في حديثه أمام حشد من القيادات الشبابية الأسبوع الماضي، تعهد الرئيس باعلان تشكيل حكومة يغلب عليها العنصر الشبابي، وذهب الرئيس للقول (لن يقتصر التجديد على الوزراء وحدهم، أنا أيضاً سأذهب لكن لم يحدد الرئيس هل دورته الرئاسية الحالية التي تنقضي بعد 4 سنوات من الآن هي الأخيرة؟ أم سيمتد وجود البشير في السلطة بعد ال25 عاماً نهاية دورته الحالية.. وفي اجتماع المكتب القيادي للمؤتمر الوطني قبل الأخير ذهب الرئيس عمر البشير بذات المنحى، وأبدى زهده في السلطة التي لو أصغى لصناع الدكتاتوريات في العالم لقالوا له إن وجود السودان كدولة وشعب وأرض رهين بوجودك في السلطة، مثلما كان كتاب مصر وسدنة الحزب الحاكم يرددون الأحاديث الناعمة أمام حسني مبارك، بأن مصر محروسة بوجوده وضائعة في غيابه، ورفضوا لمبارك اختيار نائب له في الدولة حتى باغتته الأحداث، وجاء برجل المخابرات عمر سليمان لينوب عنه في الزمن بدل الضائع، لكن ميدان التحرير هزم أعتى دكتاتورية في الشرق الأوسط. ورغبة الرئيس الحقيقية في التغييرستواجه بمقاومة بالغة الشراسة من قبل متنفذين في السلطة ارتبط وجودهم في السلطة بالثابت من الشخوص والسياسات، وهم يحتكرون صناعة القرار ويصنعون هالة حول أنفسهم كرجال مخلصين للرئيس يصدون عنه أهل الرأي والفكر، ويشيعون عن بدائلهم (تلافيق) من التهم الباطلة ليبقى سدنة النظام يأكلون عيش الخريف والشتاء.. وقد بدأ الرئيس في العام الماضي تجديد مفاصل الدولة بوجوه جديدة من الشباب بعد الانتخابات الأخيرة، وقبل تقييم تجربة أسامة عبد الله في الكهرباء، وعبد الواحد يوسف في المعادن، وسناء حمد في الإعلام، وفضل عبد الله في التجارة، وأميرة الفاضل في الرعاية الاجتماعية، ود. فرح مصطفى في التربية، ود. محمد مختار في مجلس الوزراء، فتح الرئيس في لقائه بشباب المؤتمر الوطني الباب واسعاً لتغذية شرايين حزب المؤتمر الوطني بوجوه جديدة، لا تقتصر على المواقع الخلفية غير المؤثرة الى دوائر صناعة القرار الحقيقي، فهل يصعد الشباب مثل بدر الدين محمود الى كرسي محافظ بنك السودان، ويصبح د. الفاتح علي صديق وزيراً للتعاون الدولي، ويتم أنصاف قيادي مثل اللواء صلاح ساغة ويصبح وزير دولة بالداخلية، ولكن هل تجديد دماء الدولة يتسق مع الحزب أم لا؟ ومتى يعيد الرئيس النظر في قيادات حزب المؤتمر الوطني الذين يحملهم د. نافع على ظهره، بينما نافع نفسه أضحى في حاجة الى من يساعده على حمل أثقال حزب خرج من الانتخابات منتصراً، ومن معركة الوحدة خاسراً 2/صفر. الميرغني في الحكومة لم يصبر الإمام الصادق المهدي على اتفاق عشاء بيت الضيافة إلاَّ أسبوعين، وبدأ الإمام الصادق المهدي تصويب (مدفعية) ناعمة على المشاركة في السلطة، وبعودة البروفيسور ابراهيم أحمد عمر من المملكة العربية السعودية وتصريحاته بمطار الخرطوم عن اتفاق تم ابرامه في المملكة السعودية لمشاركة الميرغني والحزب الاتحادي الديمقراطي في الحكومة القادمة، حتى قال الإمام الصادق المهدي إن حزبه لن يشارك في الحكومة القادمة، ولكن هل الدعوة التي وجهت للإمام الصادق وحزب الأمة كانت تكتيكية من أجل السيد الميرغني أم هي دعوة استراتيجية لدخول السيدين القصر الرئاسي الذي ضاق من قبل بمبارك الفاضل وخرج زعيم حزب الأمة للإصلاح (طريداً) مثل الشاعر الليبي أحمد رفيق المهدوي؟ الذي قرر الاستعمار الإيطالي طرده من بلاده ليبيا، فكتب قصيدة كانت تدرس في مقرر وزارة التربية والتعليم لمرحلة الابتدائي يقول فيها : (خرجت من موطني مثل الطريد üüü فما ودعت خلاً ولا أدركت ثاراتي) وقد ضاق القصر بالسيد مني أركو مناوي، فهل يتسع للسيدين معاً أم يصطاد المؤتمر الوطني السيد محمد عثمان الميرغني وحده، ويدخله لحدائق القصر ومعه ثلة من الوزراء الاتحاديين، يتقدمهم علي السيد، وحاتم السر، ومحمد طاهر جيلاني، وعثمان عمر الشريف، وجلال يوسف الدقير، وأحمد سعد عمر، وكل هؤلاء القيادات من الاتحاديين أكبر سناً من شيوخ الإسلاميين الذين يتوعدهم الرئيس بالتغيير في الحكومة القادمة من أجل تجديد الدولة لمفاصلها، ولكن كيف يستقيم التجديد من أحزاب يجتمع مائة من قادتها ولا يستهلكون رطلين من السكر في الشاي والقهوة. ودخول الميرغني لحكومة ما بعد الانفصال أضحى أقرب من حبل الوريد للإنسان، وقد طالت بالميرغني الأسفار والترحال والنضال الذي يمتد من جدة والمدينة حتى القاهرة، وأسمرا، وطرابلس، ولندن، ولكنه نضال بعيد عن (الفيس بوك ) ولا يعترف بالداخل إلا ساعة السلطة والمغنم.. علي كرتي وطرد السلطان قبل أن يصدر السلطان (عبد الحميد) الأول سلطان عموم جنوب دارفور ابن موسى ابن كاشا قرار طرد المنظمة الفرنسية، كان وزير الخارجية د. علي أحمد كرتي يتحدث بثقة متناهية في النفس والأيدي مليئة بالسلطة، وهو يعدد لرؤساء الصحف (معوقات) أداء الخارجية لواجبها نحو بلادها وتحسين صورة البلاد الخارجية. ويقول علي كرتي من أكبر (معوقات) التفاهم مع كتلة الغرب والاتحاد الأوربي بعض سلوك الحكومة الداخلي، فالأخوة الولاة يصدرون قرارات بطرد بعض المنظمات التي أجتهدت وزارة الخارجية في (اقناع) دول تنتمي لها تلك المنظمات في الدخول في تفاهمات، ولكن فجأة (تنهار) جهود الخارجية بسبب قرار أصدره والٍ في ولاية بطرد منظمة ما. وقال علي كرتي في ذلك اللقاء إن وزارته نجحت في كسر طوق الوحدة الأوربية، وحصلت على موافقة أهم دولتين في الاتحاد الاوربي، هما فرنسا وايطاليا للدخول في تفاهمات بشأن المحكمة الجنائية الدولية، وكيفية تجاوز قرارالمدعي العام، واعتبر ما تحقق من اختراق حدثاً يستحق الوقوف عنده، ولم يمض على حديث كرتي إلا بضعة أيام، وصدر المرسوم السلطاني بطرد منظمة أطباء العالم الفرنسية، بعد أن قدم الوالي كاشا حزمة اتهامات للمنظمة التي قال إنها تكتب تقارير عن وجود اغتصاب في منطقة شرق جبل مرة، وتتجسس على القوات المسلحة السودانية لصالح الحركات المسلحة، وكل الذي أورده السلطان عبد الحميد من اتهامات للمنظمة من المعلوم بالضرورة عن المنظمات الغربية العاملة في دارفور، ولكن هل طرد المنظمة من دارفور يحرمها من العمل في مناطق أخرى من السودان؟ وإذا قرأ المراقب لتصريحات وزير الخارجية علي كرتي مع قرار طرد المنظمة الفرنسية ربما توصل لنتيجة وجود أصابع تتخذ قرارات داخل الحكومة في غير مصلحة الحكومة!! التي عاشت فصولاً طويلة من الصراع مع المنظمات الأجنبية التي أصبحت مهدداً لكثير من البلدان، يصطرع أبناؤها وقد عرفت المنظمات بحكومات العالم الخفية، حيث تساهم المنظمات الطوعية في إعادة تشكيل العالم بدعم حركات التمرد والعصيان، وتبني مشروعات تحريضية، ولكن هل قرارات الطرد والإبعاد التي طالت من قبل منظمات عديدة صائبة أم خاطئة؟ وهل يملك الولاة وحدهم حق الطرد والإبعاد أم هناك جهات مركزية لها الكلمة النهائية مثل وزارة الخارجية والشئون الإنسانية؟. الفساد بعيون البروف قال البروفيسور ابراهيم أحمد عمر إن حزبه (حاسب) بعض منسوبيه في قضايا الفساد التي وردت في تقريرالمراجع العام لحكومة السودان، ورفض بروفيسور ابراهيم الخوض في تفاصيل المحاسبات، إعمالاً لمبدأ عدم التشهير وسترة الحال، وكأن البروف يعيد عبارة خصمه الحالي وصديقه السابق د. علي الحاج حين قال (خلوها مستورة)، وبروفيسور ابراهيم بخُلقه وسلوكه المثالي يظن وبعض الظن اثم أن الحساب داخل المؤسسة الحزبية وحده يكفي لردع المفسدين في الدولة، ولكن التشهير يمثل أكبر رادع للمفسدين في الأرض ممن (اكتنزوا) الذهب والفضة وشيدوا العمارات بطوابق متعددة، بينما الصادقين من قيادات الحركة الإسلامية الحاكمة، لايزالون يقطنون في الأحياء الفقيرة.. والفساد في السودان لا حاجة للجان لتكشف مواطنه، فالسيد المراجع العام يضع أمام المسؤولين في الدولة سنوياً تقارير الفاسدين والمفسدين، ولاتجد طريقها حتى للنيابة خوفاً من التشهير بالدولة ورموزها وقادة خدمتها المدنية، وحتى المفسدين يتم تغليف وصفهم بدلاً عن المختلسين، أصبح الاختلاس (تعدياً)، والرئيس في لقائه بقيادات الشباب في المؤتمر الوطني قال إنه طالب وزير المالية بالإسراع في تفكيك الشركات الحكومية، بما في ذلك الشركات التابعة للأجهزة النظامية، منعاً للفساد والشركات الحكومية التي طالب الرئيس بتفكيكها هي (امبراطوريات مالية) لها أجنحة سياسية، وأذرع إعلامية، ولن يستطيع وزير المالية تفكيكها إلا بقرار رئاسي يقضي بحل تلك الشركات، وسد الدروب أمام القوات النظامية في انشاء شركات أخرى بديلة، والفساد الحقيقي في الشركات التي يديرها أبناء الوزراء، ويتم احتكار العطاءات، وهي تمارس إرهاب التجار في السوق باسم السلطة وأجهزتها، تلك الشركات المعلومة لراعي الضأن في سودري، هي من تنتظر الحل والحظر إن كان التوجه نحو محاربة الفساد كلمة حق أريد بها حق!