والي الخرطوم د. عبد الرحمن الخضر أصدر قبل يومين قراراً مهماً وكبيراً أبرزته «آخر لحظة» في صدر صفحتها الأولى وضمن عناوينها الرئيسية التي تلفت الانتباه والتركيز لقرائها والتمعن في مدلولاتها وآثارها وفوائدها وسلبياتها وفي يقيني أن هذا القرار يخلو من أي سلبية وهو على حسب قوله تأخر كثيراً وأن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي، القرار أعلن حل النظّام الأهلي بولاية الخرطوم وأكّد عدم اعترافه وتبرءه من أي أشخاص يتحدّثون باسمه!! والقرار يعني في رأيي تصحيحاً لأكبر أخطاء الإنقاذ خصوصاً أيام هوشتها وعنتريتها الأولى أيام الترابي وعلي الحاج وأيام التكريس وإضفاء الشرعية على القبلية تحت ستار محاربة الأحزاب وإضعافها في مناطق نفوذها خصوصاً الأحزاب التقليدية كالاتحادي والأمة فقامت الإنقاذ بتقسيم السودان تحت لافتات النظام الاتحادي الجديد الذي جاء بولايات ومحليات وقبائل وبطون ومشائخ ما أنزل الله بها من سلطات وكانت النتيجة هي إندلاع مشكلة دارفور بكل تأثيراتها وخيباتها وواقعها الرمادي الذي نعيشه الآن!!. وكان نصيب الخرطوم العاصمة القومية هذه الرايات القبلية والتكريس لهذا النظام رغم أنف كل الحكومات والسلطات الموجودة في مقرن النيلين ويكفي المهزلة التي كان اسمها محاكم السلاطين والغريب في الأمر أن أصحاب النظام الأهلي الموجودون في الخرطوم علاقتهم ضعيفة بمضارب القبيلة هناك وأغلبهم لا يدفع إذا ما طلبوا منه ذلك مثل «دية» أو «ختّة» أو نفير ويتحدّث بعضهم من تحت لافتات «هلامية» ولا نجد تحت أيديهم رعايا يتبعون لممالكهم المزدهرة. الراحل جون قرنق أطلق دعوته الشهيرة نقل المدينة للريف. ولكن الإنقاذ الأولى والثانية أيضاً قلبت الحكاية ونقلت الريف للمدينة بسياساتها وأخطائها الكثيرة ومن ضمنها هذا الخطأ الذي قام بتصحيحه الخضر جعل الله أيامه خضراء وزاهية فالذي يُريد مضارب القبيلة وسباقات الهجن والصحراء ورجع الصدى فأمامه الميناء البري والسوق الشعبي أم درمان ونقطة التفتيش بسوبا فيمكنه بسهولة الركوب من هناك لديار القبيلة العامرة!! ولسان حاله يغني الريد الريد للأهل متين لدياركم نصل!!