بعد أن قامت وكالة، سودان مديا أند إليكشن كونسورنيوم، برصد كمي ونوعي للمعلومات التي جمعتها من خلال مراقبة وسائل الإعلام، رصدت التطورات بناءً على التوزيع الجغرافي لتغطية أخبار الاستفتاء وكمية الأخبار المتصلة بعملية الاستفتاء مقارنة بتغطية الأخبار الأخرى ومصادر الأخبار «القطاعات، الذكور، الاناث ، الزعماء الدينيين وزعماء القبائل والأحزاب ومفوضية الاستفتاء وغيرهم.. ووصول وسائل الإعلام للجهات المختلفة من البلاد». والتوازن في التغطية بين خياري الوحدة والانفصال واللغة المستخدمة لتغطية الاستفتاء والقضايا ذات الاهتمام العام وحرية الصحافة والإعلام والإطار القانوني للتغطية الإعلامية للاستفتاء والتطورات القانونية. وترى الوكالة أن المشهد الإعلامي السوداني يتميز بوجود عدد لا بأس به من وسائط الإعلام المختلفة في الشمال بشقيه السمعي والبصري والصحافة المقروءة و تسيطر عليها الدولة، أما في الجنوب فتتنوع ملكية وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمطبوعة ما بين خاص وحكومي، وتلعب الصحافة دوراً ثانوياً بالجنوب بسبب ارتفاع معدلات الأمية وصعوبة وصول الصحف للمواطنين في المناطق النائية والوعرة. ويقول التقرير إن وسائل الإعلام في الشمال تعمل في بيئة سياسية تحد من حرية التعبير، على الرغم من أن قانون الصحافة والمطبوعات قد كفل حق الصحفي في الوصول للمعلومات إلا أن حرية الصحفيين مقيدة وتقيِّد الأنباء إلا أن الصحفيين يتعرضون لهجمات شخصية تتمثل في الطرد والاعتقال والضرب ومصادرة معدات العمل، هذا بالإضافة إلى الإجراءات القانونية المتخذة ضد الصحفيين ووسائل الإعلام وتشمل الدعاوى القضائية والغرامات والسجن، وبالرغم من أن رقابة ما قبل النشر قد رفعت في العام 2010م إلا أنه ما زالت تتم ممارسة رقابة مسبقة على نطاق أضيق وأكثر تكتماً. وبالرغم من أن قطاع الإعلام في الجنوب ما زال وليداً، حيث بدأ بعد اتفاقية السلام الشامل الموقعة في العام 2005م إلا أنه نما بسرعة كبيرة حيث أُنشئت وسائط إعلامية جديدة وأعيد افتتاح أخرى موجودة أصلاً مثل صحيفة الديموقريس والسودان تريبون، وتلفزيون الأبنوس وراديو صوت الشعب، وصحيفة باينوير وجوبا برس والاندينوس. وبالرغم من أن وسائل الإعلام الموجودة بالجنوب لا تخضع لنفس الرقابة التي تخضع لها وسائط الإعلام في الشمال، إلا أنها لا تجد حرية التعبير الكاملة أو تغطية بعض القضايا، خوفاً من تدخل قوات الأمن، وبالرغم من أن صحيفة ستيزن تستهدف مواطن الجنوب إلا أنها لازالت تطبع وتوزع في الخرطوم. ü خلفية إعلامية لاستفتاء 2011م: الإعلام الشمالي وتغطية الاستفتاء: تميزت الأخبار في الإعلام الشمالي بالتنوع، حيث غطت الاستفتاء وسلام دارفور وغيرها من القضايا المحورية وقد قدمت حوارات وبرامج حول تكوين حكومة وحدة وطنية، وتم تخصيص 50% من جملة الصحفيين الذين يعملون في الإعلام لتغطية الاستفتاء، غير أن معظم وسائل الإعلام لم تكن لها خطة مسبقة عن كيفية تغطية الاستفتاء، وبالرغم من غياب خطة موضوعة إلا أن وسائل الإعلام كانت تعقد اجتماعات يومية عن كيفية تغطية الاستفتاء، مثل تغطية المراكز الرئيسية وعمل لجان الاستفتاء.. واجهت الدعوة وأنشطة الحملة ردود الأفعال الشعبية والبيانات الوطنية والدولية حول العملية والمؤتمرات الصحفية، وأهم الملاحظات تتلخص في عدم تطبيق المعايير الصحفية الأساسية في الحصول على وجهات النظر والآراء المتباينة، وأرجع الصحفيون ذلك إلى نقص المعدات والمهارات التقنية وعدم استعداد المواطن الشمالي لوجهة نظره بصراحة ووضوح حتى لا يظهر بأنه يساند الانفصال، وتمت تغطية الاستفتاء في مجموعة متنوعة من البرامج بما في ذلك الأخبار والبرامج المحورية وتحقيقات من الشارع.. كما تم التركيز على التغطية المؤيدة للوحدة على حساب تلك التي تدعو للانفصال. أما الصحافة المطبوعة فقد كانت تميل إلى خلط مزيج من الأخبار والآراء المتباينة مع غياب التحليل البعيد عن الرؤية الحزبية، وذلك أن معظم الصحفيين تابعين لأحزاب أو تابعين للحكومة، وكان تثقيف الناخبين ضعيف واقتصر