الحمد لله الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي أنعم على السودان برجال تعاقبوا على خارجيته بعد استقلاله ينسجون خيوط سياسته الخارجية بإحكام وإتقان حتى أصبح علماً بين دول العالم قاطبة، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر منهم على كرتي وما بدلوا تبديلاً.. قرأت مقالاً بجريدة المجهر عدد الاثنين الموافق الخامس من نوفمبر 2012م في زاوية «شهادتي لله» لكاتبه الأستاذ الهندي عزالدين تحت عنوان «هذا أو غادر الخارجية مشكوراً». أقول وبالله التوفيق للأخ الكاتب وبلغة الرياضيين (أنت شايت وين!؟) عنوان مقالك يفسر المحتوى ويشرح ابعاده مبيناً ما يدور في خلجات النفس تجاه الوزير القامة «علي كرتي» والذي يعرفه العالم أجمع بحمد الله لا زاوية شهادتي لله في إطارها الواسع. لقد كتبت في الأمس القريب في مقالات سابقة عن كرتي والخطيب ناقداً سياستهما وجرى قلمك بالمقارنة بين آنفي الذكر وبشار الأسد ووزير خارجيته وليد المعلم مادحاً وممجداً الآخرين، حيث ختمت المقال بعبارة «بشار يا أسد» فأنظر ماذا ترى اليوم من الأسد ووزيره المعلم في بلاد الشام!؟ فاليوم نفس القلم يعاود الكرة مصوباً نحو سياسة الوزير كرتي بالخارجية نقداً لاذعاً خارجاً عن إطار نطاق المألوف بين أصحاب الفكر والبيان قلت: (في أي حلف نحن يا كرتي)!؟) فالإجابة لا تحتاج الى جهد يذكر أقول لك بدلاً عنه نحن في حلف حزب الله الذي لا يقهر. فأنت تعلم كما يعلم الكثيرون بأن الخطاب السياسي في السودان غير موحد وهذه هي المصيبة الكبرى التي لا تجعل كرتي أو غيره يستبين طريقه القويم في رسم السياسات الخارجية المتزنة للدولة. أما تعليقك المستقاة من «برنامج حتى تكتمل الصورة» على جزئية مقترح كرتي باقناع دول الخليج بأن سياسة السودان تجاه إيران وعلاقته بها شأن أكثر من عادي والذي بالطبع خالف اتجاه بوصلتك الفكرية ! فلماذا الاستخفاف والاستهانة بدول الخليج التي هي عضو فاعل ومؤثر في المحيط الإقليمي والدولي وفوق هذا الجسد العربي والذي ننتمي نحن إليه، فلعمري قد وضع كرتي يده على الداء العضال والذي يحتاج العلاج.. فالسياسة التي ينتهجها كرتي في سودان العجائب والذي يضم الكثيرين من كتاب الأعمدة الذين تتجافى أقلامهم الحقائق لا المضاجع سياسة شهد بها العالمون العارفون ببواطن الأمور الذين سبقوا كرتي في المجال المنشود فرأيك في سياسة كرتي الخارجية راجع لك دون غيرك. أما تعليقك على رفض كرتي استقبال السفن الحربية الايرانية بميناء بورتسودان فالرجل محق فيما ذهب إليه لأنه (يعرف حجمه تماماً) أما كان حري باسرائيل أن تهاجم تلك السفن الرأسية في اليمناء وتوسع دائرة الإعتداء والعدوان تحت الذريعة المذكورة لتدمير ميناء بورتسودان تماماً والنتيجة الحتمية خنق وطن بأكمله والعواقب يعلمها الله!! فإن كان كرتي قد انتهج الرفض فو الله هذا تفكير العقلاء أصحاب البصائر والدراية. بقي شيء مهم فليعلمه من كان في سذاجة أبوالدرداق ومن كان في شدة أم قيردون.. كرتي ليس خالداً مخلداً في الخارجية، فالكل غيره كذلك فهو موظف دولة بشروط معينة وأجر معين راكباً سفينة السياسة التي تبحر وسط الأمواج المتلاطمة معتمدة على قول الحق (بسم الله مجراها ومرساها) فهو كالغيث اينما وقع نفع! فمن أنت الذي تطلب من كرتي مغادرة الخارجية هل كان لك ضلع في الاختيار أم كانت لك المشورة في الرأي، فالأمر ليس بيدك والخيار ليس لك، فالرأي رأي الشعب السوداني ورئيسه فمن هنا أقول للأساتذة الأدباء كتاب الأعمدة تحت المسميات المختلفة عليهم جميعاً إن يتقوا الله في البلاد والعباد وأن يراعوا مشاعر الآخرين وأن يضعوا أمن البلاد وسلامتها في أمر مقدم على كل الأمور. ختاماً حفظ الله وطننا العزيز وحفظ لنا كرتي ذخراً للوطن وأن يعينه على ما قدره الله عليه فهو (كرتي واكتملت الصورة تماماً)..