معلوم أن المرأة العاملة تتمتع بكافة المزايا والأحكام المنظمة للعمل والاستخدام دون تمييز، ومعلوم أيضاً أن الأجر هو لقاء العمل والمرأة العاملة في كافة الإجازات الخاصة بها لا تؤدي عملاً، إلا أن المشرع قرر لها تعويضات مساوية للأجر الشامل، لكن الاتفاقيات الدولية لم تلزم أصحاب العمل في القطاع الخاص بتحمل الكلفة المباشرة وحدهم، وهذه مسألة مهمة وذات علاقة بالوفاء بتلك الاتفاقيات. فالاتفاقية الدولية لسنة 1967 نصت في المادة (8) على: يجب على صاحب العمل في المنشأة التي تعمل فيها نساء تهيئة دار للحضانة بمفرده أو بالاشتراك مع منشأة أخرى.. ويحدد تشريع كل دولة شروط إنشاء ومواصفات دور الحضانة. وقانون العمل الموحد السوري أوجب توفير دار للحضانة للمنشآت التي تعمل بها مائة عاملة وأكثر، أما قانون العمل الموحد في مصر فقد نص على صاحب العمل الذي يستخدم مائة عاملة فأكثر في مكان واحد أن ينشيء داراً للحضانة أو رعاية أطفال العاملات بالشروط والأوضاع التي يقررها وزير العمل.. كما يجوز لصاحب العمل بدلاً من إنشاء دار للحضانة بمنشأته أن يعهد إلى إحدى دور الحضانة القريبة من مكان العمل بإيواء هؤلاء الأطفال الذين لم تبلغ سنهم أربع سنوات.كما تلتزم المنشآت التي تستخدم أقل من مائة عاملة في منطقة ترغب في الانتفاع بخدمات دار الحضانة أو رعاية الأطفال، باشتراك شهري بواقع 5% من الأجر عن الطفل الأول و4% عن الطفل الثاني. والمرأة العاملة في السودان لا تتمتع بهذا الحق القانوني وهو معمول به في بعض المنشآت. وهناك إجازة رعاية الأطفال من بعد إجازة الأمومة والتي قررتها الاتفاقيات الدولية والتي لا نجد لها أثراً في قانون العمل أو مشروع قانون 2010م، ونجدها في قانون الخدمة المدنية ومدونته التي نصت على أنه يجوز أن تمنح العاملة التي ترغب في تمديد فترة إجازة الوضع لأكثر من المدة التي قررها القانون بغرض العناية بطفلها، إجازة بدون مرتب لا تتجاوز عامين طوال مدة الخدمة ويجوز تجزئتها. وإجازة رعاية الطفل في عمان والعراق مدتها سنة بدون أجر ودون تحديد لمرات استحقاقها، وفي البحرين عامان وكذلك مصر بالنص: يكون للمرأة العاملة في المنشأة التي تستخدم خمسين عاملاً فأكثر، الحق في الحصول على إجازة بدون أجر لمدة سنتين، وذلك لرعاية طفلها وهي حق للعاملة ويجوز لها قطعها، والإجازة رهن ببقاء الطفل تحت رعايتها، فإذا توفي الطفل أو نقلت حضانته لأبيه إذا كانت مطلقة، انتهى الحق الموجب للإجازة.. ولابد من التأكيد على أن الاتفاقيات الدولية لم تنص على هذه الإجازة.وبعض قوانين العمل في الدول العربية ليس من بينها قانون العمل في السودان، نصت على إجازة مرافقة الزوج، ففي قانون العمل العماني أن هذه الإجازة لا تزيد عن سنتين وبدون أجر تحتسب ضمن سنوات الخدمة، وست سنوات لزوجات العاملين بالسلك الدبلوماسي. إجازة مرافقة الزوج في قانون الخدمة المدنية ومدونته في السودان من حقوق العامل رجلاً أو إمرأة وهي مستحقة بعد اجتياز فترة الاختيار بنجاح وبدون مرتب لمرافقة الزوج أو الزوجة الموفدة خارج القطر في بعثة أو إجازة دراسية أو إعارة أو نقل