هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته هناك العديد من الدراسات اللاهوتية التي تقدم السيد المسيح باعتباره الثائر الأعظم، وقد كانت ثورته على كل الفساد القديم ثورة عارمة وقوية وهادرة، وفي الوقت نفسه ثورة بيضاء لم يسفك فيها دم أحد، ولكن السيد المسيح قدم دمه الطاهر فداء لثورته البيضاء، وعندما رأى السيد المسيح أن موقع السلام صار موقعاً للتشويش، وأن هيكل الرب صار مركزاً تجارياً يتنافس فيه باعة الحمام، وصيارفة العملات ثار السيد المسيح ثورته، وغار غيرة للرب، ويقول إنجيل يوحنا: وَكَانَ فِصْحُ الْيَهُودِ قَرِيباً فَصَعِدَ يَسُوعُ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَوَجَدَ فِي الْهَيْكَلِ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ بَقَراً وَغَنَماً وَحَمَاماً وَالصَّيَارِفَ جُلُوساً. فَصَنَعَ سَوْطاً مِنْ حِبَالٍ وَطَرَدَ الْجَمِيعَ مِنَ الْهَيْكَلِ اَلْغَنَمَ وَالْبَقَرَ وَكَبَّ دَرَاهِمَ الصَّيَارِفِ وَقَلَّبَ مَوَائِدَهُمْ. وَقَالَ لِبَاعَةِ الْحَمَامِ: «ارْفَعُوا هَذِهِ مِنْ هَهُنَا. لاَ تَجْعَلُوا بَيْتَ أَبِي بَيْتَ تِجَارَةٍ». فَتَذَكَّرَ تلاَمِيذُهُ أَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «غَيْرَةُ بَيْتِكَ أَكَلَتْنِي». (يوحنا2: 13-17) وقد حدثت ثورة المسيح لتطهير الهيكل مرتين الأولى في السنة الأولى لخدمته، والثانية في الأيام الأخيرة لخدمته. والسيد المسيح هو الثائر الأعظم الذي قدم مفاهيم الحرية والعدالة والمساواة، ورد للإنسان كرامته فهو إبن الإنسان، وأزال العداوات بين الرجل والمرأة، وبين الإنسان وأخيه، وبين الإنسان والسماء، ودافع عن حقوق الضعفاء والمهمشين واللاجئين والمنعزلين عن المجتمع، وقدم للبشر مبادئ ثورته البيضاء في العظة على الجبل ، وطالب أن يكون الإنسان ملحاً للأرض نوراً للعالم، صادقاً في كل ما يقول، لا يلجأ إلى القسم ليؤكد حديثه، بل هو صاحب كلمة واحدة، يضيء نوره قدام الناس، يحيا حياته صانعاً للسلام، وديعاً متواضعاً، لا يجوع إلا للبر، ولا يعطش إلا إلى التقوى، ويشرب من الماء الذي من يشرب منه لا يعطش إلى الأبد، ويرحم الآخر في نقاء قلب، لا يقاوم الشر، وثورة المؤمن ثورة بيضاء فهو يغير الأحقاد بالمحبة، والكراهية بالقلب المتسامح، يحب القريب والعدو، وقد نجح المسيح الثائر الأعظم في إصلاح العالم، وإرساء مبادئ العدالة والحرية والمساواة، وتظل ثورته البيضاء حتي الآن تمد كل ثورة بقوة الإصلاح والصلاح، والمبادئ السامية النبيلة. وقد حظيت ثورة يناير في مصر العظيمة بالكثير من الجماليات رغم ما حدث من تضحيات، ورغم استشهاد العدد الكبير من الشباب، الذين صمموا على الحرية والعدالة والمساواة، ووقفوا ضد نفاق الزمن واستبداد الحكام، وصار ميدان التحرير كتاباً مقدساً، وتجمعاً قوياً هادراً، وقدم الشباب ثورتهم بيضاء في سلام ومسالمة، ولكن ظروف الاستبداد القائم في مصر، وحب المستبد أن تبقى