قال خبراء ومحللون سياسيون إن العوامل المشتركة للثورات العربية الثلاث في تونس ومصر وليبيا والتي قام بها الشباب ثم انضمت لها الفئات العمرية المختلفة، استهدفت التغيير الشامل في كل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية واتخذت سقفاً عالياً في مطالبها وصلت إلى إسقاط نظام الحكم وإن هذه الثورات متصلة حتى تفي بجميع وعودها بمطالبها للمشاركين فيها والتي تميزت بالسلمية والتمتع بدرجة عالية من التنظيم والحرص والوعي من جانب الثوار، مشيرين إلى أن لكل ثورة أسبابها الخاصة التي ميزتها عن غيرها متمثلة في انهيار الطبقة الوسطى وتفشي الفقر والفساد والمحسوبية، فضلاً عن غياب الدستور والمرجعية القانونية، وأكد د. الوليد سيد محمد علي- رئيس مكتب المؤتمر الوطني بالقاهرة - في ندوة تقييم مجريات الأحداث بمصر التي أقامها مركز البحوث والدراسات الأفريقية بجامعة أفريقيا العالمية، أكد أن الثورة في مصر بدأت عند اغتيال خالد سعيد بالإسكندرية فضلاً عن حركات التغيير الأخرى في مصر، وأضاف أنها شاركت فيها كل الفئات والأحزاب، وزاد لكن تأثير الأخوان المسلمين كان فيها أكثر، مشيراً إلى قاعدتهم الكبيرة وتنظيمهم، وأشار الوليد إلى الاعتصامات والاحتجاجات بالبرلمان وعدم تعديل الدستور فضلاً عن المشاكل داخل الحزب الحاكم نفسه وبينه والأحزاب الأخرى وأبان الوليد أن صلاة القداس يوم الأحد في ميدان التحرير تعبير على أن الثورة تشمل كل الشباب، واصفاً المرحلة القادمة بمصر انها أشبه بالفوضى، داعياً إلى ضرورة الإستفادة من الدروس والعبر خاصة في مسألة التوريث في الوظائف والتعامل والتقرب من مصالح الشعوب. من جانبه قال د. لؤي عبدالمنعم - الأستاذ المساعد بمركز البحوث والدراسات الأفريقية إن العوامل المشتركة للثورات العربية الثلاث هي أنها قام بها شباب ثم انضمت لهم الفئات العمرية المختلفة واستهدفت التغيير الشامل في كل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية واتخذت سقفاً عالٍ في مطالبها وصل إلى إسقاط نظام الحكم واتخذت من الساحات والمدن رمزاً لاستمرارها، وهذه الثورات متصلة حتى تفي بجميع وعودها بمطالبها للمشاركين فيها، وتتميز بأنها ثورات سلمية تتمتع بدرجة عالية من التنظيم والحرص والوعي من جانب الثوار.. وقال لؤي إن لكل ثورة أسبابها الخاصة التي ميزتها عن غيرها، وأبان أن في مصر يبرز انهيار الطبقة الوسطى وتفشي الفقر والفساد والمحسوبية لدرجة كبرى، وانحسار مكانة مصر العالمية بسبب مشاركتها في المشروع الأمريكية الصهيونية في المنطقة، إلى جانب رفض دمج الإسلاميين في العملية السياسية واستفزاز مشاعر المواطنين بتصدير الغاز إلى إسرائيل بثمن بخس. أما بخصوص تونس فإنها سيطرة أسرة الرئيس بن علي على مفاصل الاقتصاد، وزيادة القمع من قبل الأجهزة الأمنية والحد من الحريات السياسية والدينية، لكل ألوان الطيف السياسي من اليسار إلى اليمين كل هذه أسباب ، وقال لكن تبقى في مقدمتها تفشي البطالة بالرغم من قلة عدد السكان