ü كلما مرّ يوم تتشابه الأرقام في تاريخه يستقبل هاتفي رسائل من قبيل «هذا يوم لا يتكرر 1/1/2001 أو 2/2/2002 أو 3/3/2003 وهكذا، لكن عندما أطلَّت سنة حداشر أرسل لي أحد الأصدقاء رسالة تقول «هذا العام عجيب فعلاً يبدأ ب 1/1/11 وبعد عشرة أيام يكون 11/1/11 وبعد عشرة أشهر يكون 1/11/11 وبعد عشرة أشهر وعشرة أيام يكون يوم 11/11/11، ألا يستحق أن يكون عاماً للأحداث الكبيرة».. ولعل القائمين على صحيفة السوداني قد اختاروا لانطلاقتها يوم 10/10/10 لذات الأسباب، جعل الله التوفيق سبيلهم والنجاح حليفهم.. وقد صدق حدس صديقي في العام 2011 فهو عام «عجيب» فعلاً.. فمن عجائبه أن ينفصل السودان الوطن الواحد إلى سودانين جنوبي وشمالي، لكن الأعجب بعد ذلك أن «يستنسر» سنة حداشر بغاث المعارضة ويهددون بإسقاط الحكومة، بل ويجعلون لذلك أجلاً.. يا إمَّا عشرة جنيه يا إمَّا يشيلوا العدة.. يا إمَّا تسقط هذه الحكومة يا إمَّا اعتزل السياسة!! كما قال السيد الصادق.. أو يا إمَّا تحل هذه الحكومة نفسها يا إمَّا نطلِّع ليها الشارع أو كما قال ود أبو عيسى.. أما الأعجب من كل هذا أن «تهدي» حكومتنا الرشيدة.. وزير ماليتها وبرلمانها «فتيل الاشتعال» لهذه المعارضة المأزومة المهزومة بقراراتها التي أصدرتها مثل «الديك الما بيعرف الوقت» لتضيف «ضغثاً على إبالة» وتضع «القندول البشنقل الريكه» في يد المعارضة لتقول للناس.. يا ها دي حكومتكم الانتخبتوها قسمت السودان وطحنتكم بالأسعار وأرهقتكم بالضرائب والرسوم.. وجلدتكم بالسياط.. وكسرت يد السيدة مريم الصادق وحتكسر رقبتكم.. فانتفضوا على هؤلاء الطغاة المفسدين.. وهو منطق على علاته لن يعدم من يقتنع به ويسير في ركابه فالمواصلات زادت تعرفتها.. والرغيف ناقص وزنه.. والأسعار طارت في السماء.. فإذا قلت لهم الحكومة بدأت بنفسها حين خفضت مخصصات الدستوريين 25%، يقول لك قائل «خمسة وعشرين في الميه من كم؟؟» والدستوريون ذاتهم عددهم كم؟؟ طلَّعتوا روحنا يا أخي.. فتقول له «يا أخي هذا الغلاء جراء الأزمة الاقتصادية العالمية التي هزت العالم وأفلست بسببها الكثير من البنوك الأمريكية، وكادت اليونان أن تنهار وتبعتها ايرلندا والبرتقال وأسبانيا» يقول لك «أيواااه إنتو ما قلتو من زمان في بداية الأزمة إن الإزمة لا تؤثر على اقتصادنا.. لأننا من بدري محاصرين ومُقَاطعين وده جانا بي فايدة!!» قلت له «يا أخي اتضح لينا بعد داك إنو كلامنا غلط وغيَّرنا رأينا» قال لي «خلاص ما بقينا قادرين نجيب احتياجاتا» قلت له «زمان ما كان في حاجة ذاتو عشان تجيبوها» فردَّ عليَّ» هسع برضو مافي!! الفايده شنو في حاجات متوفرة في البقالات وأسعارها ما في متناول اليد؟ ما خلاص برضو زي المافي».. قلت له إن موجة الغلاء عامة في العالم كله.. قال لي «طيب قولوا لينا دي سنة سته» فقلت له «سنة سته كانت ابتلاء للثورة المهدية.. ولم تقدح المجاعة في تاريخ المهدية ولا يذكرها الناس إلا لماماً.. ونحن سنجتاز هذه الفترة وستعود الأمور إلى مستواها المعتاد» قال لي بيأس شفت ليك حاجة زادت نقصت بعد داك؟» قلت له «أيوه الدولار» فقال لي «عليك الله ما تجيب سيرة الدولار عشان ما أذكرك بي كلام صلاح كرار رئيس اللجنة الاقتصادية لثورة الإنقاذ لما قال «لو ما جينا بالإنقاذ الدولار كان سعره وصل خمسة وعشرين جنيه!!» انتو وصَّلْتُوا كم؟.. ولم ينظر إجابتي.. فأيقنت أنه «قنع من خيراً» في الكلام معاي. ü ولما كانت الحكمة ضالة المؤمن فإن الكلام الذي يدور في الشارع ويعبّر عن نبض المواطن لابد أن يصل للمسؤولين فقد كانت سنة سته في عهد الخليفة عبدالله!! وسنة حداشر في عهد علي محمود!! فقد يبدو للبعض إن القرارات الاقتصادية التي أصابت بعض الناس في مقتل فيها انتهازية سياسية غير واعية، لأن اختيار توقيت الإعلان والناس مشغولون بنتائج الاستفتاء، فأردات الحكومة أن تمرر قراراتها في هذا الجو، فالناس مهتمون ومهمومون بالاستفتاء. ويرى البعض أن في الحكومة من يتعمد إجهاض توجيهات السيد الرئيس والسيد النائب بالضرب بيد من حديد على المتلاعبين بقوت الشعب فضربت الحكومة الشعب بيد من حديد.. وكسب المتاجرون بقوت الشعب بمليارات «جاتهم في صمة خشمهم» بضاعتهم في المخازن والموانئ والبواخر وأسعارها تضاعفت فأصبحوا مليارديرات بين غمضة عين وانتباهتها.. في سنة حداشر. ü وبكل تأكيد فإن «سنة سته» لم يكن فيها بترول «زاد سعره أم نقص» ولم يكن فيها إيجارات منازل ولا مواصلات ولا مصاريف مدارس.. ولا فاتورة علاج فقد كان الطب البلدي بين الأعشاب والكي بلا ثمن تقريباً.. ولم تكن هناك كهرباء لها وزراء ومدراء وفواتير وتهديد وبلاغات ونيابات.. وبقالات وحافلات وموبايلات وحفلات وفواتير مياه.. تقابلها حكومتنا «بمائة جنيه» في الشهر. شوبش يا وزير المالية دي حسبتها كيف؟ فإذا كان تخفيض مخصصات الدستوريين بنسبة مئوية لماذا لا تكون زيادة الفئات الضعيفة بنسب مئوية كذلك؟.. والليلة يوم الانفصال. ü لن يذكر الناس للحكومة إنها حافظت على دعمها للمواد البترولية عندما زادت أسعاره عالمياً «فذاكرتنا ضعيفة» ولن يحفظ الناس للإنقاذ أنها عبرت بنا بسلام كل مؤامرات الحصار والمقاطعة والمكايدة والحرب.. لكنهم سيذكرون أنها جعلتهم نهباً لغول الغلاء.. وأن صناديقها الاجتماعية وديوان زكاتها لم يبل ريقها.. يا سيدي الرئيس الأمر بيدك وحدك فأنت المؤهل الوحيد والمسؤول الأوحد بالشريعة وبالدستور. وهذا هو المفروض