شَبَّه نائب رئيس المجلس الوطني القيادي بالحركة الشعبية الأستاذ أتيم قرنق الوحدة بالدكان الخاسر، وقال أتيم في حوار أجرته معه (آخر لحظة) إنه لا يمكن أن تفتح دكاناً وتجلس لتنتظر الربح منه بدون عمل، وهذا بالضبط ما حدث بشأن العمل على جعل الوحدة الخيار الجاذب لأهل الجنوب، وأضاف قرنق.. أن العمل الإيجابي لابد وأن تكون نتيجته إيجابية، وبالتالي فالأدوات والآليات التي تستخدمها من أجل أن تنجح لابد أن تكون أدوات مقبولة وتتماشى مع القوانين الموضوعة والمبادئ. ونفى أتيم أي تجاوب بشأن أن تكون الخرطوم ملتقى لنظامين، وأن العاصمة لم تعكس على الإطلاق هذه الروح، وهي روح التنوع والتعددية التي نادت بها اتفاقية السلام.. ولذلك فالسودانيون فشلوا في تأسيس الأسس الصحيحة من أجل أن تدوم الوحدة كخيار ليفضله أهل الجنوب، وكان أن تطرق الحوار بالتفصيل لكل تداعيات الاستفتاء والخيار الماثل لأبناء الجنوب، وتبعات ذلك، والمستقبل، بالإضافة لملفات أخرى عالقة في ذات الإطار.. فمعاً لمضابط الحوار: أستاذ أتيم هل تملك منزلاً هنا في الشمال، حيث أكدت أنه حتى لو تم الانفصال فستبقى فيه رداً على وزير الإعلام؟! سنؤجر كما نحن نفعل الآن في أطراف الخرطوم أو أم درمان، حيث قال الطيب مصطفى إنه سيكون كفيلاً، وعندما تكون أرانيك الكفالة موجودة سنتقدم للطيب مصطفى بأوراق الكفالة «قالها ضاحكاً»، ولا أعلم أين توجد أوراق الكفالة هذه، هل في مكتب العمل أم مكتبه أم في وزارة الداخلية، فسيوضح لنا الطيب مصطفى ذلك، لأنه سيكون كفيلاً. هل تتوقع أي انفلاتات أمنية أثناء عملية الاستفتاء؟ ولماذا؟.. إلا إذا كان هناك أناس مدفوعين من جهة محددة، ومحرضين لأن أهل جنوب السودان سئموا الحرب، فمن الذي يريد أن يموت ابنه، ومن هم في السلطة الآن يرسلون أبناء المهمشين ليموتوا ويعيشوا هم مرتاحين، ولكن نحن في الجنوب لا نريد الحرب أبداً لا في قرانا ولا مدننا ولا أية منطقة، لأنه في النهاية سيموت أولادنا وإذا قام أي نوع من الشوشرة والتفلتات من هنا وهناك، فسيكون ذلك من أناس مدفوعين أمثال جيش الرب وغيره. هل لديك أي أصدقاء أو علاقات شخصية مع أعضاء من المؤتمر الوطني؟ وهل كان أعضاء المؤتمر الوطني أعداءنا؟.. لا فهم سودانيون ويتكونون من أسر، وهناك من هو في حزب الأمة والشيوعي والوطني والحركة، ولذا المقاعد السياسية لا تتدخل في العلاقات الإنسانية والاجتماعية وإلا لما استمر الناس معاً في الجامعات.. وأصحابي كثيرون، وإذا ذكرت اثنين منهم سيغضب الثالث. ألا تعتقد أن هذه العلاقة الحميمة بين السودانيين يفترض أن تزيل تلك المرارات والتقوقع في دائرتها؟ ما يزيل المرارات ليست الصداقات الفردية، ولكن ما يمكن أن يزيلها هي المصالحة الوطنية، فإذا ما تصالح الناس مثلما حدث في جنوب أفريقيا وليبيريا وسيراليون ورواندا، من المؤكد أن الصفاء الاجتماعي سيحدث، ولكن تغاضينا وتمادينا في ذلك التغاضي ، فالجرائم التي اُرتكبت أثناء الحرب منذ العام 1955 وحتى الآن، فإذا مات 2.5 مليون شخص بدون أن نحدد كيفية موتهم، لن يكون هناك صفاء نفسي.. وضروري جداً الجلوس لمعرفة كيفية إدارتنا للحرب وبعدها سيحدث الصفاء، ولكن