إذا جئنا للحراك الثقافي في السودان وفي غيره من الأقطار، بطبيعة الحال نجد أن الاتحادات الأدبية والفنية والثقافية في طليعة الجهات التي ينبغي أن تحظي بالعناية والمشورة والرعاية، وعلى رأسها الاتحاد العام للأدباء والكتاب السودانيين، الاتحاد الأم والرائد منذ قيامه في عام 1957م، بريادة وجهود الشاعر الكبير أبو القاسم عثمان ورفاق دربه أستاذنا محمد عبد القادر كرف اللغوي الشاعر المعلم، وشيخ الشعراء عبد الله الشيخ البشير (مسافر بلازاد)، وأبو القاسم بدري (الشاعران المتشابهان)، ومصطفى طيب الأسماء أكرم به من شاعر وأديب.. إلى أن تسلم الراية رجال كبار خدموا الدين والعقيدة والثقافة والأدب، وعلى رأسهم فراج الطيب، وعبد الله الطيب (بانات رامه) ومبارك المغربي (اليك المتاب- من أناشيدي- لحن الكروان- عاشق النيل)، وغير ذلك من روائع الإبداع وعون الشريف قاسم- بكل عطائه الأدبي واللغوي والتاريخي.. إلى أن تسلمنا الراية جيلنا نحن وزملائي الذين يحملون الأمانة بروفيسور علي عثمان محمد صالح، والأستاذ الدكتور حديد الطيب السراج، والشاعر الكبير الفاتح حمدتو وأبناء جيلهم.. مثل هذه القامات ومثل هذا الاتحاد لا يليق أن يكون هناك حراك ثقافي يهم هذا الوطن العزيز، إلا أن يكونوا فيه وهم الذين ياطالما تغنوا فيه وبه: في الفؤاد ترعاه العناية بين ضلوعي الوطن العزيزوكأنما شعارهم قول أميرهم أمير الشعراء شوقي بك: (وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني اليه في الخلد نفسي) من لا يعرف قيمة هؤلاء لا يعرف قيمة الثقافة والفكر والأدب، ومن يتجاههلم يحرث في البحر، ويتعلق بثقافة وأثواب الآخرين، ولن يفيده أن يتغنى بكافكا.. أو يتعلق بماركيز.. وكل بنت بأبيها معجبة.