تأسست جامعة جوبا بقرار من الرئيس السابق جعفر محمد نميري فى منتصف السبعينيات الماضية وتأسست معها جامعة الجزيرة ليتم اضافتهما للجامعتين الوحيدتين فى البلاد الخرطوموأم درمان الاسلامية هذا بالإضافة الى المعاهد الجامعية وجامعة القاهرة فرع الخرطوم . وتأسست جامعة جوبا فى مقرها بجنوب البلاد فى عاصمة الاقليم الجنوبي حينها وقبل بها الطلاب كجامعة سودانية قومية لها خصوصية اعداد البرامج الدراسية التى تتواءم مع حاجة هذا الاقليم فى مجالات التنمية المختلفة وتوفير الكوادر التى يحتاجها لادارة شؤونه والخدمات التى يحتاج إليها المواطنون من جنوب البلاد . مع عودة التمرد بعد العام 1983 بقيام الحركة الشعبية والجيش الشعبى انتقلت الجامعة الى الشمال لعدم قدرتها على اتمام العملية التعليمية نتيجة للحرب واجواء عدم الاستقرار التى عمت الاقليم الجنوبي واستضيفت الجامعة بالخرطوم فى بنايات مؤجرة أو مدارس حكومية فى أم درمانوالخرطوم والخرطوم بحري لتكون مقراً لبعض الكليات وصارت مثلها مثل جامعات الشمال يتقدم لها الطلاب من مكتب القبول القومي وقل فيها عدد الطلاب الجنوبيين وكثر فيها الطلاب من ولايات السودان الآخرى كما وكان غالب أعضاء هيئة التدريس فيها من ولايات السودان الشمالى . وجود جامعة جوبا فى شمال السودان كان أمراً استثنائيا ولظروف الحرب وعدم الاستقرار فى منشئها الأصلي وأدت هذه الحالة أن تشهد أروقة الجامعة الكثير من الإحتكاكات خاصة بعد توقيع اتفاقية السلام الشامل لسنة 2005 وبدأت التصريحات من هنا وهناك بنقل الجامعة الى مقرها الرئيسي بجوبا ويبدو أن هذا الاتجاه لم يجد ترحيباً ليس من الشماليين فى الجامعة فقط بل وكثير من الجنوبيين طلاباً وعمالاً وأساتذة وماينطبق على نقل مقر جامعة جوبا ينطبق أيضاً على جامعات بحر الغزال وأعالى النيل واللتين تأسستا فى ظل ثورة التعليم العالى ولم يكتب لهما الاستمرار فى الجنوب بل وتكاد كل كلياتهما قد قامت فى الشمال واستمرت خلال العقدين الماضيين وحتى جامعة رومبيك التى تم أنشاؤها مؤخراً أوجدت لها مقراً بالخرطوم . خلال الشهرين الماضيين ومع بوادر الانفصال وحض الجنوبيين للعودة الى وطنهم وتشجيعهم للتسجيل فى الجنوب بدأت خطوات عملية لإنتقال هذه الجامعة وخروجها من الشمال وبرزت الى السطح قضية الطلاب الشماليين فى الجامعات المشار إليها كما بدأت تحركات القوى العاملة فى هذه الجامعات من الشماليين من أعضاء هيئات التدريس والموظفين والعمال ولم يحسم هذا الملف بعد وإن كان تحرك الطلاب أفضل من غيرهم من خلال اتحادهم العام الذى وضع أمام الطلاب اكثر من خيار لمعالجة حالتهم ولكن الاجتهاد فى هذا الصدد يجب ألا يذهب الى ماروج له البعض من قيام جامعة جديدة وهو أمر يجب ألا تسوق إليه العواطف وكسب ود الطلاب الى اختياره إذ لايتناسب ذلك مع سياسات الدولة التى اعلنتها لضبط إنفاقها وترشيده ولا مع مسوغات قيام جامعة جديدة والتى ستفصل فى هذه الحالة أقسامها وكلياتها على الطلاب لتكون حالة أول جامعة فى التاريخ تقوم خصيصاً لإستيعاب طلاب سبقوها فى تحديد مساقاتهم الدراسية ويعرف عن الجامعات أنها لاتمنح شهادة إلا بعد قضاء الطالب لعدد من الساعات الدراسية فيها وتكون للجامعة شخصيتها وأهدافها التى تحققها البرامج الدراسية التى تحددها المجالس العلمية للجامعة . الافضل أن يطبق على هؤلاء الطلاب ماطبق فى أوائل التسعينيات الماضية على الطلاب العائدين من الجامعات الخارجية عندما أعلن البروفسور ابراهيم أحمد عمر وزير التعليم العالى حينها قراره الشهير بعودة جميع السودانيين الذين يدرسون بالجامعات الخارجية واستيعابهم فى ذات تخصصاتهم بالجامعة السودانية القائمة ولم يتم التفكير فى إنشاء جامعة خاصة بهم رغم عودة الآلآف من جامعات الدنيا كافة وقلة الجامعات الرسمية حينها. ما التخصصات التى توجد فى جامعات الجنوب الثلاث ولاتوجد فى اكثر من ثلاثين جامعة سودانية ومامصير هذه الجامعة بعد أنقضاء أربع أو خمس سنوات وما الاسم الذى سيتم اختياره لها هل سيكون اسمها جامعة استيعاب طلاب الجامعات الجنوبية .