اختار علي أحمد كرتي وزير الخارجية منذ تعيينه في موقعه الحالي بعد رحيل دينق الور عن الوزارة وانتقال حقيبة الخارجية من الحركة الشعبية للمؤتمر الوطني، اختار علي كرتي منهجاً جديداً في التعاطي مع الإعلام الوطني، ومنهجاً مغايراً مع الإعلام الخارجي الأجنبي.. نأى الرجل بنفسه عن إعلام وطنه إلى حد المجافاة والقطيعة، والتواصل مع الإعلام الخارجي إلى حد الصداقة والمودة.. ولم تنجح صحيفة سودانية واحدة في الجلوس أمام الوزير علي كرتي وإدارة حوار معه لأجل الحقيقية، بينما تفيض صحافة الدنيا وقنوات التلفزة بأحاديث للوزير الذي جاء لمقعد الخارجية من حقيبة وزارة العدل. إذا كان وزير الخارجية السابق من المؤتمر الوطني د. مصطفى عثمان إسماعيل كان معبراً عن سياسات الدولة، فالسيد علي كرتي صانع سياسات الدولة وصاحب نفوذ كبير جداً في مفاصل السلطة، ولحمة الحزب جعلته شخصاً مهاباً يخشى البعض نفوذه أكثر من غيره من القيادات، ويكتسي وجه الوزير علي كرتي بلحية بيضاء تجعله أقرب لشيوخ حزبه من التيار الصاعد لسلم القيادة، ولكن مظهر الرجل البسيط من حيث الهندام لا يعكس نفوذ الوزير في الدولة منذ أن لعب دوراً كبيراً جداً في إزاحة الشيخ الترابي من واجهة التنظيم، واسناد ظهر الرئيس البشير بما للرجل من ثقل في الأجهزة العسكرية خاصة الدفاع الشعبي، الذي يمثل علي كرتي روحه ونبضه الحي. بعد طوال مجافاة مع الإعلام اختار علي كرتي أخيراً إدارة حوار مع رؤساء تحرير الصحف وكتاب الأعمدة، في لقاء أعد له الأديب والكاتب خالد موسى مما يجعل اللقاء ناجحاً.. وموسى صحافي اختار الخارجية حيث الأسفار والمال والنفوذ والسلطة والجاه بدلاً عن الحرف والكتاب، وخالد موسى موهبة استثنائية نادرة في حقل الكتابة والصحافة لكن بريق الخارجية أخذه مثل جمال محمد أحمد، ومنصور خالد، وصلاح (أخ فاطنة).. وسعى خالد موسى لإعادة العلاقة بين الصحافة والخارجية للتعاون المشترك بعد مجافاة غير مبررة. قدم خالد موسى الوزير علي كرتي بعبارات منتقاة، روح مرح تذهب بهيبة الشاب الطموح، وسعي بجد لجعل الوزير علي كرتي قريباً من الكُتَّاب والصحافيين الذين انتابهم قدر من الزهد في توجيه الاسئلة الساخنة للوزير الذي أغرق الصحافيين بعبور المنطقة الدافئة للمياه الساخنة، وفاجأ كرتي الجميع بتواضع وحميمية مع الإعلاميين، وقدم نفسه في صورة مغايرة للصورة النمطية في الأذهان كرجل يتحدث قليلاً، وبعبارات حادة في مواجهة الآخرين تصل حد تسفيه آراء الآخرين وازدراء من هم أمامه. بدأت سياسة علي كرتي في الوضوح النسبي والرجل يميل للواقعية في التعاطي مع الشأن الخارجي، لا يعول كثيراً على تزويغ الكلام والمحسنات البلاغية واللهجة الدبلوماسية، بقدر ما يتكئ على واقعية عملية تخاطب المصالح المشتركة بين الدول، ويقدم كرتي نفسه كصانع قرار في حكومته، وليس وزيراً يعبر عن سياسات يصنعها غيره، فهل فتح كرتي صفحة جديدة مع الإعلام أم (جامل) فقط إعلام وزارته بالجلوس مع قيادات الإعلام والانصراف لسياسته التي كانت تبتعد عن الصحافيين، حتى أصبح مرافقة صحافي لعلي كرتي في رحلته التي لا تنقضي مثل لبن الطير في صحراء العتمور.