هنا المغرب: خواطر وانطباعات ومشاهدات:هساي بلغ إعجابي بالمغرب الشقيق حداً لا يوصف، وذلك من خلال زيارتي السريعة لها لاختياري ضمن كوكبة من الإعلاميين الرياضيين تم تكريمهم في الدارالبيضاء. وامتدت زيارتي وزميلي الأستاذ عصام الحاج المصور الصحافي المعروف وعضو الاتحاد الوليد للمصورين العرب لمدينة الرباط، وخلال زيارتي لهاتين المدينتين الدارالبيضاء العاصمة الاقتصادية والرباط العاصمة السياسية مقر الحكومة والسفارات والوزارات، خلال الوجود في هاتين المدينتين الجميلتين استرعى انتباهي ولفت نظري وتوقفت بالاهتمام لكثير من المواقف والمشاهدات، واستولت على العقل الكثير مما لمستُ وشاهدت، ورأيت من حق القارئ علينا ان نستصحبه معنا في هذه الجولة.. فإلى هناك؟ تعددية خزبية: في المغرب هناك جنباً إلى جنب مع الحزب الحاكم، هناك انفتاح سياسي وديمقراطية تتمثل في وجود العديد من المنابرالحزبية مما يجعل هذه التركيبة تثري الحياة السياسية. صحافة حرة تمارس أشد النواع النقد للوزراء الصحافة المغربية حرة توجه أشد الانتقادات للوزراء وتقوم بدورها في التقويم وتمارس دورها الرقابي على الجهاز التنفيذي، وعقب الاحتفالية التي نظمها الاتحاد العربي للصحافة الرياضية بالتضامن مع اتحاد الصحافة الرياضية المغربية وجهت بعض الصحف انتقادات حادة لوزير الشباب والرياضة المغربي لمجرد حضوره الاحتفالية متأخراً فوبخته وعنفته بشدة وبالخط العريض. المغاربة يتحدثون العربية الفصحى! كان الشعورالذي يتملكني بأن المغاربة لا يجيدون الحديث بالعربية، على نحو ما شاهدت في بعض دول شمال أفريقيا أو المغرب العربي، ولكن راعني وأعجبني أن الأمر خلاف ما توقعت، فأدركت أنني أخطأت التقدير فكل الأشقاء الذين تعاملت معهم في فندق شيراتون الدارالبيضاء وفي بعض الأماكن العامة يجيدون العربية الفصيحة، ولا يحتاج منك الأمر إلى تعريب إذا صح التعبير. طرب وسبع في سوق الناقة بالدارالبيضاء في إطار الترحيب بي وزميلي المصور عصام الحاج،احتفى بنا الأستاذ الدكتور المستشار محمد المبارك في ضاحية تبعد حوالي ثلاثين كيلو من الرباط، وهناك يذهب المغاربة والمقيمون والسواح للترفيه وتناول الوجبات الشهية على الطبيعة. والمحلات التي تزدحم بها هذه الضواحي مشيدة على أحدث طراز سواء وسط الغابات أو الفسحات. وحقيقة لقد استمتعت وزميلي المصور عصام بأجمل رحلة في ضيافة المستشار ومساعده الشاب الخلوق. والمطاعم في هذه المناطق أشبه بسوق الناقة في أم درمان مع الفارق، ونتناول فيها أطعمة لها مواصفاتها وحلاوتها وشهيتها المعروفة، ولا يتذوق فمك وحده ولكن الأذن أيضاً تسمع وتستمتع لأحلى موسيقى شعبية طروبة، عندما يشرع شباب أو رجال يتميزون بالبساطة والقروية بألوان وتمازج موسيقى شعبية راقية وراقصة، هزتني بتقسيمات إيقاعها وجعلتني أطرب إلى حد النهوض من مقعدي لمشاركتهم الطرب. السودان سحب البساط من الجميع في سرعة الوصول لقلوب المغاربة في المغرب من حق السوداني أن يفاخر بأنه الأقرب لقلوب الأشقاء المغاربة، والسوداني في عيون المغاربة هو الأكثر نقاءً وصراحة وحميمية. والمغاربة يعتزون بصداقتهم مع السودانيين، والمغربي في أي مكان ما أن يعرف أنك سوداني سرعان ما يقوم بالترحيب بك ويقابلك بحالة من الارتياح الشديد تفوق كل التصورات والتوقعات، وبصريح العبارة سحب السوداني البساط من كل الجنسيات العربية بسرعة الوصول لقلوب الأشقاء في المغرب الجميل، وحقيقة فإن هذا الشعور الذي أعطانا له الأشقاء في المغرب ترك في نفسي وزميلي عصام أثراً لا ينمحي، واللهم أدِم علينا هذا الحب مع شعب المغرب الراقي والمتحضر. تحت شعار (الماعنده قديم لا جديد له) أسواق عديدة للتراث في الرباط استرعى انتباهي وجود العديد من الأسواق، بعضها في مباني قديمة هي نفس المباني العتيقة القديمة للأسواق قبل مئات السنوات، وهذا السوق للملبوسات والمصنوعات التراثية التي يقبل الأجانب على شرائها بشغف، وهناك أيضاً أسواق للفخار، ويجيء هذا الاهتمام المتعاظم تحت