يعرف الباحثون فى مجال علوم الاتصال مايسمى بثورة التطلعات وهى من النتائج غير المرغوبة فى العمل الإعلامى وثورة التطلعات أو الاحباطات تعترى الجماهير عندما تقوم الوسائل الإعلامية ببث الأمانى والوعود بتحقيق أفضل النتائج والأمنيات التى عبأت بها هذه الوسائل النفوس التى لاتتحقق عند الوقت الذى حدد لتمامها . برز منظور رفع التطلعات خلال الستينيات والسبعينيات الماضية نتيجة للخطاب الاعلامي للإنقلابات والحكومات الثورية التى ابتليت بها دول العالم الثالث والتى كان قادتها يخدرون مواطنيهم بالأمانى والوعود بانتشالهم من تخلفهم الذى تسببت فيه الحكومات التى سبقتهم وانقلبوا عليها وبعد طول سنين وانتظار لم يحصد المواطنون إلا سراباً ولم يزد وضعهم إلا سوءاً ولم يتم انتشالهم بل هبطوا الى درك سحيق زادهم فقراً وبؤساً ومرضاً . ألاحظ أن بعض وسائل إعلامنا تتعامل مع الوعود الأمريكية التى تطلقها فى شأن العلاقات السودانية الأمريكية بالمنظور المشار إليه وتصور أن البلاد ستحل كل مشكلاتها حال الامتثال للشروط الأمريكية أو فلنقل لأمانى ووعود المبعوثين الأمريكيين الذى يحلون بيننا جيئة وذهاباً خلال العامين الماضيين . يطلق المبعوثون الأمريكيون هذه الأيام وعوداً أنه حال تمام عمليات الاستفتاء واعتراف الحكومة بنتيجته وبالدولة الوليدة بجنوب السودان فأن أمريكا سترفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب كما وأنها ستعلق العقوبات الاقتصادية التى فرضتها أمريكا منذ منتصف التسعينيات الماضية فضلاً عن الايعاز لمؤسسات التمويل الدولية بألا تقدم أى مساعدات أو منح أو قروض للسودان ونقلت بعض الوسائل الإعلامية المحلية والخارجية عن الرئيس الأمريكي رغبته فى التعاون مع السودان حال اعترافه بنتيجة الاستفتاء . تهليل بعض الصحفيين للتصريحات الأمريكية وأنها ستكون النهاية لمشكلات السودان مع المجتمع الدولى ستؤدى الى رفع تطلعات الكثير من المواطنين ولكن الذى يتعامل مع أمريكا عليه أن يراجع سجلها للوفاء بالعهود والالتزام بالوعود خاصة ولبلادنا تجارب عدة فى هذا الصدد قبل توقيع اتفاقية السلام الشاملة وبعد ذلك مع العلم أن القرار فى أمريكا يتم طبخه على عدد من المستويات وأن لاتصريحات الرئيس ولاسكرتيريه من الوزراء والمستشارين والمبعوثين يمكن أن تكون نهائية ونافذة . الحالة الأمريكية فى الوعود للسودان وإنفاذها عبر عنها جون كارسون مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية بقوله أن الاتصالات لتسوية حالة السودان ستستغرق سنوات ونقلت عنه صحيفة الشرق الأوسط السعودية فى عدد الخميس 13\ يناير الجارى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لم تتعهد للدولة السودانية برفع اسم السودان من قائمة الارهاب ولكنها تعهدت بالنظر فى الموضوع أما رفع العقوبات عن السودان فقد وضح مساعد وزيرة الخارجية بأنه ليس قراراً تتخذه الخارجية ولكنه عند الكونجرس وأن رفع العقوبات ربما يستغرق سنوات . من حسن النية فى تصديق الوعود الأمريكية أن نقول لها حتى يصدر القرار برفع العقوبات التى استمرت لما يزيد عن العشر سنوات وبحيثيات جائرة اتركى بلادنا وشأنها ولارغبة لها فى معاداتك وتوقفى عن تحريض الآخرين علينا واحفظى لنا حقنا فى أن نعامل كدولة مستقلة ذات سيادة فيها شعب يريد أن يعيش كغيره من شعوب العالم وأن اصطناع المشكلات والترويج لها ودعم المناوئين والمتمردين على الحكومة يؤخر السلام ويشيع روح البغض والكراهية بين أبناء الوطن الواحد ويعيق الانتاج والتطور ومن ثم الاستقرار . فلتكن الجزرة الأمريكية شطب اسم السودان من أجندة المؤسسات التشريعية الأمريكية ومنظمات المجتمع المدنى والجهاز التنفيذي وجماعات الضغط التى لم تتوخ العدالة فى كل احكامها وتقبل الصورة الحقيقية للسودان .