نانسي عجاج حوّلت الأنظار من جرم عقوق والدها إلى اتهام أشد وطأة (المثلية) وتقديمه بصورة إنسان غير سوي أخلاقيًا    الشباب والشمالي في تحدي جديد بكسلا    التنين الصيني الذي يريد أن يبتلع أفريقيا    أندية مروي تشيد بالاتحاد المحلي وتعلن الجاهزية    الهلال يسعى لاستعادة الصدارة أمام كيهيدي    عادل الباز يكتب: النفط والكهرباء.. مقابل الاستسلام (1)    لمقابلة توتنهام.. اليونايتد يعاقب بيلباو ويطير لنهائي اليوروبا ليج    مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين يدين الهجمات التي استهدفت المنشآت الحيوية والاستراتجية بالسودان    خدعة واتساب الجديدة لسرقة أموال المستخدمين    الحكم بالإعدام على متهم تعاون مع مليشيا الدعم السريع المتمردة    أجانب النصر ينتظرون قرار رونالدو    اختتام أعمال الدورة ال 26 لمؤتمر مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي في الدوحة    مبابي على وشك تحقيق إنجاز تاريخي مع ريال مدريد    عبر تطبيق البلاغ الالكتروني مباحث شرطة ولاية الخرطوم تسترد سيارتين مدون بشانهما بلاغات وتوقيف 5 متهمين    _119111409__119082842_gettyimages-200487196-001_976549-1    الخارجية: بيان نظام ابوظبي ردا على قطع السودان علاقاته معها بائس يدعو للسخرية ويعكس تجاهلًا للقوانين والأعراف الدولية المنظمة للعلاقات الدبلوماسية بين الدول    شاهد بالفيديو.. بعد غياب دام أكثر من عامين.. الميناء البري بالخرطوم يستقبل عدد من الرحلات السفرية و"البصات" تتوالى    شاهد بالفيديو.. فتاة سودانية تثير ضجة غير مسبوقة: (أرغب في الزواج من أربعة رجال لأنو واحد ما بقضي)    محمد وداعة يكتب: عدوان الامارات .. وحدة الجبهة الداخلية    شاهد بالصورة والفيديو.. خجل وحياء عروس سودانية من عريسها في ليلة زفافهما يثير اهتمام جمهور مواقع التواصل    شاهد بالفيديو.. قائد قوات درع الشمال "كيكل" يدخل في وصلة رقص "عفوية" مع (البنيات التلاتة)    شاهد بالصور.. المذيعة نسرين النمر توثق للحظات العصيبة التي عاشتها داخل فندق "مارينا" ببورتسودان بعد استهدافه بمسيرات المليشيا ونجاتها هي وزميلتها نجمة النيل الأزرق    بهدفين مقابل هدف.. باريس يقهر آرسنال ويتأهل لمواجهة إنتر في نهائي دوري الأبطال    بيان توضيحي من مجلس إدارة بنك الخرطوم    سقوط مقاتلة أمريكية من طراز F-18 في البحر الأحمر    "آمل أن يتوقف القتال سريعا جدا" أول تعليق من ترامب على ضربات الهند على باكستان    الهند تقصف باكستان بالصواريخ وإسلام آباد تتعهد بالرد    والي الخرطوم يقف على على أعمال تأهيل محطتي مياه بحري و المقرن    وزير الطاقة: استهداف مستودعات بورتسودان عمل إرهابي    ما هي محظورات الحج للنساء؟    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثم ماذا بعد (الطوفان)؟
نشر في آخر لحظة يوم 04 - 03 - 2011

وهل هو-( أي الطوفان)- من وابل السماء الهتان أم هو من تفجرات الينابيع الأرضية، أم براكين وزلازل احدثت أخاديد انسابت اليها المياه حتى فاضت هي الأخرى.. أم هو احتباس احتقاني جغرافي بشري تماثلت تياراته حتى خافته الطائرات المقلعة من (تونس)، والأخرى من (مصر)، وتوالت الطائرات (اقلاعاً) من (اليمن)، والبحرين.. أما ليبيا فيعج بها الطيران، وهي تراكمات للتوالي النمطي الذي أدى الى فوران البراكين البشرية، ورجعوا يرددون ما قاله فيهم يوماً شاعرهم (الشابي):
