الأستاذ محمد الشيخ مدني هوالرجل المعروف لأهل السودان عامة.. وهو الآن رئيس المجلس التشريعي لأكبر ولاية وهي ولاية الخرطوم.. وقد ظل خلال وظائف عمله المختلفة والرسمية تحت دائرة الضوء الإعلامي الأمر الذي جعله مشهوراً ومعروفاً.. وقد كان في مجال التربية والتعليم إدارياً مرموقاً وقد كانت له شهرته في المجال الرياضي ويعرف ب «أبو القوانين» وقطعاً فإن رجل مثل هذا سيكون الحضور البشري في كل مناسبة له إن كانت في السراء أو الضراء حضوراً كبيراً. ولذلك فقد شاهدت بالأمس جموعاً غفيرة من معارف وأصدقاء الأستاذ محمد الشيخ مدني وقد جاء هؤلاء إلى داره العامرة فرحين مستبشرين بعودته من خارج الوطن معافى وكان قد ذهب مستشفياً من أزمة صحية طارئة كانت قد أحزنت كل معارفه. وقد كنت في هذا اليوم حضوراً وقد شاهدت أهله الجعليين من شندي وفرعهم الكبير من أهل الجموعية بالريف الجنوبي والشمالي وشاهدت نحاسهم تهتز له جنبات وأحياء السكن الفاخر بأم درمان. وقد شاهدت رجال ولاية الخرطوم والمجلس التشريعي وشاهدت أهل الكورة جميعاً وقد جمعتني الصدفة في مائدة فيها عضو المجلس التشريعي دولة وأرجو أن أكون قد عرفت اسمه صحيحاً عندما كان يناديه من يعرفه ولأول مرة أعلم من دولة بأن الأستاذ محمد الشيخ مدني مريخابي. فقد سمعت الرجل يتحدث محتجاً ويبدو بأنه هلالابي فقال نجلس تحت خيمة لونها أحمر والمائدة الفوطة عليها برضو حمراء.. وحضوري لهذه المناسبة قد كان بسبب الدعوة التي جاءتني من خلال رسالة بالتلفون أرسلها الأستاذ بأن أشرفه بالحضور لتناول الإفطار كرامة وسلامة بنعمة الصحة والعافية وكان لابد لي أن استجيب لهذه الدعوة الكريمة. وعند حضوري في دار الأستاذ محمد الشيخ مدني لاحظت على وجوه بعض من أعرفهم الدهشة وهؤلاء من قصار النظر الذين لا يعرفون بأن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية وهم يعرفون بأنه قد كان بيني وهذا الرجل حرب قلمية على صفحات الصحف استمرت لعامين كاملين اشترك فيها الأستاذ عبد الله عبيد الصحفي المخضرم المعروف وهو خال للأستاذ محمد الشيخ مدني وقد كتب مؤازراً ومدافعاً عنه وصحيفة «آخر لحظة» قد كانت شاهدة على تلك المعركة القلمية. وأشهد للأستاذ عبد العظيم صالح مدير التحرير أنه كان هو السبب في وقفها وفي حسمها لأنه طلب مني عدم الاستمرار في الكتابة حتى لا يأخذ الموضوع الطابع الشخصي وقد استجبت لهذا الطلب وقضيتي مع الأستاذ محمد الشيخ مدني قد كانت عن أرض ولاية الخرطوم ومن جانبي قد كان الدفاع عن أصحاب الحق الأصلي من أهلها. ومن الجانب الآخر كانت لائحة محمد الشيخ مدني بصفته رئيس المجلس التشريعي وقد كان مدافعاً عن الحق الحكومي، ورغم ما دار بيني وهذا الرجل فقد ظل يقابلني بتقديره واحترامه كلما قابلته. وكان لزاماً أن أبادله بهذا الود وهو لم يتنازل عن لائحته كما اعتقد وكذلك أنا لم ولن أتنازل عن حقوق أهلي بولاية الخرطوم وعن حقهم الشرعي في حيازاتهم التاريخية ولكن هذا لن يفقدنا أن يستمر بيننا الاحترام والعلاقة الطيبة ولكن وبكل أسف بعض المرجفين في المدينة والذين يعرفون هناك من يغيرون مبادئهم ومواقفهم بعد أن يدفع لهم- وبعض هؤلاء ودون حياء قال بأنه قد تم شرائي ولهذا فقد أصبحت صديقاً للأستاذ محمد الشيخ مدني- والإجابة على مثل هؤلاء بأني والحمد لله لست من الذين يبيعون مواقفهم، ولكن علاقتي بمحمد الشيخ مدني علاقة احترام متبادل وأذكر وفي مرة من المرات جاءتني رسالة معايدة في التلفون ولأني لم أعرف صاحبها فقد اتصلت بالنمرة ووجدته محمد الشيخ مدني. وسألته أين أنت الآن فقال أقضي العيد مع الأهل في شندي. فقلت له مداعباً أنت في شندي ومن شندي وحاكمني في الخرطوم، وما كان منه إلا أن أطلقها ضحكة عالية وقبل مداعبتي له بصدر رحب وهو يعلم قصدي وما أعني من رسالة وفيها قضيتي. إنني قصدت أن أكتب هذه الكلمات مهنئاً الأخ والصديق محمد الشيخ مدني بنعمة الصحة والعافية وكذلك للمزيد من التأكيد لبعض المرضى بأن قضيتي مع هذا الرجل الطيب ليست قضية شخصية ولا تستحق أن أحمل من أجلها الحقد لرجل أجد منه كل الود والاحترام وهذه هي الأخلاق التي أعرفها وأتعامل بها مع كل من يخالفني الرأي ليس في الأراضي فقط وحتى في السياسة لأني أؤمن بأن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية. وأكرر التهاني للأستاذ محمد الشيخ بسلامة العودة وبنعمة الصحة والعافية.