على بعض البرامج المبثوثة على الهواء أو المكتوبة والتي أعدتها مفوضية الاستفتاء. اعترفت كافة وسائط الإعلام بالشفافية والانفتاح الذي مارسته مفوضية الاستفتاء، وتعاونت الموضية بشكل مهني مع الإعلامين. ولم ترد تقارير عن مضايقات خلال فترة الاستفتاء، بالرغم من المخاوف بشأن حرية الصحافة وقدرتها على تغطية الاستفتاء والقضايا ذات الصلة. وفي الخرطوم أُلقي القبض على مراسل الإذاعة البريطانية وطاقمه وتم التحقيق معهم لمدة ساعة، ثم أُطلق سراحهم دون تقديم تهمة ضدهم، كما اُتهم صحفي كتب مقالاً عن إمكانية انتقال عدوى جنوب السودان لباقي أقاليم السودان المهمشة واُتهم بعرقلة النظام الدستوري والتحريض وانتهاك قانون الصحافة والمطبوعات والقانون الجنائي السوداني، حيث اقتيد الصحفي ورئيس تحرير الصحيفة التي نشر بها المقال إلى القضاء. وأعرب العديد من الصحفيين عن قلقهم من أن تصبح السيطرة على وسائل الإعلام أكثر صرامة بعد الاستفتاء، وعموماً يرتفع مستوى الاحتراف الصحفي في الشمال عنه في الجنوب مع ارتفاع معدل الرقابة الذاتية والسيطرة السياسية الخارجية على النشر. وأضاف التقرير أن وسائل الإعلام بالشمال تدرك حاجة الصحفيين إلى مزيد من التدريب في مجال إدارة وإنتاج الأخبار وتغطية الأحداث ومهارات الكتابة والتحليل السياسي والتخطيط والتحرير، إضافة لمشاكل تعرقل العمل الصحفي مثل القيود المالية ونقص الإعلانات والضغوط السياسية. ü الإعلام الجنوبي وتغطية الاستفتاء: أثناء فترة الاستفتاء قامت وسائط الإعلام الجنوبية بتغطية شاملة للمواضيع ذات الصلة بالاستفتاء، بما في ذلك عمليات التسجيل والتثقيف والاستطلاعات، وافتقرت مجالس التحرير في كثير من الأحيان إلى وجود خطة واضحة لتغطية الاستفتاء.. ويعود ذلك لعدة عوامل أهمها عدم وجود عدد كافٍ من الصحفيين المؤهلين، والمشاكل اللوجستية والمالية والبنية التحتية ونقص المعدات وضعف المهارات الإدارية للمحررين وانعدام وسائل النقل ومحدودية الإلمام باللغة الإنجليزية، وتمحورت التغطية في البرامج الأخبارية وأركان النقاش والحوارات التي ركزت على تيار الساسة والدعوة لأحد خياري الاستفتاء «الانفصال»، كما ركز بعض الصحفيين على القطاعات الصحفية مثل المرأة والمقعدين. واعترفت العديد من وسائل الإعلام بتركيزها على تغطية خيار الانفصال على الوحدة، وذلك لعدة أسباب أهمها الميل الجماعي نحو الانفصال بالجنوب والخوف من انتقام الانفصاليين والابتعاد عن الحديث عن الوحدة كلما اقترب موعد الاستفتاء. وذكر عدد من الصحفيين أنه عندما يتمكنوا من مقابلة أشخاص يشجعون الوحدة فإنه يطلب منهم حذف ما قالوه من المقال، وذكر آخرون إن المواطنين عندما نذكر لهم كلمة انفصال يعتبرونها إهانة ويفضلون كلمة استقلال، كما أن بعض الصحفيين ذكروا أنهم كان يطلب منهم إعداد الأسئلة بحرص فائق لتظهر دعم خيار الانفصال، كما أنهم ذكروا أن كثيراً من برامج التثقيف كانت تحوي مغزىً انفصالياً، إضافة إلى الرسالة الواضحة لدعم الانفصال التي كان ينشرها السياسيون أثناء البرامج الحوارية، وأمنت جميع وسائل الإعلام الجنوبية كذلك على الدور الإيجابي الذي اطلعت به مفوضية الاستفتاء، والشفافية التي أديرت بها العملية. وحصر التقرير توقعات ما بعد الاستفتاء في ثلاثة مجالات رئيسية هي: الحاجة إلى زيادة القدرة المحلية المهنية من خلال أنشطة طويلة الأجل بدلاً عن الدورات التدريبية القصيرة الأجل، وضرورة تحسين القدرات التقنية والمعدات والمهارات التنظيمية وظروف العمل للصحفيين، والتنبيه إلى خطر تشديد الرقابة من قبل الحكومة وقوات الأمن. * رصد التغطية الإعلامية للاستفتاء: خلال الأسابيع الثلاثة السابقة ليوم الاقتراع رصدت وسائل الإعلام لضمان تغطية منتظمة ومكثفة، وتمت تغطية القضايا ذات الصلة بالاستفتاء في مجموعة منوعة من البرامج شملت التوعية بمواعيد التصويت ومعايير الأهلية، ودعوة للخروج من أجل التصويت.. وظهرت سيطرة الحزبين الحاكمين بالجنوب والشمال على أجهزة الإعلام المسموعة والمطبوعة والمرئية في كافة البرامج التي قدمت أثناء الاستفتاء.