أصدر الحزب الشيوعي السوداني قطاع الثروة الحيوانية بيانا ً للرفاق النقابيين يهيب فيه بجميع العاملين الشرفاء الحرص على المشاركة وممارسة حقوقهم الديمقراطية دفاعاًً عن الوطن وحقوق العاملين، وذلك بمناسة انتخابات النقابة العامة والفرعيات، وقد ختم بيانه الصحفي بعبارة (عاشت الحركة النقابية مستقلة... وعاش كفاح الشعب السوداني) وكنت أعتقد وأنا أقفز فوق حروف البيان الذي كُتب بعد اجتماعات متواصلة وحسابات متفاوتة أن هذا البيان الصادر سوف يُختم بعبارة (ولا نامت أعين الجبناء) أو (أضربوا على العابثين بيد ٍ من حديد)، بل وانشغل تفكيري بأن تتغير الفكرة وتتولد عبارات غير مألوفة مثل (وعلى الله قصد السبيل)، أو (توكلنا على الله فى هزيمة الأعداء)، ولكني تذكرت ماتناقله الناس وما ذكر عن الحوار التلفزيوني بين السيد الأمين العام للحزب الشيوعي السوداني، وهو يقدم برنامج حزبه وهو المرشح المنافس لرئاسة الجمهورية، عندما سأله مقدم البرنامج سؤالاً حوارياً هل أنت تصلي؟ فأجاب برد سياسي وقال: الآن ... لا ، قد يكون استناداً على الآية الكريمة (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباُ موقوتاً)، والمواقيت بدون شك تختلف فى الزمان والمكان. الملاحظ أن البيان لم يتم نشره بموقع الحزب الإلكتروني ولم يمهر بتوقيع مكتب النقابات المركزي للحزب كبيانه السابق والصادر فى 14 نوفمبر للعام 2010م، البيان نوهت عنه جريدة الميدان الناطقة باسم الحزب، وهى صحيفة ظلت تصدر علنا ً أو سرا ً منذ عام 1954م، واستعرضت فى عددها الالكتروني الصادر فى 22 ديسمبر من نفس العام محتويات البيان المختصر فزادته اختصاراً. حزب الأمة القومي والذي كان قد أصدر حوالي أربعة بيانات منشورة حول واقعة إضراب الأطباء فى يونيو 2010م داعياًً لتجاوز الأزمات وحاثاًً لما هو مفيد لمصلحة الوطن ومصلحة الأطباء، لم يصدر الحزب أي بيان نقابي رغم أن مكتبه السياسي أصدر بياناً مهماً في 23 نوفمبر 2010م لم يشر فيه من قريب أو بعيد حول النشاط النقابي، والانتخابات النقابية وموقف الحزب منها. تنظيم الاتحاد الاشتراكي السوداني الديمقراطي والذى أسس عمله على الاشتراكية الإسلامية غير المتحجرة البعيدة من التطرف كما ذكر، هذا التنظيم الذى دعا لتحالف قوى الشعب العامل من جميع الطبقات، والذي على رأس قيادته الطبيبة والسياسية البارزة الدكتور فاطمة عبد المحمود لم تساند الفكرة التي طرحتها منذ زمن لحصول بنات جنسها على 25% من حصة مقاعد النقابيين للمرأة، لم يصدر تنظيمها بياناً يدعم فيه نقابي الكتائب فى واقعة الانتخابات الأخيرة وكأنها بتاريخها السياسي والاستوزاري لم ترغب فى أن يخوض تنظيمها جولة انتخابية بعد جولتها الرئاسية. الأحزاب المتفرخة من(الأشقاء) اكتفت بالمشاركة فى المناصب الحكومية وعدم الإلمام والخوف من السباحة في هذا الجو البارد في(محيط) العملية الانتخابية للنقابات.. كثير من الأحزاب اكتفت بالنظر والسمع لما يدور في التكوينات الانتخابية، وبعض الأحزاب صماء وبكماء وعمياء لا تعرف عن اللعبة النقابية قوانين أو لوائح محلية كانت أوعالمية، ولم تجرِ لها تمريناً واحداًً وتخشي من الغرق من تيار الأمواج الإنتخابية. الأحزاب السياسية بمختلف ألوان طيفها تركز على الانتخابات الجامعية، لوجود الأرضية الخصبة وسط الطلاب المتطلعين، وللمساحة التي يتيحها النظام الجامعي بإعتبار أن الطلاب هم قادة التغيير وهم دائماً (لهيب الثورة)... وكان القرشي شهيدنا الأول.حتى المؤتمر الوطني اكتفي بتوجيه قواعده المتمرسة فى إدارة العملية الانتخابية بأسلحة خفيفة، حتى لاتزعج الجيران وتشتت أفكارهم وكأنه اتخذ من قواعد مسلسل (توم وجيري) سياسة لتجاوز هذه المرحلة، فكانت مع قياداتها مرةً ومع خصومها ومنافسيه مرة أخرى..