إذا الشعب يوماً أراد الحياة
فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلي
ولابد للقيد أن ينكسر
وملامح (الطوفان) هذا ليست كتلك التي كنا نطالعها ونعايشها من استبداد المستعمر الدخيل أو انعدام وقلة الفئة الوطنية الهادية الى الرشاد.. وإنما هي لأحادية الفكرة والتعالي على الناس، وكما ذكرت لكم مرات ومرات أن المرجعية الحاكمة لا تسير على خطى وهدى ثابتة راسخة، لأن أفعال واقوال البشر تتذبذب بمعايير المصالح وأيلولة المقاعد.. لأن القاعدة الأزلية تقول (ومن يبتغ غير الاسلام ديناً فلن يقبل منه...) وتقول أيضاً (...وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)، فإذن نحن كما نعايش اليوم المد البشري والصواعق التصادمية وسط تلك الشعوب أحدثت ارتجاجاً هائلاً في أحوال الأمة العربية لتهيم ولتفقد أعداداً بالمئات جراء المواجهات والاقتتال والقذائف، وكل ينادي (يا بني اركب معنا..) فإن أجاب قائلاً (سآوي الى جبل يعصمني من الماء..) قيل له (لاعاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم..) ونحن في السودان نرى وننظر ونؤوي ونحمي من تشبث بنا أو طلب الينا تناصحاً، فالعاقل من اتعظ بغيره، وأمامنا السفر والكتاب مفتوح، لأن من لم يتدرب ويجيد القفز والرمي لايسعفه تاريخه النمطي أبداً.. ومن لم تكن له (مرجعية) راسخة تتأتأ وتلكأ في سيره وطاشت نباله وجرت خيله صوب الرهاب، ونحن قد مرت بنا تجارب (المجاعات) وندرة الطعام وكذلك أتت علينا جوائح العرى وقلة الهندام، وجاءتنا من الغرب سوالف وفضائح السفور وقبح الحديث، ودرسنا وتعلمنا في دورنا وجامعاتنا أنماط التقدمية والرجعية والرأسمالية والاشتراكية.. ثم جربنا وذهبنا نصوب القذائف لبعض، ولما تفجرت حولنا الأرض ينابيع.. غازاً وذهباً ونحاساً وحديداً، قلنا فاقعوا لله ساجدين فإنه تعالى سيزيدكم من فضله، وسيأتيكم القوم داخرين.. خائفين.. وتوارثوا (الكتاب) و(الميزان).. وقوموا لله قانتين، فإن (عمر) الأول كان نبراساً فهل سيشبهه (عمر) الثاني.. فهو لا يستقر معكم بالخرطوم هو ورصفاؤه ولايستقرون إلا قليلاً لأن (من رأى ليس كمن سمع) ولا يركنون كذلك للدبلجة إلا قليلاً ولنا أن نتساءل عن هذه الثورات الطوفانية العارمة التي اكتسحت معظم الوطن العربي، وهي في معظمها عدوى الكترونية في بلاد غالبها ديمقراطية، فما الناتج بعد إزاحة الرئيس، ونحن ننظر أن بداية الصيحة الجماهيرية بدأت بالرئيس زين العابدين التونسي الذي يعيش ويحكم في دورته الجماهيرية، فهي واحدة من اثنتين لثورة تونس هذه، إنها ديمقراطية شبيهة بديمقراطية (الجزائر)، حسبما يذكر العالم المغربي (عبد السلام يس) زعيم حركة (العدل والاحسان) حين قال (ما فعله أدعياء الديمقراطية وربائبها في الجزائر بالإسلاميين حين استعدوا عليهم الدبابات وهاجموهم في الشوارع بعد أن توجتهم الديمقراطية وصوت عليهم الشعب، وأعلنت عن نجاحهم صناديق الاقتراع الشفافة، وهذا ادعاء للديمقراطية في بلد مسلم هو (الجزائر) هذه واحدة، والأخرى أن البوصلة قد فقدت وصارت تتحكم في الجماهير النوازع والأعاصير والأتربة الخارجة من فوهة الأزمات بالبلد المعين، ولم تداوم القيادة على اصلاح ومعالجة السوالب المتراكمة لأن الحياة لا تستقيم على وتيرة واحدة، وهنا