للخارج، شريطة ألا تتجاوز مده عمل الزوج أو الزوجة بالخارج وبحد أقصى خمس سنوات، وهذه الإجازة ليست من حقوق العاملين في القطاع الخاص. وقانون الخدمة المدنية ومدونته أجازت التصديق للعامل (رجلاً) أو إمرأة بإجازة دراسية دون مرتب ودون إخلال باحتياجات وبرامج العمل والتدريب بعد ثلاث سنوات خدمة فعلية، ولا تتجاوز مدة الدراسة خمس سنوات وتمنح لمرة واحدة خلال الخدمة ولا تجزأ، وهذه الإجازة ليست من حقوق العاملين بالقطاع الخاص. أما الاتفاقية رقم 140 بشأن الإجازة الدراسية مدفوعة الأجر 1974م، فقد قررت منح العامل لأغراض الدراسة لمدة محددة خلال ساعات العمل مدفوعة الأجر للتدريب على أي مستوى أو التثقيف العام الاجتماعي والمدني أو التثقيف النقابي، وقد تضمنت معظم اتفاقيات العمل الجماعية في السودان مثل هذا البند، ولكن لا وجود له في قوانين العمل السودانية 1948 - 2010م.وبعض قوانين العمل في الدول العربية راعت أن زواج العاملة أو إنجابها الطفل الأول قد يكون دافعاً لإنهاء عقد العمل من جانبها، فقررت تلك القوانين للعاملة حقها في الحصول على مكافأة كاملة عن مدة الخدمة مهما قصرت، حيث رأى المشرعون في تلك الدول أن مثل هذا الحكم الخاص الاستثنائي تأكيد لرعاية الروابط الزوجية أو حماية الأمومة، وهذا غير معمول به في السودان. ونذكر في ختام العرض أن قانون الخدمة المدنية ومدونته في السودان قررت حقوقاً مشتركة للرجال والنساء لم ترد في قانون العمل ولا مشروع 2010م. إجازة تمثيل السودان في النشاطات الدولية بأجر ولا تحتسب ضمن الإجازة السنوية المؤتمرات والمعارض والمنافسات العلمية والأدبية والفنية والرياضية الدولية والمحلية. إجازة النقابيين بأجر والتي لا تزيد في مجموعها عن ثلاثين يوماً في السنة لحضور الاجتماعات والمؤتمرات. إن الحقوق مترابطة والمؤسسات المسؤولة والمشاركة في إنفاذها متعددة، فالتعويضات مقابل حقوق النساء العاملات في القطاعين العام والخاص ليست من مسؤوليات أصحاب العمل منفردين.. وما يدفعه- مثلاً- صاحب العمل مقابل إجازة الأمومة ليس أجراً، بل تعويض(نتيجة التأمين لا مقابل العمل)، وهذه التعويضات من مهام نظم التأمينات الاجتماعية والمساعدات الاجتماعية والتكافل الاجتماعي، ويوجد في السودان قانون ونظام للتكافل الاجتماعي مثلما يمثل ديوان الزكاة في الواقع أرقى نظم المساعدات الاجتماعية. والحمل والوضع وما يقابلهما من خدمات علاجية بما في ذلك التوليد، من مهام التأمين الصحي وهو أحد فروع التأمينات الاجتماعية.. ومن غير المتصور أن تكون أهم العلاقات بين قانوني العمل والتأمينات الاجتماعية هو مكافأة نهاية الخدمة، ومن مهام التأمينات الاجتماعية ترتيب مزايا للمؤمن عليهم خلال فترات خدمتهم من التدريب وإعادة التأهيل لفاقدي الوظائف بالخصخصة وحتى الرعاية الصحية والطبية للمرأة العاملة.. فالجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي يستثمر أكثر من 1.4 مليار دولار في العقارات والمخططات السكنية والمجمعات التجارية والبنوك والشركات، ومن حق المؤمن عليهم الاستفادة من عائدات أموالهم قبل المعاش أو العجز أو الموت.