قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي الذي يزور بلادنا هذه الأيام جون كيري عقب مباحثاته مع المسؤولين في حكومتنا، إن أمام السودان فرصة فريدة وغير عادية لاستفتاء ناجح بشأن تقرير مصير الجنوب، وأنه سيمهد لعلاقات قوية للسودان مع بلاده الولاياتالمتحدة والدول الأخرى، وزاد على ذلك بوصفه زيارة الرئيس عمر البشير إلى جوبا بالإيجابية والمشجعة للغاية والبناءة، على حد تعبيره. حديث رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي ليس بجديد ولا يحمل غير مضمون واحد، هو أننا شعب طيب أكثر من اللازم، وأن حكومتنا لم تفهم بعد سياسة أمريكا تجاه بلادنا، فالسيدة التي تسعى حكومتنا لكسب ودها (أمريكا) مراوغة للحد البعيد وكذوب، وهي ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤول أمريكي عن إمكانية قيام علاقات أمريكية سودانية طيبة، وحال ما ينالون مرماهم، ينكثون عن الوعود، ويظهرون لنا وجهاً جديداً سافراً في العداء. قالوها أكثر من مرة، قالوها بعد توقيع إتفاقية (الآلام) وبعد الإتفاق مع حركة مناوي، وبعد التعاون الكبير الذي أبدته حكومتنا في الحرب على الإرهاب، وبعد مناسبات أخرى لا نعلمها، لأنه ليس كل أمور السياسة معلومة لدينا. الأمريكان لا هدف لهم إلا تمزيق بلادنا وضرب وحدتها، وليس أدل من الإنتقادات والهجوم الذي تعرض له من قبل المبعوث غريشن، لأنه تعامل- (علي حد تعبيرهم)- مع حكومتنا باللين. ترى متى نتعلم ومتى تتعلم حكومتنا أن أمريكا لا تريد لنا خيراً، وليس من مصلحتها أن تعيش بلادنا في سلام واستقرار، لأن عدم الإستقرار الذي نعيشه هي من نسجت خيوطه، وكتبت سيناريوهاته وأخرجته بمساعدة آخرين، للأسف منهم سودانيون، لا يعرفون إلا مصالحهم الشخصية والوطن عندهم لا يساوي شيئاً. لا نحسب أن السادة المسئولين عندنا يجهلون هذه المعلومات ولا نحسبهم في حاجة لتذكيرهم بها، فهم يعلمون كل شيء، ولكن مبرراتهم الواهية بأنها السياسة، والسياسة تتطلب الكثير من الأساليب، لا تقنعنا، فالسياسة توجب عليهم مواجهة السيدة أمريكا وكشف أكاذيبها ووعودها الكاذبة لبلادنا.. فأمريكا ليست أكبر من المواجهة، ومسؤوليها الذين يرزحون فينا ذهاباً وإياباً ليسوا بأكبر من المواجهة والنقد، والحسم إن دعا الداعي، فقد سئمنا الوعود الأمريكية، وسئمنا (جذرتها) المتمثل في إمكانية قيام علاقات طيبة بيننا وبينها، فهي تكذب وتتحرى الكذب، حتي باتت هي والكذب صنوان.إن جروحنا عميقة ولن تطببها أمريكا ولا غيرها، فطبها ودواؤها نحن من نملكه، وهو في إرضائنا لله سبحانه وتعالي وليس أمريكا، وفي وحدتنا وإيقاظ وطنيتنا النائمة، وفي مصداقية حكومتنا مع شعبها، فبالصدق والتوحد والوطنية، نستطيع أن نطبب جرحنا وجروحنا غير بعيد عن دواء أمريكا الذي يحمل السم.