أسست (سودان مديا آند اليكشن كونسورنيوم) (إعلام السودان واتحاد الانتخابات) في يناير 2010 لتطبيق مشروع الإعلام والانتخابات بالسودان، وتعتبر التغطية الإعلامية للانتخابات والوضع السياسي والاستفتاء بالسودان أحد مكونات المشروع وتزامنا مع تدريب وتصميم البرامج للصحفيين والمؤسسات الإعلامية، وهذا التقرير يحوي نظرة شاملة للطريق التي تعامل بها الإعلام السوداني مع الاستفتاء وسوف تتبعه تقارير شهرية لفترة ما بعد الاستفتاء وآخر تقرير في أبريل القادم. وبدءاً من منتصف ديسمبر بدأت «SMEC» بتغطية هادفة تركز على الاستفتاء ومتابعة تطور الإعلام أثناء وبعد فترة الاستفتاء بمعايير الكيفية والكمية التي تناولت بها وسائل الإعلام تغطية الحدث، وقد تمت عملية التغطية الإعلامية في كل من الخرطوموجوبا وشملت ثلاث محطات تلفزيونية وست محطات إذاعية و15 صحيفة يومية، وقد تم اختيار هذه النماذج وفقاً للمساحة الجغرافية التي تغطيها، إضافة إلى عدد المستمعين والمشاهدين الذين تستفتيهم هذه القنوات وعدد القراء ونسبة التوزيع بالنسبة للصحف، واختارت من الصحف أجراس الحرية، آخر لحظة، الأيام، التيار، السوداني، أخبار اليوم، الصحافة، الرأي العام والانتباهة، أما في مجال الإعلام المرئي والمسموع فاختارت راديو أم درمان إذاعة السلام وتلفزيون السودان وتلفزيون النيل الأزرق. وفي جوبا اختارت صحيفة سودان تربيون وسودان فيشن وخرطوم مونتر ونيو ديمقراف وجوبا بوست، أما بالنسبة للإعلام المرئي والمسموع فقد اختارت راديو جنوب السودان وراديو مرايا وراديو صوت الشعب وتلفزيون جنوب السودان. نظرة شاملة: لقد نظم جنوب السودان استفتاء تقرير المصير المنصوص عليه في اتفاقية السلام الشامل الموقعة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان في العام 2005 والتي أنهت أطول حرب أهلية في أفريقيا ليحدد بذلك الجنوب فيما إذا كان سيظل متحداً مع الشمال أم أنه سينفصل لدولة مستقلة. ويشكل الاستفتاء الخطوة الأكثر أهمية بعد الانتخابات العامة التي جرت في أبريل من العام الماضي، إذ به يحقق شعب جنوب السودان إرادته في تحديد مستقبل منطقته، لذلك يقع عبء كبير على عاتق الجهات المسؤولة عن الاستفتاء والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام من خلال توعية الناخبين بالخيارات المتاحة ومآلات هذه الخيارات، ولما تمت إجازة القوانين من قبل مفوضية الاستفتاء بجنوب السودان بداية ديسمبر، فإن القوانين التي يجب أن توضح إطار عمل جبهتي الاستفتاء لإتاحة فرص متكافئة لتثقيف الناخبين، لم تكن واضحة وتركت الباب مفتوحاً أمام الاجتهاد، الأمر الذي أثر على حيادية وسائل الإعلام الخاصة. وفي تطور إيجابي قدم راديو مرايا خطة واضحة تحوي الخطوط العريضة للإعلاميين من أجل تغطية الاستفتاء، فقد غطت الخطة كافة المواضيع التي تواجه الصحفي المحترف أثناء إعداد التقارير الانتخابية، لذلك وزعت «SMEC» كتيبات لكل الصحفيين الذين تدربوا بورشة العمل التي عقدت بجوبا في ديسمبر الماضي تحت عنوان (تغطية الاستفتاء)، ومنذ بداية الاستفتاء غطى الإعلام وبشكل منتظم كل العملية وبخاصة الخطوات التاريخية بها.. بدءاً من تسجيل الناخبين وانتهاء بعملية الاقتراع، وفي كل وسائل الإعلام كانت تغطية الاستفتاء المحور الرئيسي بالرغم من وجود بعض الاختلافات بين الإعلام في الشمال والجنوب، إذ ركزت الأولى على المآلات البعيدة للعملية، بينما ركزت الأخرى على العملية نفسها، وركزت وسائل الإعلام الشمالية على الوحدة بينما ركزت الجنوبية على الانفصال. وقدمت وسائل الإعلام الجنوبية جرعات تثقيفية مركزة من خلال الصور والأغاني والحوارات وغيرها، بينما كانت مصادر التثقيف في الإعلام الشمالي محدودة وتلقت أنشطة مفوضية