وتعافي الاقتصاد التونسي. أما بالنسبة للجانب الليبي فإن ليبيا يسود فيها غياب الدستور والمرجعية القانونية وضياع ثروات الشعب الليبي مقابل تعزيز وتنصيب القذافي زعيماً أممياً، وتفشي القبلية في كل مؤسسات المجتمع الليبي بما فيها الجيش، الأمر الذي أثر سلباً على لحمة وتماسك مكونات المجتمع الليبي، وأبان عبدالمنعم أن كل ثورة تميزت بميزات صبغتها بطابع الخصوصية، وفي تونس ظهرت الثورة كرد فعل لإحراق شاب تونسي يدعى أبوعزيزي نفسه ، وأضاف لأنه لم يُترك ليعين نفسه وأسرته بعيداً عن مسؤوليات الدولة تجاهه، وهي ثورة شاركت فيها كل ألوان الطيف السياسي من غير استثناء، وبشكل متكافيء انحاز فيها الجيش للشعب بشكل مطلق وحاسم، وأن الثورة في مصر جاءت كرد فعل للثورة في تونس قادها المستقلون وشاركت فيها الأحزاب واحتواها الأخوان المسلمون وشابها الكثير من حالات السرقة والتعدي على الأموال العامة بسبب تفشي الفقر والعشوائية، أما في ليبيا التي ثورتها لم تكتمل بعد، فقد قادتها الحركة الإسلامية وشارك فيها جميع أطياف المجتمع السياسي الليبي، وأنها شهدت انقسام الجيش على نفسه بين مؤيد للثورة ومؤيد للرئيس، وأنها لم تحدث فيها حالات سرقة وتعدٍ على الممتلكات العامة، وفي السياق قال عبدالناصر علي الفكي- أستاذ علم الاجتماع بمركز البحوث والدراسات الأفريقية، إن الحركات الثورية بدأت كحركات اجتماعية من فئات وشرائح ونقابات وفيما بعد أخذت طابع السياسة، وهي نتاج لسياسات الإصلاح الهيكلي التي قامت بها الأنظمة وسحبت بالضرورة الخدمات دون أن تتيح الفرصة لمنظمات المجتمع المدني الأهلية لسد هذا الفراغ، وأنها استبعدت القضايا الاجتماعية لصالح السياسية، وأضاف عبدالناصر أن الشيء المتشابه في هذه الثورات وما يجمع بينها هو الفساد المنظم المحمي من دولة الحزب الواحد ذات القبضة الأمنية البوليسية في وجود أحزاب ديكورية ليست ذات وجود مؤثر في العمق الاجتماعي، وقال ليس هناك مخرج للأنظمة العربية إلا الإصلاح السياسي والاقتصادي الاجتماعي. من جهته أكد الدكتور عاصم فتح الرحمن- الباحث والخبير الإستراتيجي أن الدوافع التي أدت الشعوب لقيام ثورات ضد أنظمتها تكمن في أن معظم الأنظمة تأتي بعدم الشرعية.. وأنها متعاونة مع الأنظمة الغربية لتأخذ شرعيتها من القوى الكبرى، وأضاف فتح الرحمن أن الأنظمة لم تنظر لمصالح الشعوب من تعليم وصحة وخدمات، مشيراً إلى أن الثورات أوضحت أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لها دور كبير في دعم هذه الأنظمة. وفي السياق أكد عدد من المتحدثين المشاركين في الندوة أن الأسباب العامة للثورات التي اندلعت في عدد من الدول العربية هو خضوع الحكام إلى الغرب والعلمانية، بالإضافة إلى عدم الابتكار والخروج من الأزمات ومشكلة البطالة والعمالة والفساد وقيام مشروع قومي يجتمع حوله العالم، فضلاً عن الانفصال التام ما بين الحكام والشعب، مشيرين إلى أنه سيكون هناك تغيير دولي قادم ليس قاصراً على الأنظمة العربية الأفريقية وحدها.