(توم) كما هو معروف فى الحلقات قط أزرق رمادي حاد الطباع، أما (جيرى) فهو فأر منزلي بني اللون ذكي يفكر في النجاة والفوز، وتفشل كل المحاولات التي يبذلها القط توم فى الإمساك بالفار جيري ليعده وليمة ويقع توم دائماًً في مأزق. الملاحظ فى العملية الانتخابية للقواعد النقابية كما في مسلسل توم وجيري، ورغم الأسلحة والإيذاء الذى يقع فى أرض الواقع وفي المسلسل لا توجد دماء تسيل، فطوال المسلسلات والحلقات التي أعدها (جوزيف بارييرا) الرسام الأمريكى ذو الأصل الصقلي والمنتج (ويليام دينبي) الأمريكى ومن أصل أيرلندي تعدت الحلقات ال ( 300) حلقة لم تسكب قطرة واحدة من الدماء لا من توم ولامن جيري، وتلعب الموسيقي الكلاسيكية التي تتسم بالعقلانية والتفاؤل بالمستقبل نجدها تلعب دوراًً مهماً وكبيراً فى الحلقات ونادراً مايكون هناك حوار. كان ينتصر(جيري) لأن لديه ملاذاً آمناً يلجأ اليه عندما تضيق به المطاردة، فالأحزاب السياسية لم تكن لديها ملاذات آمنة تلجأ اليها، بذا ليست فى حاجة لأن تصدر بيانات وتحشد قيادات، حزب المؤتمر الوطني أثبت أنه الحزب الوحيد المؤسس فلجأ أول ما لجأ إليه (نظامه الأساسي) والتزام العضوية بموجهات القيادة وتلويح العصا لمن عصى، أثبتت أيضاً أن ملاذاته الآمنة ماقام به نواب الأطباء في يونيو من عام2010م سحابة صيف، بدليل أنه عند قدوم الشتاء أحجمت جماعات الضغط من الترشيح والمنافسة التي تمكنهم من جعلهم جماعة تنافسية، واكتسحت قوائم المؤتمر الوطني كل الفرعيات والوحدات النقابية فى القطاع الصحي، فاستوفت الاستحقاق الانتخابي ونالوا ثقة الناخبين فى تمثيلهم ليحملوا همومهم وطموحاتهم وآمالهم الي مدارج الإنفاذ عبر الإجماع التشريعي، وليس عبر التعبئة غير المؤسسة..على نقابي القطاع الصحي معالجة جراح الماضي وتطبيب النفوس فالقطاع الصحي غير. إن تسمع أحاديث العامة من النقابيين في مجالسهم تجد سطحية من نواحٍ مختلفة، فهم يقطعون الوقت الطويل في ثرثرة جوفاء لا تملأ فراغاً أو تشبع طموحاً ولا تستند على حقائق إنما على قيل وقال، وقد تجد لهم في ذلك ما يجعلهم لا يتجاوزوان السطح الى الأعماق الدفينة من العمل النقابي، ولكن والمؤسف حقاً أن تكون أحاديث الخاصة من النقابيين وأصحاب القدح المعلى، في أكثر أوقاتها على غرار أحاديث العامة فتظل تسمع وتسمع دون أن تجد فروقاً واضحة بين الفريقين.وكل حديث نقابي يجب أن يكون صادقاً مثل صدق بلال وقصته التي قد يجهلها الكثيرون.. فقد روت كتب التاريخ فقالت: خطب بلال رضي الله عنه لأخيه خالد بن رباح امرأة من بنى حسل من قريش، فقال بلال وهو يقدم نفسه وأخاه لمن يريد مصاهرتهم: (نحن من عرفتم يا قوم، كنا عبدين فأعتقنا الله، وكنا ضالين فهدانا الله، وكنا فقيرين فأغنانا الله! وأنا أخطب إلى خالد أخي فلانة منكم، وهي ذات حسب ودين ومروءة، فإن تنكحوه فالحمد لله وإن تردوه فالله أكبر) سمع القوم وسكتوا قليلاً ثم أقبل بعضهم على بعض يقولون: هو بلال وليس مثله من يدفعه، ثم أجمعوا على قبول الخاطب، فخرج بلال وأخوه، ولكن خالداً قد وجد لحديث أخيه بعض الألم فقال له: يغفر الله لك يابلال ألا ذكرت سوابقنا وشواهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فصاح بلال:(مه ياخالد صدقنا فنفعنا صدق الحديث) إن اختلاف وجهتي النظر بين بلال وأخيه أن فى مثل هذه المواقف تتطلب المكاشفة والصراحة، فالحديث عن جهاده فى الإسلام لايحتاج له فى هذا الموقف.. على النقابيين أن يكونوا صادقين مع قواعدهم لا يكذبوهم ولايخذلوهم ولايفقدونهم حيث يطلبونهم.