أريد أن أنقل بين يديكم حديثاً مرهفاً للعارف (ياسين) عن نظامنا العربي في الحكم والسياسة من كتاب (أدلجة الاسلام) لمؤلفه د. سعيد بنسعيد العلوي المغربي) إذ يقول أي يس: صور الديمقراطية في (بلاد الديمقراطية) تعيش بين الأحزاب وتهارش، ونقد متبادل ومعارضة ترصد أغلبية في الحكم وفريق متحالف ينتظر ساعته ليسقط الحكومة، وتداول على السلطة وحرية للصحافة مضمونة ودستور أقعدته الأيام بتجاربها المرة الطويلة، أنه نظام استقرار على علاته لها من المرونة رغم شيخوختها ما يقويها على تجاوز الأزمات السياسية، وهي آخر الأمرهناك (أي في بلاد الديمقراطية) (أهون الشر وقوام المجتمع)، ثم يقول عبد السلام ياسين: (أما الديمقراطية في بلاد الإسلام فالشأن فيها مغاير يحيلها بكل زينة وفضيلة أنصارها والدعاة المتعطشون اليها المستجيرون بها من الاستبداد التقليدي العتيق أو الانقلابي الطارئ، كما يهفو قلب المؤمن الى الجنة ويتركب طموحه على نعيمها، كذلك تهفو أفئدة الساميين المحترفين منهم والمناضلين (اللاييكيين) الى الديمقراطية، بما هي حرية وحقوق انسان وتداول على السلطة، وباب مفتوح على الرئاسة، وينحشر مع الجوقة الديمقراطية المرتزقة، الانتهازيون الطفيليون الذين يجدون في أنظمة الصنائع المناخ المناسب فهي في كلمة واحدة تجمع ذوي الأغراض المختلفة، وغالباً ما ينتفي فيها الشرط الأخلاقي فهي لذلك تظل هشة وعرضة للإطاحة لهوى الحاكم.
وإني يا قارئي العزيز أوردت هذه الفواصل لكي تعيننا على فرز الزبد الناتج عن الطوفان العربي، ولكي نتمكن من قطف ما ينفع الناس فنبقيه على الأرض، أما الآخر (أي الزبد) فيذهب جفاء.. وهذا الذي نعايشه في الوطن العربي هو محاور أنظمة الحكم بين ديمقراطي وغيره، ومدى تحقيق رغبات الجماهير، ولكننا نورد أيضاً نصاً للفروق في هذه الأنظمة فيقول (يس)إذا تبينا الفروق الجلية بين الديمقراطية في بلاد الديمقراطية وبين الديمقراطية في بلاد الاسلام، ثم أدركنا الأسباب العميقة التي تحول دون وقوعها في أرض الإسلام فنحن نقف على جوهر الاختلاف بين الديمقراطية من جهة وبين الشورى من جهة أخرى، إنه الاختلاف القائم بين منظومتين متمايزتين لكل منهما مرجعيتها ومفاهيمها وحقلها الدلالي، فأما مرجعية الديمقراطية فهي اللاييكية أي فصل الدين عن الدولة والمفهومان الكبيران الفاعلان فيها هما المجتمع العربي ولربما المجتمع إطلاقاً ثم المعارضة، وليس للمعارضة معنى آخر سوى الاعتراض البشري على حكم أكثرية لها برنامج معلوم، ورغبات بشرية تسعى الى اشباعها ومنجزات ترسم لتحقيقها.. والاعتراض معناه التربص وتحين الفرصة الملائمة على ازاحة السلطة الحاكمة من أجل الحلول معها على نحو ما يقتضيه معنى التداول، وأما مرجعية الشورى فهي الإسلام فهي لا تنفك منه، والشورى عبادة قبل كل شيء، وأمر الهي، وصفة ايمانية تتوج صفات أخرى تتكامل وتتضافر وتتساند، والمفهومان الكبيران الفاعلان في منظومة الشورى هما مفهوم الجماعة أي جماعة المسلمين، ومفهوم النهي عن المنكر فلا يستقيم كما أقول أنا أن ينعقد البرلمان ببلد مسلم ومظاهر الفحشاء تصطف حوله، والخمور لها مصانع وتزكم الأنوف، كما كان يحدث عندنا في السودان قبل أن يبيدها نميري أكرمه الله.. وبالشورى والعدل وبالصلاة ترزقون وتكرمون.. والله أكبر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.