تمر علينا اليوم ذكرى عزيزة، فهذا اليوم يوافق استقلال السودان، نعم استقلال السودان الذي لم يسترح فيه المستعمر حتى خرج.. فقد وجد كل أنواع المقاومة بالثورات على رأسها الثورة المهدية، وبالمقاومات الوطنية والشهداء مثل ثورة الحلاوين (ثورة ود حبوبة الشهيرة)، ثم بالمقاومات والحركات العسكرية مثل حركة اللواء الأبيض وقائدها عبد الفضيل الماظ، ومقاومات بالشعر والشعراء منها: ü في الفؤاد ترعاه العناية بين ضلوعي الوطن العزيز وحتى المرأة ساهمت في ذلك عندما قال عنها الشاعر: يا أم ضفائر قودي الرسن واهتفي فليحيا الوطن واستمرت الحركة الوطنية في كل السودان، فانطلقت بنادي الخريجين بود مدني بؤرة المقاومة وانتقلت للخرطوم، فقاومت وبكل الطرق سلماً وعنفاً.. أشعاراً وأغاني ومظاهرات وهتافات وتحالفات داخلية وخارجية.. سادتي انتصرت الإرادة الشعبية آنذاك ونال السودان استقلاله، لكنهم سادتي وضعوا لنا حبلاً لم يخنقنا آنذاك لكنه ظل يجر ليخنق بلادنا شيئاً فشيئاً.. إلى أن تمت ال (50) عاماً فبدأوا في شد الحبل إلى أن وقع السودانيون تحت الضغوط الخارجية والداخلية على حق تقرير المصير للجنوبيين.. وهاهو الاستفتاء على الأرض،، أيام قليلة تفصلنا عن معرفة مصيرة بلادنا، إما أن نبقى متوحدين ونعيش استقلالاً حقيقياً، وإما أن ينفصل السودان، ونكون بذلك حققنا أحلام الغرب، بل خطتهم الرامية لتقسيم السودان منذ عام (1947م)، والغريب والمدهش أن هذا الغرب لم يدع شيئاً للصدفة، فقد خطط لانفصال الجنوب، هاهو رغم إيماننا وايمان أشقائنا الجنوبيين بالوحدة، لكننا نحس أن فرصتها تصغر في كل يوم.. المهم سادتي نحتفل اليوم وفي حلوقنا غصة وقلوبنا مضطربة تخفق بسرعة مرة وببطء مرة أخرى.. نأمل في الوحدة.. سادتي لأول مرة يمر علينا الاستقلال ونحن نحمل مشاعر غريبة ومختلطة..