شعار (اللي ما عنده قديم لا جديد له). دفء رغم المطر بالرغم من أن الدارالبيضاء استقبلت تظاهرة الإعلاميين العرب بالمطر، إلا أن المشاعر الصادقة والترحيب الحار منحنا الدفء التام وجاء الاهتمام بنا ترحيباً وتكريماً مبالغاً إلى حد البطر وبصورة يعجز قلمي عن وصفها، وإذا كنا كسودانيين نعتز بكرمنا للضيف، فإن ما شهدته في المغرب شيء يذهل ولا يصدق. التاء والطاء في المغرب لاحظت ولاحظ غيري أنه في بعض أحيان يكتب حرف التاء طاء، مثلاً التاكسي ينطقونه أو يكتبونه بالطاء وهوتيل يكتبونها هوطيل. شاهد أنوار أسبانيا أسبانيا قريبة جداً من المغرب لدرجة أن 13 كيلو فقط تفصل بينها وبين إحدى مدن المغرب.. والتي بمقدورك أن تشاهد منها أنوار المدن الأسبانية. مدن فوق ومدن تحت! لم أكن أتوقع أن أشهد مدينة عربية جميلة مثلما شهدت بيروت، ولكن ما شهدته في المغرب كان الأروع والأبدع، حيث إن هناك مدناً فوق الجبال ومدناً تحت بصورة تخلب قلوب أهلها وزائريها. وجه الشبه بين وزيرهم ووزيرنا سوار قبل أن يحضر الوزير سوار لوزارة الشباب والرياضة كان البعض يراهن على فشله، وكان البعض يعتقد أنه سيكون غريباً على الشباب والرياضة، إلا أن كل ما توقعه البعض لم يحدث، بل حدث العكس وأحدث الوزير حراكاً غير مسبوق في الوزارة، وبدأ يضع بصمته فيها. وما حدث لسوار تكرر للوزير المغربي للشباب والرياضة وكانت التوقعات بفشله حتى حدث العكس.. وقاد الرجل الوزارة لتحقيق الكثير من الإنجازات مما يؤكد التشابه بين حالي الوزيرين في السودان والمغرب. المغرب تحب صحف «التابليويد»: استرعت انتباهي ظاهرة وجود عدد كبير من صحف (التابليويد)، أي الحجم النصفي، والمغرب تحب هذه الصحف وتتلقفها بشغف. السفر بالقطارات بين المدن أكثر راحة ورفاهية يعتبر مرفق السكة حديد أحد المرافق المهمة في المغرب، وتعتمد المغرب على القطار في السفر بين المدن، وللحقيقة فإن هذا المرفق واجهة مشرفة للمغرب من حيث جودة وقوة القطارات، ومن حيث المواعيد المنضبطة في السفر انطلاقاً ووصولاً، والسفر بالقطار كما فعلنا وزميلي المصور عصام عندما قطعنا مائة كيلومتر بين الدارالبيضاءوالرباط، هو أكثر راحة وأكثر رفاهية وسرعة، ولذلك يشهد مرفق السكة حديد حركة انتعاش واسعة. المطر لا يوقف عجلة العمل مشهد رائع ومثير، وذلك رغم المطر الذي يهطل بكثافة إلا أنه لا يعطل مسيرة العمل والتي لا تتوقف بسببه حيث يسارع أي شخص للاستعانة بالمظلة الصغيرة التي دائماً بحوزته ويقي بها نفسه من الأمطار لمباشرة عمله الدؤوب، وحكي لنا الزميل المصور الصحفي ناصر الباقر الذي يعتبر واحداً من الإعلاميين السودانيين القدامى بالرباط، حكى لنا أن بعض الطلاب السودانيين عندما استقبلوا الأمطار في أول عام لحضورهم للمغرب تيقنوا من أن يومهم ضائع ضائع، فرابطوا في منزلهم إلا أن قطع عليهم الراحة والتخلي عن الدراسة في يوم المطر وأن عليهم أن يفعلوا على غرار ما يفعل الأشقاء في المغرب. الشاي أجواء وطقوس في المغرب يحبون الشاي ويعدونه على طريقة رائعة والشاي في المغرب أجواء وطقوس، وطريقة صب الشاي في الكبابي من البراد تتم بعادة واحدة يمارسها الكبار والصغار، وذلك برفع البراد للأعلى ثم صب الشاي للأسفل وحتى صديقنا الإعلامي الباقر أخذ على هذه العادة والطريقة ومارسها أمامنا وهو يكرمنا بالشاي. استثمار رائع للأمطار: لاحظت أن الأمطار هناك تستمر بشكل رائع حتى تعود على المواطن بالنفع والزرع والضرع. القماير من نوع آخر بدأ الزميل المصور الصحافي عصام الحاج في دهشة عندما كان يتجول في سوق الفخار وقال معلقاً دي القماير بذاتها. الصورة أفضل من مقال لاحظت ولاحظ الزميل عصام المصور الصحافي المعروف أن صحف المغرب تبدي اهتماماً كبيراً بالصورة إلى الدرجة التي تفرد لها صفحة كاملة تأكيداً بأن صورة واحدة ربما تعبر تعبيراً صادقاً لا يمكن أن يعبر به مقال من نصف صفحة!.. وربما لهذا السبب وهذا الاهتمام بالصورة نبعت فكرة اتحاد المصورين الرياضيين العرب من المغرب نفسها.