حسم المجلس الوطني أمس الجدل حول قانون جهاز الأمن الوطني لعام 2009م وأجازه بأغلبية الأصوات في جلسة انسحب منها نواب التجمع الوطني وسلام دارفور وجبهة الشرق، وقررت الكتل المنسحبة بما فيها(كتلة الأحزاب الجنوبية) الشروع في تقديم طعن دستوري ضد إجازة القانون، فيما لم تنسحب الحركة الشعبية خارج الجلسة وصوتت ضد القانون، وقالت نحن لسنا مسؤولين عن القانون لأننا نرفضه.. وأكد أحمد إبراهيم الطاهر رئيس المجلس خلال الجلسة أن القانون نتاج للتشاور بين الأحزاب والشريكين (المؤتمر الوطني والحركة) مستدركاً (لكنه عند التوقيع تراجع أحدهم) ونكص ثم اتّفق ونكص، منوهاً إلى أهميته في تنظيم أمن الجنوب بتكوين جهاز للأمن واعتبر تلك خاصية أساسية في القانون. وشهدت الجلسة أمس مداولات حول القانون في مرحلة العرض الثالث قبل إجازته في المرحلة الأخيرة واعترض توماس واني الناطق باسم الحركة على المواد (25)، (50) و(51) المتعلقات بسلطات الجهاز في الاعتقال والحجز والتفتيش بحجة تعارضها مع الدستور الانتقالي في اتّفاقية السلام الشامل، مطالباً بإلغائها، وقال إن الحجز ليس من سلطات جهاز الأمن وإنما المشورة وجمع المعلومات فقط. وانتقد علي جاويش ممثل الإخوان المسلمين منح حصانات لمنسوبي جهاز الأمن والمتعاونين واعتبره ظلماً واضحاً واتّفق معه عضو الحركة الشعبية محمد المعتصم حاكم. وقال إن الحصانات لا تتماشى مع التحول الديموقراطي. فيما دعا صديق الهندي عضو الحزب الاتحادي إلى الموازنة بين أمن الدولة وأمن المواطن وقال حتى لا نقوي من حماية الأنظمة كما اعترض على سلطة الاعتقال دون الإعلان عن الجريمة التي ارتكبها الفرد ورأى أن مدة الاعتقال طويلة وقال لا أرى مبرراً لإطالة المدة إلا إذا كان القصد منها ترويع المواطنين.. وقال محمد أحمد حاج ماجد عضو الوطني إن من يطالبون بخلع أسنان قوات الأمن عليهم بتطبيق العدالة في مناطقهم حتى يتحدثوا عن عدالة في الشمال. وطمأن وزير العدل عبد الباسط سبدرات المواطن على احقيته في التقاضي واللجوء للمحكمة إذا استمر في الحجز أكثر من المدة المحددة في المادة (50) واقترح إلغاء المادة المتعلقة بإعدام أو سجن المنتمين للجهاز في حالة إفشاء الأسرار للعدو ورأى أن فيها تعسفاً نافياً أن يكون القانون مناف للدستور والاتّفاقية، وحول المساحة المتعلقة بالاعتقال قال (الضرورات تبيح المحظورات)ولا يوجد جهاز بدون سلطات للقبض والاعتقال. وأكد أن الاعتقال سيكون وفق ضوابط ويُعلم أهل المعتقل بمكانه. ومن جانبه خاطب بروف إبراهيم غندور القيادي بالمؤتمر الوطني نواب الحركة الشعبية وطلب منهم الالتزام بالاتّفاق السياسي الذي تم بين الشريكين (الحركة والمؤتمر) وقال (التزموا باتّفاقكم حتى نلتزم معكم) مشيراً إلى التوقيع المعنون في نسخة القانون باسم وزير الشؤون القانونية للحركة ووزير العدل سبدرات، الأمر الذي شكك فيه رمضان شميلا عضو الحركة بنقطة نظام. إلا أن غندوراً أكد ما ذهب إليه ونفى د. غازي صلاح الدين رئيس كتلة الوطني أن يكون القانون قد وضع لفض الخصومات السياسية أو مطاردة السياسيين وأوضح أن القانون جاء لحماية المجتمع وليس لحماية الحكومة والقطاع الحاكم. وفي السياق أعلنت الكتل المنسحبة من الجلسة خلال مؤتمر صحفي عقد أمس الشروع في تقديم طعن للمحكمة الدستورية ضد إجازة القانون، وقال أبو سبيب رئيس كتلة التجمع سنستمر في مقاومة القانون من أجل