عندما تتسلل خيوط الفجر تنطلق مجموعة من النساء امتهن حرفة الزراعة الى الضفة الغربية صوب جزيرة الدافعاب بالريف الشمالي لمحلية بحري، بعد أن يجهزن الوجبة لأبنائهن والتي تتألف من الكسرة التي يقمن بإعدادها على صوت الديك، ويتجهن صوب المركب لممارسة عملهن الشاق في الزراعة بالجروف، ولسان حالهن (إيد البدري قومي بدري أزرعي بدري أحصدي بدري شوفي كان تنقدري)،. رافقت ست الحسن مجموعة مزارعات الخليلة بالفكي هاشم في جولة استثنائية الي مزارعهن بالجزيرة والتي بها أكثر من 800 فدان والتي وصلناها بمشقة المرأة و الحقل تعتبر المزارعة عرفة الكردي أول امرأة في اتحاد المزارعين، والفائزة بجائزة الابداع النسوي لنساء الريف عام 2005التي ترعاها السيدة الفضلى فاطمة خالد حرم رئيس الجمهورية، وينظمها الإتحاد العام للمرأة السودانية، تعتبر العمل في الحقل باكراً وحتى منتصف النهار بمثابة رياضة لها، وتحكي عن تفاصيل اليوم وتقول: تتألف وجبة فطورنا من (ملاح الورق) الطازج بالعصيده، ونقوم بشواء عيش الريف- (القنقر)- على الحطب ونتناوله مع الشاي السادة تحت ظل الشجرة الكبيرة، وعند الغروب نعود أدراجنا نحمل الخضار وعيش الريف والخضار والحطب لأبنائنا، هذا قبل تطوير الزراعة، الآن أصبحنا نستعين بالعمال لعوامل السن والمرض، وأبناؤنا أصبحوا يساعدونا في الحقل، وأصبحنا نزرع أنواعاً أخرى مثل البطاطس والبصل الأبيض والأحمر والعلف وجميع أنواع الخضروات. صعوبات وانجازات نحن مجموعة تفوق الخمسين إمرأة بعضهم مات عنهن الأزواج، وأخريات أزواجهن مرضى نعمل في الزراعة منذ مدة طويلة، هكذا حدثتنا عرفة، وتقول كنا في السابق نذهب الى الضفة الغربية بالمركب الوحيد الذي كان يرسو قبالة الضفة الشرقية للنيل، ونقوم بتنظيف (الواطة) من (الطرفة)، بعدها نبدأ بالسلوكة وكنا نزرع(البسلة، اللوبيا، عيش الريف، الفاصوليا، الفول، القرع، الكوسة، الخيار، والعدسي)، بعد ذلك زاد النشاط لي وللمجموعة والذي يكون أحياناً موسمياً ولعدد قليل منهن لعدم وجود التمويل، بالرغم من امتلاكهن للأراضي، وتطورت الزراعة وأصبحنا نستخدم (البابور) الليستر وكنا نعاني مشقة ترحيل الخضار من الضفة الغربية الى الشرقية، من هنا جاء التفكير لتصنيع لنش خاص لنقل الإنتاج، وطرقنا أبواب المسؤولين وقدم لنا معتمد بحري آنذاك جودة الله ووزير الزراعة عبدالجبار حسين مبلغ عشرة ملايين لكل، وكانت التكلفة للتصنيع 23 مليون وتدبرنا باقي المبلغ وصنعنا اللنش، بعد ذلك واجهتنا الصعوبة الكبيرة في الحراثة لأننا انتهجنا الأسلوب الحديث للزراعة، وأشار البعض الى ديوان الزكاة الذي مدنا بتراكتور عمدنا على صيانته لننجز زراعتنا في وقتها، وفي سياق متصل أشارت المزارعة زينب عبدالمحمود الحائزة على جائزة نساء الريف عام 2007 الى مشكلة الهدام الذي ( أخذ ارضها وبابورها) والتقاوي التي يتم جلبها بالدين من بعض الجهات لم تسمها.. وزادت أحياناً الزراعة تعوضنا، وبعض المواسم لا نجد ما يعوضنا.. وتختم حديثها، ورغم المعاناة هناك الكثيرات من المزارعات المناضلات ربين أبنائهن، ونجد من بينهن (الدكتورة والمهندس والمعلمة والزراعيين)، وتعلق عرفة نعم هناك نساء غمرت مياه النيل زراعتهن وتضررن منها، ونأمل أن يقف المجتمع والمسؤولون معنا، لأنه وتواجهنا صعوبات في توزيع الإنتاجية في السوق، والذي يقوم به السماسرة، ونحن كنساء مصيرنا في يد السماسرة، ونناشد الوالي ومعتمد بحري بتخصيص مساحة لنا في السوق المركزي بشمبات طموحات وأمنيات مستقبلية بالرغم من كل الصعوبات عبرت المزارعات عن طموحاتهن في توسيع المساحات المزروعة والدخول في مجال التصنيع الزراعي وناشدن نساء الأعمال، ووزارة الزراعة، والثروة الحيوانية، والزكاة المساعدة بتوفير اللسترات، والأسمدة والمبيدات، وزدن نريد تطويرها الى مزارع البان ودواجن، وساعين لإنشاء منظمة لخدمة المزارعات وتنمية المنطقة، ولم نتلق رداً حتى الآن من الجهات المسؤولة وأبواب المسؤولين موصدة أمامنا.