نعى الناعي الباحث الأثري الأستاذ صلاح عمر الصادق والذي ظل في الآونة الأخيرة يعاني من عدة أمراض في العيون والأرجل والكُلى.. حتى داهمه في الأيام الأخيرة فشل كلوي حاد، ورغم سفره للأردن في عدة رحلات علاجية إلا أن تلك الأمراض ظلت ملازمة له، وقد تحمل تلك الآلام والأمراض بصبر وجلد. منذ تخرج الأستاذ عمر الصادق في جامعة القاهرة الأم التحق بخدمة مصلحة الآثار السودانية والتي أصبحت فيما بعد الهيئة القومية للآثار والمتاحف، عمل باحثاً ومنقباً عن آثار السودان في العديد من المواقع الأثرية بشمال وشرق السودان ووضع مجموعة من التقارير والمؤلفات متمثلة في علوم الآثار، التاريخ، الفلكلور، السياحة والأمثال. في تتبعي لمسيرة صلاح العلمية لاحظت في السنوات الأخيرة كيف تسارعت خطوات التأليف والنشر لمؤلفاته وكأنما هناك إحساس داخلي بدنو أجله وسعيه الجاهد بالكتابة والنشر، واذكر وقد استضفته في البرنامج الإذاعي(كتاب ومؤلف) واستعرضت معه عدداً من مؤلفاته وكان وقتها يشكو من حزمة أمراض.. فداعبته بالقول: إني أخاف عليك من لعنة الموميات ، وهي المعروفة بأوساط علم المصراويات بلعنة الفراعنة واعتقاد الكثيرين بأن هذه اللعنة تحل بالأشخاص الذين ينبشون مقابر الأموات.. فقد ذكر لي أن معظم القبور الأثرية كالأهرامات والمدافن يحرص القدماء على وضع تمائم وكتابات ودعوات على من يقلق راحة تلك الأجداث وذكر لي.. ربما كان المقصود بتلك الدعوات لصوص المقابر وليسو العلماء والباحثين المنقبين في التاريخ، ومع ذلك يقول بالفعل قد تعرض كثيرون لحوادث وأمراض ربط بعضها مع تلك اللعنة وخاصة فيما حصل للفريق الأثري الذي قام بفتح مقبرة توت عنخ آمون- بمصر في مطلع القرن العشرين- حيث تعرض معظم أعضاء الفريق الذي دخل الى تلك المقبرة الى حوادث أودت بحياتهم. ولكنه ختم حديثه بأن لكل أجل كتاب. وكانت الحصيلة العلمية التي تركها لنا المؤلف في شكل كتب وكتيبات كالآتي: 15 كتاباً باللغة العربية- 4 كتب باللغة الإنجليزية. مجموعة ضخمة من التقارير والأبحاث الأثرية التي شارك فيها في مؤتمرات علمية داخل وخارج السودان. وقد ساهمت مكتبة المتوكل ودار عزة في طباعة ونشر معظم تلك المؤلفات ومن أشهرها: ذهب مروي- دراسات في الآثار والفلكلور- قباب شرق السودان- المواقع الأثرية بالسودان- الحضارات السودانية القديمة- المرشد لآثار مملكة مروي- كتاب الأمثال السودانية- نساء حكمن السودان قديماً- حقوق الإنسان السوداني في الموروث الشعبي. رحم الله فقيدنا الغالي صلاح عمر الصادق والذي انتقل الى الدار الآخرة في يوم الجمعة الرابع من سبتمبر من عام ألفين وتسعة.