الدكتور.. أبوكساوي.. معتمد أم درمان لك الود والتحايا والسلام وكتبنا لك مرات ثلاث .. كتبنا في وجع ومرة في فرح وثالثة في أمل ورابعة في إشادة.. ورغم ذلك لا شيء منك.. هل أقفرت جداول الكلمة.. أم لعل.. لايهم.. المهم أني مازلت.. أراك مختلفاً عن (إخوانك) أولئك الذين (قنعت) أنا منهم ظاهرًا وباطنًا فقد أبطرتهم أضواء السلطة والصولجان لايسمعون ولا يرون ولا يحاورون ولا يهتمون ولا يأبهون بأنين الشعب أو جراح الشعب.. أو حتى دموع الشعب.. يعاملوننا بذاك المثل القبيح والذي أكتبه مضطرًا حزينًا ومكرهًا إنّهم يمضون ونحن (ننبح) كل ذلك لايهم المهم أتمنى صادقاً أن تظل كما أنت.. أتمنى آملا أن لا تتخلق بأخلاقهم إنهم يا دكتور يقيمون هوة واسعة شاسعة وعميقة بينهم وبين مواطنيهم وكذا السلطة في أي زمان ومكان.. لها سحر الخمر وخصال الطاؤوس وبعض (الكِبر) وكثير من التعالي.. ثم اليوم نكتب لك.. فقد تناهى الى أسماعنا أن المحلية بصدد الاتّفاق مع شركة (جابية) تقوم بجمع الأموال نيابة عن المحلية وبهامش عمولة حددتها الصحف بنسبة مئوية معلومة وهنا أقول لا يهمني أمر الشركة ولا تهمني نسبة العمولة ولايهمني من تكون الشركة.. الذي يهمني أن هذا الإجراء إن كان حقيقة يقطع آخر حبل ظلّ يربط المواطن بالحكومة .. إنّه أمر نفسي محض أن تأتي لي شركة لتتحصل عوائد أو أي مبلغ وتحت أي مسمى تجعلني كمواطن ليس أكثر من (جزلان) أو محفظة أو (درج) أو (خزنة) هذا الإجراء يعصف تماماً بتلك الوشيجة رغم وهنها التي تربط المواطن بالدولة كيف ذلك؟ أولاً إن هذه الشركة.. أياً كانت.. ليس لها (بضاعة) كل بضاعتها هي تحصيل الأموال من المواطن لذا وهذا من حقها أن تتحصل على تلك الأموال.. بكل غلظة وقسوة.. وإلحاح.. وتهديد.. ويمكنها أن تقودنا مباشرة إلى الحراسات.. وقاعات المحاكم..وأقسام البوليس.. هذا عن الجانب العملي الذي هو بعيد عن العواطف والمشاعر.. والمواطنة والدولة.. والراعي والشعب.. والحاكم والرعية.. أما عن الجانب الآخر.. أنا أرى .. بل من حق كل مواطن أن يرى أن علاقته بالدولة.. أو حتى المواطنة قد انفصلت وانقطعت كلياً.. وإلا ماذا تبقى إذا كانت الجهة التي تطالبني بالأموال.. وأدفع لها الأموال..شركة تنوب عن الدولة وهذه(تركية سابقة .. حاضرة) ماذا تبقى حتى من ظلال الدولة.. إنّكم إن صدقت تلك الأحاديث.. تكونون قد تركتم شعبكم تحت رحمة بيت من بيوت (الرأسمال) الذي لا يعرف (تعال بكره) أو(قدر ظروفنا اليوم) أو(سأدفع بعد أسبوع) وهذا ما كان يقوم به موظفو المحلية لنؤكد هذه العلاقة بين موظفي المحلية والمواطن.. إن هناك علاقة راسخة بين المواطن.. وحكّامه.. هل أوضحت ما فيه الكفاية؟ آمل ذلك.. متمنيًا أن يكون الأمر كل الأمر مجرد إشاعة.. وإلا فقل على علاقة المواطن بوطنه السلام.. ثم.. كنّا نود أن نُشيد بمساحات الخضرة وروعة الأزاهير التي نمت وفاحت وسرت النفوس والقلوب والناظرين وهي تطرد مساحات واسعة من التجهم والقبح.. وتلك المسطحات الأسمنتية التي كانت.. تبعث السأم والكآبة وهي تشق الشوارع الرئيسية في أم درماننا الحبيبة.. كنّا نود أن نشيد بكل ذاك البهاء والإشراق لولا تلك الأوساخ والمياه الراكدة وتلال النفايات وهي في قلب أكبر وأعرض وأطول المصارف في قلب مدينة أم درمان وصدقني إنّه وفي وسط تلك المصارف.. قد نمت أشجار وحشائش حتى صارت غابة.. بالله عليك.. استقطع من وقتك الذي هو (قطع شك) أغلى من وقت أي مواطن وطف على أحياء أم درمان التاريخية وحدك لا يصحبك فيها مسؤول أو موظف أو ضابط إداري.. تعال لترى عجبًا ابدأ من أمام مسجد الشيخ قريب الله بود نوباوي ثم (باري) هذا الخور حتى النيل.. أنا واثق أنك سوف تُقصي بعد هذه الجولة عددًا مقدرًا من معاونيك.. أقول هذا فأنا مازلت أراك مختلفا.. آمل أن يكون ظني في محله.. ولك عاطر تحياتي