عيد الميلاد: يأتي إلينا عيد ميلاد السيد المسيح اليوم نوراً يشرف علي عالم قد سيطرت عليه الظلمات، وضاعت منه احلي الكلمات، تلك التي تملأ القلب سلاماً وأطمئناناً، ونتجه جميعنا الي مذود بيت لحم، نأخذ من هناك هدوءاً وسلاماً لبلادنا التي تواجه شبح الإنقسام، وندعو الله ان يدبر أمورنا، حتي وان انفصل الجنوب لا تنقطع تيارات المحبة بل لتستمر في مجري النيل الذي حتي لو أنفصلنا لن يتغير مجراه. لقد جاء ملء الزمان ، وسمع من سمع من الناس صوت النشيد السماوي الذي هتف في احدي الليالي منادياً لكل البشر، ها أنا ابشركم بفرح عظيم، انه ولد لكم اليوم في مدينة داؤود مخلص هو المسيح الرب. وهكذا تم الوعد لآدم، وكرز بمجئ المخلص جميع الأنبياء القديسين، وجاءت الملائكة ليلة الميلاد تبشر المنتظرين بتحقيق آمالهم، ولهذا تفرح السموات، وتبتهج الأرض، لأن الرب افتقدنا برحمته، وفي كل عيد ميلاد مجيد، نسمع البشارة فنفرح، لان سيول الرحمة الغنية قد انسكبت، وحب الله لنا قد فاض، ولهذا نرنم اغتباطاً، ونهتف في سرور مع الملائكة ونقول مثلما قال الملائكة، ونهتف مثلما هتفوا، وننشد مثلما أنشدوا، ونقول معاً » لْمَجْدُ لِلَّهِ فِي الأَعَالِي وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ وَبِالنَّاسِالْمَسَرَّةُ«.(لوقا 14:2). لقد كانت ليلة ميلاد السيد المسيح من اجل ما مر علي البشر من ليالي سعيدة، ونحن في عيد الميلاد نجدد هذه الذكري معاً، نذكر يوم أن أخذ الملائكة يهتفون بالبشارة، وغنوا علي قيثارة السماء بنغمات حلوة، ورفعوا تسابيحهم لتسمع الإنسانية البائسة، ونطقوا بالتمجيد كالابواق ليوقفوا أبناء التراب علي ما جاءهم من الخبر، اندهش جند العلي، وإجتمعت الملائكة، وجاءت من السماء، لتعلن هذا الخبر العجيب، أشرقوا بنورهم، وشقوا ببهائهم جوف الليل، تقدمهم الضياء، وصار قدامهم اللمعان، وانتهي الظلام، حولوا الليل نهاراً، والأرض سماء، ليعلنوا ميلاد السيد المسيح الذي جاء ليضئ علي الجالسين في الظلمة، وظلال الموت، وكما أن الظلمة تتلاشي بظهور ملكت الخطيئة وعمت، وحالما أشرق شمس البر، بدد سلطانها، وحول ظلامها نوراً، وهكذا ولد السيد المسيح ليلاً فطرد بالنور السماوي جيوش الظلام، ولد من أعلن قائلاً: أنا هو نور العالم، ثم كلمهم يسوع أيضاً قائلاً: »أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ«.(يوحنا 12:8)، وصار بعد هذا من حق كل مؤمن بل من واجبه ان يكون نوراً للعالم، أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَلٍ وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجاً وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.(متي5، 14-16). نور العالم: نعم نحن نحتفل اليوم بعيد ميلاد السيد المسيح نور العالم، الذي أشرق بنور وصاياه علي عالمنا المظلم، وكم نحن اليوم في احتياج الي هذا النور، لقد بدأ السيد المسيح بالحديث عن النور الذي فينا ، والذي يملأ قلوبنا، وينطلق من عيوننا وقال: سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّراً وَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ مُظْلِماً فَإِنْ كَانَ \لنُّورُ الَّذِي فِيكَ ظَلاَماً فَالظَّلاَمُ كَمْ يَكُونُ!(متي 6 :22-23)، والغريب جداً أن النور في داخلنا ولكننا أحياناً نحب الظلمة ونبتعد عن طريق النور، وَهَذِهِ هِيَ الدَّيْنُونَةُ: إِنَّ النُّورَ قَدْ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ وَأَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ السَّيِّآتِ يُبْغِضُ النُّورَ وَلاَ يَأْتِي إِلَى النُّورِ لِئَلَّا تُوَبَّخَ أَعْمَالُهُ. 21وَأَمَّا مَنْ يَفْعَلُ الْحَقَّ فَيُقْبِلُ إِلَى النُّورِ لِكَيْ تَظْهَرَ أَعْمَالُهُ أَنَّهَا بِاللَّهِ مَعْمُولَةٌ«.(يوحنا3 ،19-21). وفي ميلاد السيد المسيح نذكر أن الإنسان منارة، لأنه واحد من أبناء النور، وفي كل مكان فيه الإنسان يكون منارة لنفسه وللناس، وعندما تحدث يوحنا الرأي الي ملاك كنيسة أفسس وعاتبه عن برود محبته ونسيان حبه الاأول للرب، وهدده بأن يزحزح منارته من مكانها وقال: لَكِنْ عِنْدِي عَلَيْكَ أَنَّكَ تَرَكْتَ مَحَبَّتَكَ الأُولَى. فَاذْكُرْ مِنْ أَيْنَ سَقَطْتَ وَتُبْ، وَاعْمَلِ الأَعْمَالَ الأُولَى، وَإِلَّا فَإِنِّي آتِيكَ عَنْ قَرِيبٍ وَأُزَحْزِحُ مَنَارَتَكَ مِنْ مَكَانِهَا، إِنْ لَمْ تَتُبْ.(رؤيا 2 :4-5) ، ويدعونا بولس الرسول ويقول: قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ. لِنَسْلُكْ بِلِيَاقَةٍ كَمَا فِي النَّهَارِ لاَ بِالْبَطَرِ وَالسُّكْرِ لاَ بِالْمَضَاجِعِ وَالْعَهَرِ لاَ بِالْخِصَامِ وَالْحَسَدِ. (رومية13 12-13). وفي ذكري ميلاد السيد المسيح نطلب من الله ان يشرق بنوره علي سوداننا، ونحيا في النور، ونكون نوراً ومنارة، وتملأ حياتنا انوار السماء، ويضئ علينا بهاء الرب، ويشرق علينا مجد الرب، ويستمر السودان حكومة وشعبا في طريق النور، ويسلكون سلوكاً ملائكياً، ويعاينون نور ملائكة التبشير بميلاد المسيح.