أكد خبراء اقتصاديون على أهمية التعاون الاقتصادي بين الشمال والجنوب في حال الانفصال، وخاصة في ال(5) أعوام الأولى في مجال تنقيب البترول، مطالبين في ذات الوقت، من خلال استطلاعهم عن كيفية قراءتهم للواقع الاقتصادي بين البلدين بعد الانفصال، بضرورة تقسيم الديون بالمناصفة بينهما، مشيرين أن معظم ديون السودان الخارجية تم صرفها في الجنوب كصرف استهلاكي دون إنتاج مما أدى إلى عدم ظهور آثار التنمية في الجنوب جراء الحرب المشتعلة فيه. مستبعدين أن يتم إعفاء الديون ما لم يتم حل القضايا العالقة بين الدولتين. يقول د. أحمد جعفر بتيك-الخبير الاقتصادي: إن انفصال الجنوب سيؤثر سلباً على اقتصاد الشمال وبنسبة كبيرة على إيراداته، باعتبار أن السودان كان يعتمد في نصف ميزانيته على البترول، بجانب أن صادرات السودان كانت تعتمد على البترول بنسبة 80%، وأضاف قائلاً: لذلك كنا نحذر دوماً في السابق من الاعتماد على البترول في الاقتصاد السوداني، مشيراً إلى أن السودان مُصنف سلة غذاء العالم لاحتوائه على العديد من الموارد مما يستوجب الاستثمار في الزراعة والثروة الحيوانية.. موضحاً أن الوحدة من الضأن تعادل قيمة «10» براميل بترول، مما يتطلب الاعتماد على الثروة الحيوانية لتغطية العجز، بجانب الزراعة، بالإضافة إلى التركيز على التعدين والذي ظهر في كثير من أقاليم الشمال وثبت أن فيها احتياطي من الذهب. وقال: لمصلحة الدولتين الشمال والجنوب أن يكون بينهما تبادل تجاري، ومتوقعاً أن في ال«5» أعوام القادمة سيكون هناك تعاون تجاري بين دولة الشمال والجنوب واقعاً ولازماً، خاصة في مجال البترول، باعتبار تكرير البترول وتصديره يتم في الشمال. وأضاف قائلاً: إذا أراد الجنوب فصل خدماته البترولية من الشمال يحتاج إلى «5» أعوام على الأقل، أما من ناحية ديون السودان، قال: إن معظمها أُخذت للصرف في بنود التنمية بالتركيز على الإقليم الجنوبي منذ الاستقلال، وكان مصدر صرف استهلاكي دون إنتاج مما أدى إلى عدم ظهور آثار التنمية في الجنوب جراء الحرب المشتعلة فيه، وقال: إذا كانت هناك أرضية لتقسم الديون بين الشمال والجنوب أن تكون مناصفة وأن يدفع كل واحد منهما نسبة 50% بعد أن يتم إعفاء بعض الدول المانحة والهيئات ما يمكن إعفاؤه. ويضيف بتيك أن العملة المتداولة في الجنوب بصورة عامة حالياً هي الدولار وبعض العملات لدول الجوار، أما تداول العملة المحلية في الأطر الرسمية، لذلك أمر العملة لا يؤثر كثيراً على الجنوب، ويرى أنه لا مبرر للجنوب في تغيير عملته في الوقت الحاضر حتى لا تكون عبئاً كبيراً على ميزانيته. ويرى الخبير الاقتصادي د. محمد علي محسي أنه في حال الانفصال يمكن أن تطرح القضايا بحرية وصدق لإيجاد الحلول الناجعة وإلا ستدخل الدولتان في تعقيدات كثيرة منها التحكيم الدولي، لذلك لابد من التفاهم والتعاون بين الدولتين في جميع النواحي المالية واللوجستية. واستبعد محسي أن يتم إعفاء الديون الخارجية قبل أن تحل مشكلة دارفور وغيرها من القضايا العالقة بين الدولتين. وأكد على أهمية قيام اتحاد نقدي بين الدولتين وأن دولة الجنوب بالتأكيد لن تقبل بعملة الشمال الموجودة حالياً. وأشار إلى أن العملة في الجنوب لم تحدد حتى الأن، كما أنها يجب أن تخضع لعملية تحديد لقيمتها مقارنةً بالعملة الموجودة حالياً في الشمال مؤكداً على أهمية التعاون في مجالات الزراعة والصناعة وغيرها من المجالات، وقلل من أهمية الحديث عن أن دولة الجنوب لا تمتلك مقومات إنشاء دولة منفصلة، وقال إن الحديث بهذه الطريقة لا يأتي بفائدة، مشيراً إلى أن الدولة في الشمال أيضاً لاتمتلك المقومات الكافية التي ترقى لمستوى تطلعات البعض، خاصة وأن هنالك منشآت تم تشييدها منذ عهد الإنجليز. فيما أكد علي محمود - وزير المالية في تصريحات صحفية أمس الأول أن هناك موارد أخرى يمكن أن تساهم في تغطية فجوة البترول حال انفصال الجنوب وعلى رأسها صادر الذهب الذي قال إنه بلغ هذا العام «25» طناً وبلغت الصادرات غير البترولية مليار دولار المكون الأساسي فيها الذهب، إضافة إلى وجود اكتشافات نفطية في الشمال ستخرج الاقتصاد السوداني من أزمة خروج جزء من النفط بالانفصال وغيرها.