دولته، هو الذي كان سبباً في سفك دماء الأبرياء. وكانت ثورة يناير ضد كل مبادئ الشر والفساد، وتضافر فيها كل أبناء مصر، وتحول ميدان التحرير، إلى كنيسة يصلي فيها المسيحيون ليس قداس الأحد فقط، إنما صلوات الأجبية، سبع صلوات كل يوم، وتحول ميدان التحرير إلى جامع مقدس يركع فيه المسلمون خمس مرات كل يوم، وصار كل يوم جمعة يحمل عنواناً ويحشد الكثير من المتظاهرين، فكانت جمعة الغضب، وجمعة الرحيل، وجمعة الصمود والتحدي، وجمعة الزحف، حتي جاءت جمعة الرحيل التي أجّلتها خطب الزعيم الفاشلة، التي لم تشبع رغبة الثوار بل كانت سبباً في سخريتهم، وسمعنا عن قصص الفداء فهوذا كاهن كنيسة يفتدي واحداً من الذين وقفوا ضد الثوار، وهو بهذا يغير هذا الحاقد إلى إنسان محب للثوار لقد جمع ناراً ووضعها على رأسه، فحدث فيه سر التغيير. وقد امتلأت صفحات الجرائد والمجلات بالأحاديث الجميلة عن ثورات مصر، واشتغلت وسائل التواصل الحديثة في نشر مبادئ الثورة وأخبارها وخطواتها ومواكبها الهادرة، وكما يقول دكتور عمود عبد اللطيف في مجلة العربي يناير2012م الثورات سيول التغيير، وحيث ينهمر السيل فإنه لا يجرف أمامه شخوص العهد البائد وسياساته فحسب بل بلاغاته أيضاً، وبينما تشق الثورة لنفسها مجرى جديداً، تتشكل بلاغة جديدة، فالثورات تلد بلاغتها، لقد كانت ثورة مصر ثورة على البلاعة البائدة، فلقد فرغ مضمون بلاغه الاستبداد، ووضح ضلالها ومراوغتها، وتأسست بالثورة بلاغة صادقة تحررية قوية، وكانت ساحة الثورة مسكونة بخطاب الثوار الصادق الذي تجلي في الهتافات والشعارات والصور والأيقونات، والأغاني واللافتات، والخطب والكلمات التي أنتجها الثوار بلاغة جديدة في الفيس بوك وفضاءات التواصل الألكتروني، ورفض الثوار خطابات الرئيس المصري، ونائب الرئيس الذي جاء يتألق في الوقت الضائع وصار الثوار حتي الآن لا يعجبهم حتى خطاب العسكر، الذين أنقذوا الموقف ولكنهم لم يكسبوا الثوار الذين صارت هتافاتهم الآن: لا نريد حكم العسكر، وتطالب العسكر بدءاً بالمشير مروراً بكل الجيش أن يرجعوا إلى مساكنهم سالمين، وإلا فالثورة لن تتوقف. لقد صار ميدان التحرير فضاء بلاغياً جديداً يقوم بوظائف مهمة في إنجار عمليتي الإقناع والتأثير، وصار هذا الفضاء البلاغي وعاء لأنشطة تواصلية ذات طابع جمالي، وارتبطت البلاغة الجديدة بالرمز الوطني الأصيل المتمثل في العلم المصري، وتحول العلم إلى ألوان على الوجوه أربطة في معاصم الثوار، وأردية يلبسونها، ودبابيس يعلقونها، وكان تنافس ألوان العلم الأحمر والأبيض والأسود، وأرتفعت أصوات الثوار زئير أسود ثائرة. وسوف يكتب الرب لمصر الإستقرار بعد رحلة الثورة التي بدأت في يناير، ونحن الآن في فبراير من العام التالي للثورة، وتحقق لمصر برلمان لا يصفق للحاكم إنما يراقب أعماله، ويجعله يفكر ألف مرة قبل أن يخطئ في حق الشعب مرة واحدة، وفي انتظار الرئيس الجديد بعد هذا المخاض القاسي المؤلم الذي هز جزع خرائب أشجار الاستبداد.