاهة وشفافية الاستفتاء ولو حصل التلاعب لا اعتقد أنه سيكون من جانب الحركة فهذا أمر خطير فالاستفتاء ليس انتخابات ودعاة الوحدة الجاذبة هم أكثر من يحاولوا التلاعب في الاستفتاء. * هل يفهم من سردك أن الحركة تقف مع الانفصال؟ - لا، لم اقصد ذلك لو أن الجنوبيين مع الانفصال وأيضاً القراءات تؤكد ذلك فالحركة لن تقف ضده، كما أنها ليس لديها ما تقدمه للمواطن الجنوبي لإقناعه بالوحدة. * كيف ترى إمكانية اتجاة الحركة لإعلان الانفصال من داخل البرلمان في حال تعثر الاستفتاء؟ - مؤخراً شهدت مؤتمر الجمعية العالمية للقانونيين خصص خلاله جلسة حول محكمة العدل الدولية واستعرض خلاله قضية كوسوفو التي أعلنت الاستقلال في 2008م وكانت الجمعية العمومية للأمم المتحدة طلبت من محكمة العدل الدولية رأياً حول ذلك الإعلان ومدى تماشيه مع القانون الدولي وأكد قرار المحكمة على أنه لا يتعارض مع القانون الدولي، مما أدى لنقاش حاد بين الدول باعتبار أن الرأي القانوني هذا سيكون عبرة للدول الأخرى التي تتمتع بحق تقرير المصير وأخذ الجنوب كمثال، أنا سردت كل ذلك لأنه حتى في النقاش المتحدثون قالوا إن قضية كوسوفو لن تكون عبرة لدولة أخرى وجاءوا بالجنوب واشاروا للاتفاق الذي تم في نيفاشا بشأن الاستفتاء والضمانات الدولية التي وفرت له والشهود من المجتمع الدولي والأمم المتحدة فلوا استدعى الحال والاستفتاء لم يتم في الجنوب فإعلان الاستقلال يتم بالطرق المعروفة التي تضمن عبرها عملية الاعتراف واتفاقية السلام الشامل تؤكد أن الاستفتاء من طرق تنفيذ حق تقرير المصير ولكنه ليس الوسيلة الوحيدة والواقع يقول إن الشريكين اتفقا على قانون الاستفتاء وأجازه المجلس الوطني وتحدثت عنه الاتفاقية والدستور، أما الطرق الأخرى لم تجعل لها مؤسسية ولذا تركيزنا كلنا وللمحافظة على رأي الجنوب على الاستفتاء كأفضل طريقة للحفاظ على خيار مبني على رغبة الشعب، والتزمنا بإجراء الاستفتاء التزاماً قانونياً ودستورياً ونتيجته سيكون أمر الاعتراف بها محسوماً ولن يكون حوله أي جدل، لأن الآليات الأخرى حتى ولو أنها مسموح بها لكنها لم تقنن ويمكن أن تحدث إشكاليات. * أية إشكاليات؟ - إشكاليات متعلقة بالاعتراف بالخيار وسيطرح تساؤلات حول إن كان مبني على قاعدة واسعة، ولكن الاحتمال موجود ولكن أفضل الاستفتاء.