الاستفتاء بجنوب السودان تغطية جيدة من كافة الوسائط الإعلامية والتي نجحت في إثبات أهمية التنوع الجغرافي في التغطية، وأثناء إعداد هذا التقرير ظهرت حادثتان لهما علاقة بحرية الإعلام ومقدرته على تغطية أحداث الاستفتاء بحرية وحيادية، إذ قام المجلس القومي للصحافة والمطبوعات بالخرطوم بإيقاف صحيفتين يوميتين هما سودان تربيون والخرطوم مونتر ليومي 22 و23 ديسمبر 2010 بحجة أن هذه الصحف قد نشرت مقالات تشجع خيار الانفصال، على أن تعاود صحيفة الخرطوم مونتر الصدور في 2 يناير، ويرى رئيس تحرير صحيفة الخرطوم مونتر أن هذا التصرف ليس له ما يسنده.. وأن الاتهام بأن صحيفته تخلق مشاكل بين الشمال والجنوب اتهام غير صحيح، مؤكداً أن ما يحدث هو أنه ينشر مقالات لأشخاص يعبرون عن آرائهم، ومعظم الناس ضد الوحدة وهم يحضرون إثباتاتهم عن الممارسات السيئة التي يرتكبها الشمال ونحن ننشرها، كما ننشر أفكار الذين يؤيدون الوحدة. أما في الإعلام الشمالي، فقد لوحظ أن تغطية الاستفتاء كان ينقصها التركيز على تثقيف الناخبين عدا راديو أم درمان الذي كان يقدم فقرات حول طريقة الاقتراع والأيام التي يتم فيها التصويت، وفي جنوب السودان عمل السياسيون بطريقة مباشرة وغير مباشرة لدعم خيار الانفصال، ودعا بعض القادة المواطنين للتصويت من أجل الانفصال، مؤكدين لهم بأنه الخيار الأفضل.. وغطت بعض وسائل الإعلام الجنوبية الانفصال بطرق متباينة وكان تلفزيون جنوب السودان يعرض بقوة دعم استفتاء جنوب السودان وهم يرتدون قمصاناً رسم عليها رمز الانفصال، كما قدم أغانٍ تحمل كلماتها معاني الغضب والعنف.. وأغانٍ مصورة مثل أغنية نعم للانفصال لا للوحدة، يعرض فيها صورة الراحل د. جون قرنق في الأدغال والجنود يحملون المدافع وغيرها من الصور.. وتقول كلماتها جنوب سودان مستقل.. لا يحتاج للشماليين.. نعم للانفصال لا للوحدة.. حاربهم وأحرقهم وقل لهم نحن لا نريد الوحدة. أما في الإعلام الشمالي لوحظ أن تغطية الاستفتاء قد تصدرت المواضيع التي غطتها، مع الدعم الواضح لخيار الوحدة.. وقد تمت استضافة العديد من أصحاب الآراء المتباينة في القنوات الإذاعية والتلفزيونية، إلا أن دعم خيار الوحدة كان واضحاً. أما في الصحافة فقد لوحظ خلط آراء الصحفيين من أجل إظهار خيار الوحدة، مع الهجوم على الأحزاب التي أيدت الانفصال.. وقد استغلت كل من حكومة السودان وحكومة جنوب السودان مؤسساتها لدعم وجهة نظرها من الاستفتاء، في وقت صورته حكومة السودان بأنه مخطط أمريكي صهيوني للنيل من وحدة السودان وسيادته، أرجعت حكومة الجنوب خيار الانفصال للسلوك السياسي لنظام الحكم بالبلاد. وقد غطى الإعلام إضافة للاستفتاء مواضيع ذات صلة وأخرى بعيدة مثل تحذير حكومة السودان لحكومة جنوب السودان من إيواء المتمردين من دارفور، ومطالبة حكومة جنوب السودان للمتمردين الدارفوريين بمغادرة الجنوب.. ولقاء زعيم حركة العدل والمساواة بوفد من حكومة السودان لمناقشة عقد اتفاقية لايقاف الأعمال العدائية بدارفور، إضافة لقضايا العنف والجرائم مثل الصدامات بين الشرطة السودانية ومؤيدي حزب الأمة بأم درمان، وهجمات المتمردين على القوات المسلحة بالقرب من دار السلام، واتهام حكومة جنوب السودان للجيش السوداني بإذكاء نار الحرب في منطقة أبيي، وقصة المرأة التي جلدت بسبب ارتدائها البنطال، وهجمات جيش الرب على قرية شرق الاستوائية. أما بالنسبة للاستفتاء فقد ارتبطت التغطية بموضوعين أساسيين، أولهما التجهيزات المؤسسية بعد الاستفتاء.. والعلاقة بين الشمال والجنوب بعد تحديد وضع الأخير، إضافة إلى المواضيع المتعلقة بالمخاوف من العودة لمربع الحرب بعد الاستفتاء والمفاوضات بشأن وضع أبيي والنيل الأزرق. نقلا عن صحيفة اخر لحظة السودانية 9/2//2011م