إسقاطه ولن نتوقف وسنشرع في تقديم طعن دستوري. فيما بررت كتلة الحركة عدم انسحابها بالاتّفاق مع الكتل على اتخاذ مواقف مختلفة ما بين الانسحاب والرفض والتصويت وقال توماس نحن نرفض القانون جملة وتفصيلا. يذكر أن القانون منح جهاز الأمن سلطة القبض والتفتيش والحجز إلى جانب تقديم المشورة وجمع المعلومات وأمّن على الحرية الشخصية والخصوصية وعدم الاعتداء عليهما إلا وفقاً للقانون ونصت المادة (50) من القانون على منح الجهاز (30) يوماً للاعتقال وبعد انقضاء مدة الثلاثين يوماً المشار إليها وإذا كانت هنالك أسباب معقولة تقتضي المزيد من التحري والتحقيق وبقاء الشخص المحتجز رهن الحراسة فعلى عضو جهاز الأمن رفع الأمر لمدير الجهاز والتوصية بما يراه مناسباً، ويجوز للمدير تجديد الحبس لمدة لا تتجاوز الخمسة عشر يوماً لإكمال التحري والتحقيق. ونصت المادة (50) في فقرتها (ح) على أنه إذا تبيّن للمدير أن بقاء الشخص رهن الحراسة ضروري لإكمال التحري والتحقيق لارتباط الاتّهام بما يهدد أمن وسلامة المواطن وترويع المجتمع عن طريق النهب المسلح أو الفتنة الدينية أو العنصرية أو الإرهاب أو تخريب السلام أو ممارسة العنف السياسي أو التخابر ضد الوطن عليه أن يرفع الأمر لمجلس الأمن الذي يجوز له مد فترة الحبس لمدة لا تتجاوز الثلاثة أشهر. ونصت الفقرة (ط) من المادة 50 مع مراعاة الحالات المشار إليها، على سلطات الجهاز إخطار وكيل النيابة المختص وتسليمه المشتبه فيه وكافة المستندات وملحقاتها لتكملة الإجراءات وفي حالة عدم وجود بيّنه مبدئية يجب على الجهاز إطلاق سراح المشتبه به. أما المادة(51) فقد نصت على حقوق المقبوض عليه إذ نص البند (10) منها على أن يكون لأي محتجز الحق في اللجوء للمحكمة إذا بقي في الحجز أو الاعتقال أكثر من المدة المحددة في المادة (50) وذلك لضمان عدم الاحتجاز أكثر من المدة المحددة قانوناً وكفالة حق المحتجز باللجوء للمحكمة إذا أهدرت حقوقه دون حق قانوني. من جانبها أعلنت احزاب الاجماع الوطني في وقت متأخر من مساء أمس رفضها لقانون الأمن الوطني الذي أجيز أمس بالبرلمان، في وقت أكدت فيه اعتزامها تكوين مجلس قومي بينها والمؤتمر الوطني يضم «7 - 12» عضواً من الطرفين لمناقشة الأجندة الوطنية ويشترط في ذلك وقف أي تصرف فردي لحين تحقيق اجماع حول القضايا المختلف عليها بموجب اتفاق سابق بين الطرفين. وقالت د. مريم الصادق المهدي أمين العلاقات الخارجية بحزب الأمة القومي ممثلة قوى الاجماع للصحافيين عقب الاجتماع الذي إلتأم أمس بدار حزبها بمشاركة قيادات أحزاب المعارضة ورئيس حركة تحرير السودان أركو مناوي قالت إن استغلال الوطني لاغلبيته الميكانيكية في البرلمان وإجازة القانون تجعل الحديث عن أي حوار لا معنى له، واشترطت استمرار الحوار بينهما لايقاف التصرفات الفردية بشأن القضايا المختلف حولها. وأكدت مريم أن قانون الأمن الذي أجيز غير ملزم لقوى الاجماع، وأشارت الى أنه لا يسري عليها بما في ذلك الحركة الشعبية وحركة مناوي. وأوضحت أن الاجتماع قرر تكليف الآلية التنفيذية التي يترأسها أمين عام الحركة الشعبية باقان أموم لتنظيم التحرك في الفترة المقبلة للتعبير عن موقفها المبدئي من قانون الأمن الذي أجيز أمس، ودعت مريم أحزاب الاجماع بتحديد موقفها من الانتخابات، ومن ثم توجيه الدعوة لقياداتها لاتخاذ قرار نهائي بشأن المشاركة في الانتخابات من عدمها.