بخلاف ذلك وكأن قتل الناس شيء عادي، كأن تحرق الناس في قطر أو في الجبلين، فلا يمكن أن يتم التغاضي عن هذه الأشياء، ففي منطقتي عام 1967 تم أخذ 67 سلطاناً بما فيهم سلطان بور وحرقوا وقتلوا بالجاز، وقتلهم السودانيون، فالاستعمار لم يفعل ذلك، ولذا لابد من الجلوس ونريد أن نعلم من الذين قتلوا هؤلاء السلاطين في عهد حزب الأمة آنذاك، ومن الذي أعطى تلك التعليمات.. ولماذا حرقوا، فالإنجليز لم يكونوا يحرقون الناس، فلماذا حدث ذلك.. وذات الشيء حدث في جوبا وواو في زواج مشهور آنذاك، عندما كان أحمد الباقر نائب رئيس الجمهورية وكان موجوداً بالمنطقة في ذلك الوقت وأثناء الحادثة، نريد أن نسأل لنعلم من الذي فعل ذلك، فليس كل الشماليين هم من نفذ تلك الحوادث، ولذا نريد أن نعلم من قتل في رومبيك، وفي عام 1970 تم قتل مدرسين، وعندما يتم إجراء تحقيقات سيتم الكشف عن ذلك. وهذه يمكن أن تصفي الناس، ولكن العلاقات الفردية لا تفعل ذلك، وسمعت بأن هناك محكمة أو هيئة وجهازاً قضائياً يحقق في قضايا دارفور وهذا توجه سليم، فإذا كانت هناك جدية وتمت محاكمة المتورطين في الجرائم المماثلة، فستكون هذه نتائج إيجابية في نفس الشخص، ولكن إذا تم تنفيذ القضايا والحكم فيها بطريقة «الكلفتة»، فهذا سيعمق الإحساس بالمرارة . هل تودون فتح الملفات هذه أم هي صفحة وانطوت؟ لا خلاص.. فنحن جئنا الآن بالاستفتاء وبدأنا وقلنا بضرورة عمل مصالحة وطنية، وضروري أن تكوّن لجنة من شخصيات معروفة لم تشترك في أية حكومة من قبل ولا علاقة لها بالعساكر سواء كانوا محامين أم قضاة، وأن لا يكونوا قد عملوا في الجنوب من قبل ولا غرب السودان، ولا مناطق النزاعات، ويكونوا محايدين ويرغبون في بقاء السودان كبلد واحد، وهؤلاء سيخرجون بالحقائق وعندها تنتهي كل المشاكل. هل تعتقد أن المصالحة الوطنية إذا ما تمت بالشكل الذي قلته كان يمكن أن تشفع في تقرير المصير وتتحقق الوحدة؟ لا.. لأن الوحدة تتكون من عناصر، والمصالحة الوطنية واحدة من تلك العناصر، لأن المصالحة هذه تقوم بترتيب الجرائم التي ارتكبت ويتم الاتفاق على كيفية مواجهة الذين ارتكبوا تلك الجرائم من خلال هذه الهيئة التي ستتشكل، فمثلاً الجرائم من 1-5 سيقدم مرتكبوها لمحاكم سودانية أفريقية أو دولية مثلاً، والجرائم رقم «2» تكون محاكمتها سودانية بكوادر قديرة، ورقم «3» على مستوى الولاية، ثم رقم «4» محلية و«5» أدنى من المحلية، فما حدث في رواندا مثلاً أن فلاناً هذا قد قام بحرق قطيتنا في الوقت الفلاني، وهنا ينظر للمتهم الذي ارتكب تلك الجناية على مستوى القرية، ولذا إذا اتفق الناس لن تكون هناك مشكلة، ولكن حتى المعارضة لن تتفق، لأنها كانت في الحكم وارتكبت جرائم، ولذا هم متفقون مع المؤتمر الوطني بضرورة ألا يكون هناك حساب.. ونحن نريد من الذين حملوا السلاح حتى في دارفور، أن يراجعوا مسيرتهم أثناء الحرب حتى يعلم الناس ما فعلوه بالمواطن السوداني، وهذا ما يحقق السلام الاجتماعي. على ذكر المعارضة، أكدت أنها ستطور مذكرة للتفاهم معكم، فهل ستتحالفون معها عقب الانفصال؟ هذه من البديهيات مثل الهندسة، فإذا تحول جنوب السودان لدولة فمن البديهي ألا تتعامل مع أحزاب الدولة الأخرى، لأنك تكون قد تخلت في الشأن الداخلي لها، ولذا تلقائياً علاقة الدولة بالأخرى ستكون مستمرة، وإذا كان هناك أفراد كالأخوان المسلمين مثلاً، لديهم تواصل فكري في الجنوب ومصر والدول الإسلامية، فهذا شأنهم، فالحزب الشيوعي وعلى مستوى العالم لديه تواصل في الصين والعالم العربي، وإذا كان هناك عرب في الجنوب فسيتواصلون. هل تقصد أن التواصل لن يرتقي لدرجة التحالف؟ لا ليس على مستوى الدولة، وإنما الأفراد. أستاذ أتيم كان أن طالبتكم الأحزاب الجنوبية بضرورة تنفيذ توصيات الحوار الجنوبي الجنوبي، فلماذا لم تنفذ؟ هناك آليات للتواصل ما بين الحركة الشعبية والأحزاب الجنوبية، والأخيرة لها كياناتها وقواعدها، ولذا نتعامل معهم بآليات لأجل أن نتمكن من تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وهذا كل ما في الأمر. هناك اتفاق تم بينكم والقيادي جورج أطور مما يشير إلى إمكانية التقائكم معاً، ما مدى صحة ذلك؟ في الجنوب نحن نميل لحل قضايانا بشكل سلمي أكثر، عكس أهلنا في الشمال الذين يميلون لحسم القضايا بالوسائل العسكرية واستخدام العنف، ولأن الجنوب اكتوى بالحرب مدة طويلة، لذا لا يحتاجون للزج بأبنائهم في أتون الحرب، وهناك مساعٍ لحل كل القضايا العالقة في جنوب السودان من خلال ما يسمى بالحوار الجنوبي الجنوبي. ولماذا لم تطلقوا سراح تلفون كوكو حتى الآن؟ تلفون كوكو اسألي عنه السلطات العسكرية لأنه عسكري، وهل سألتني عن العساكر المسجونين في شمال السودان، ألا يوجد عسكري مسجون؟.. نجد أنهم موجودون، ولكن هنا لا يسجنونه، لأن لديهم قانوناً خاصاً بهم في القوات المسلحة وفي الشرطة وهكذا، فالجيش الشعبي لديه قانون يسير به، ولذا قضيته ليست سياسية. ألا يقدح ذلك سياسياً في علاقة النوبة بالحركة الشعبية؟ ومنذ متى شوهت علاقات الأفراد العلاقة مع المجتمع؟.. لذا قضية اأبناء جبال النوبة كبيرة لم تبدأ بنا، بل بدأت منذ وقت مبكر ومنذ وجود الدولة السودانية وستحل بداخلها، سواء في هذا الجيل أو الجيل القادم، ولكن قضية الأفراد في المنظمات أو وحداتهم الموجودين فيها، فمؤسساتهم هي التي ستحل هذه القضايا، وقضية تلفون كوكو أنا مندهش من تدخل أفراد ينتمون لأحزاب تختلف عن الحركة، ويبدو لي أنهم يهدفون إلى تخريب علاقة الحركة مع أبناء جبال النوبة، ولكن هؤلاء الناس مكثوا معنا داخل الخنادق ما يزيد عن العشرين عاماً، وأبناء جبال النوبة ضحوا كثيراً من أجل قضيتهم، ولأن قضيتهم مرتبطة مع قضية أهل جنوب السودان، لذا يعتبرون إخوة ولا يمكن لشخص أن يمثلهم كعبد العزيز الحلو أو غيره، ولو لم يحدث خطأ لن نقول إنك ستحاسب، ولذا النوبة اجتهدوا لحل قضية السودانيين، لأن القضية لم تكن قضيتهم ولا النيل الأزرق، بل قضية كل السودانيين.. وينبغي أن نحل قضايانا في دارفور والشرق، ولكن الناس تمادوا منذ عهد جعفر نميري والصادق المهدي وحتى جئنا باتفاق السلام، فهنا نشأت قضية دارفور، ولذا فإن أبناء جبال النوبة حملوا السلاح من أجل أن يكون هناك استقرار في البلد، وتلفون كوكو ينتمي للجيش الشعبي وهو الذي سيحل قضيته كفرد وليست جماعة. شكراً جزيلاً أستاذ أتيم. شكراً لكم..