لم يخيب ظني السموأل خلف الله، فقد كنت أخشى أن تقعد به الوزارة التي قامت بلا سيقان، والتي أعلم امكاناتها جيداً مادياً وبشرياً- وقد كنت أخشى عليه بعد النجاح الساحق الذي حققه في (أروقة) طوال سنوات، أن ينوء به كلكل الحوادث كما ناء بالكثيرين، ولكن الرجل حقق المعجزات وأثبت أن الوزارة به هو وليس هو بها.. فالرجال هم الذين يحدثون المواقع ويصنعونها ولا تصنعهم ويضيفون اليها الكثير ولا تضيف اليهم شيئاً.. فوزارة الثقافة بالسموأل تساوي الشيء الكثير.. وبدونه لا تساوي شيئاً. لقد أذكرني السموأل بأماسي أم درمان طلعت فريد، ومحمد عامر بشير، وحسين كمال، والمسرح القومي وتلفزيون أم درمان، وأضواء المدينة، ولوي أرمسترونج، وعبد الماجد أبو حسبو، وكوكب الشرق، ومحمد عبد الحي، وديوان المجذوب، وكمال محمد إبراهيم وأفلام السودان.. وقائمة الأسماء التي حرصت أن تقدم للوطن شيئاً، ولم يثنها شح الأمكانات وضيق ذات اليد، إن ضيق الأفق هو الذي يخلق ضيق ذات اليد، وسعة الأفق هي التي تخلق سعة الإمكانات.. السموأل إمام جامعنا في بري المحس في بداية حياته هو السموأل الملحق والمستشار الثقافي ببغداد.. هو السموأل (أروقة) وهو السموأل الوزير الآن في أماسي الخرطوم وسحر القوافي.. ومهرجان الخرطوم للشعر العربي. تطلع كثيرون للموقع.. وكانوا سيأتون كما يذهبون لا يضيفون لنا وللموقع شيئاً، ويثقلون كواهلنا بالنفخة الكاذبة، ولكن جاءنا السموأل بكل صدقه وتواضعه وسماحته ففعل الكثير.. ولا نود أن نقصم ظهره.. فخلف الكثير وأمامه الكثير وجعبته ملأى بالمفاجآت.. وزمان كان أهلنا يقولون أعط العيش لخبازه ولو يأكل نصفه.. والريس- كما يقولون- يجيب الهواء من قرونه.