عندما طلب منا الاختصاصي متولي عبد المجيد أن نختار مستشفى خاصاً يتابع فيه حالة ابننا الصحية، لم نتوانى في أن نختار المستوصف الأم درماني الأنيق الذي يعجبك من الخارج، إلا أن المفاجأة كانت في أنني وجدته مثل أغلب الأشياء في بلادنا من بره (هلا هلا) ومن جوه «يعلم الله»، فالليلة الواحدة التي أمضيناها في ذلك المستوصف كانت الساعات فيها تمضي بطيئة بطيئة، والعذاب فيها لا ينقطع مع الباعوض الذي لا تفرق بينه وبين الذباب لتساوي الأحجام لا فرق، ليظل يهاجم المرضى في الغرفة من كل جانب، ولنتلقى بين كل لسعة وأخرى ثالثة في جانب آخر وليس هذا فحسب، وإنما مع انتصاف الليل فوجئنا باختفاء الممرضين، وإغلاق الباب الخارجي للمستوصف الخاص، فلا دخول ولا خروج ولا طبيب يأتي ولا مسؤول، برغم المبالغ الكبيرة التي يفرضها المستوصف الأمدرماني على المرضى به، المهم أننا أمضينا ليلة ساهرة بعذابها الشديد وباعوضها الذي يقفز من مريض لآخر، ويظل يكرر المشهد طوال الليل .. حتى أصبح الصبح، وقد ذهبت إلى إدارة المستشفى (لأشكو) لها معاناة المرضى من الذي يحدث ليلاً ففاجأني المسؤول بقوله (نعمل شنو ما الباعوض خلقوه عشان يعيش مع الناس) فلم أجد بداً من أن أطلب من الإختصاصي عندما مر علينا بالنهار بأن يتركنا نكمل علاج ابننا في المنزل.. فوافق لنخرج من المستوصف الكبير الاسم والذي يبخل على المرضى حتى برشة (بف باف).. ليدور حوار بيني وبين الاختصاصي متولي اختصاصي الأطفال الشهير حول عدم الاهتمام بالوقاية.. فالوقاية في بلادنا لا نصرف عليها شيئاً يذكر، بينما نأتي لندفع أموالاً طائلة للعلاج.. ونحن نتجاذب أطراف الحديث مع الدكتور خارج المستوصف الذي أخلينا طرفنا منه، خرج شاب من الخور المجاور للمستوصف ثم عاد بسرعة لداخله، وعندما شاهدناه واقتربنا منه وسألناه إن كان يريد المساعدة أجاب بالنفي، طالباً أن نتركه يعيش في المكان الذي يعيش فيه وألاَّ ندعو له الكشة.. أنها ظاهرة ثانية محزنة سنعود اليها لاحقاً.. عموماً أن حالة المستوصفات ورقابتها يجب أن تكون محل اهتمام الحكومة، وأن توجد جهات تحاسب على القصور، فكل مستوصف يمكن أن يبدأ أنيقاً ونظيفاً ويكون فعلاً محلاً للاستشفاء، لكنه إذا ما غابت عنه الرقابة قد يتراجع بسرعة كما حدث للذي عشنا فيه لحظات عصيبة، ربما تكشف الأيام القادمة عن تأثير نهش الباعوض المستمر لأجسادنا طوال الليل.. ونقول إن التوسع الذي حدث في الخدمات الطبية، وفتح المجال للقطاع الخاص للاستثمار، يجب أن يخضع لرقابة مستمرة لتكون المواقع العلاجية محلاً للعلاج وليست مواقع لاستجلاب الأمراض، كما أن الدولة في الميزانيات الخاصة بوزارة الصحة يجب أن تقدم الوقاية على العلاج، وترفع من سقف الاهتمام بالوقاية دعماً للاقتصاد الذي يتأثر بتوقف سواعد كثيرة باستمرار بسبب المرض. أخيراً: أخي والي الخرطوم د. عبد الرحمن الخضر ربما لا تقول لك التقارير الإدارية إن الباعوض صار يؤرق الناس في إحيائهم بمحليات الولاية، وأن الطائرات التي كانت تقوم بالرش في السابق صارت مطلوبة الآن.. أجعلها عاصمة بلا باعوض هذا ممكن.. وأجعل الوقاية أولوية في ولايتك، وبعد أن انتهت الحروب التي كانت تستنزف طاقات شباب الخدمة الوطنية، فاجعلوا هذه الطاقات حرباً من أجل إصحاح البيئة. كابول :وكالات قتل مفجرون انتحاريون تابعون لحركة طالبان الافغانية 19 شخصا بينهم 17 فردا من قوات الامن امس الاول في هجوم في اقليم قندهار بجنوب افغانستان محور جهود حلف شمال الاطلسي لتحويل دفة الحرب لصالح