زيارة رئيس الجمهورية السيد المشير عمر حسن أحمد البشير إلى الشقيقة مصر جاءت في وقتها، فالعلاقة بين بلدينا هي علاقة البلد الواحد الذي يؤثر ما يحدث في جزء منه على الجزء الآخر سلباً وإيجاباً، وهي زيارة جاءت للتأكيد على مساندة السودان الرسمي للثورة الشعبية في مصر وللنظام الرسمي والشرعي الذي يمثله المجلس العسكري الأعلى الذي تولى مقاليد السلطة بعد تنحي الرئيس السابق محمد حسني مبارك في أعقاب الضغوط الشعبية والمظاهرات الشبابية التي اجتاحت كل مصر. السودان الشعبي أيّد منذ الدقائق الأولى ثورة الشعب المصري وقامت السلطة الرسمية في السودان بتأييد نتائج الثورة الشعبية في مصر لتكون أقرب إلى الشعب في السودان الذي انحاز لأشقائه في شمال الوادي منذ لحظة انطلاقة الهتاف الأول: «الشعب يريد إسقاط النظام». لا ننسى أن آخر زيارة خارجية قام بها الرئيس المصري السابق حسني مبارك كانت إلى الخرطوم قبيل إعلان النتائج النهائية لاستفتاء تقرير مصير جنوب السودان، وقد رافقه الزعيم الليبي معمر القذافي الذي استنجد به فيما يبدو حتى يتم استقباله في الخرطوم بعد أن «تملّص» وراغ وزاغ من استقبال الرئيس البشير في بلاده للمشاركة في القمة الأوربية الأفريقية.. استنجد القذافي بالرئيس السابق مبارك فنجده، واستنصر به فنصره، وقد دار همس كثير إبان تلك الزيارة حول أهدافها ومراميها إلا أنهم يريدون والغرب يريد والله يفعل ما يريد..! لا نعرف حقيقة ما دار بين الرئيس البشير وبين القيادة المصرية الجديدة ولم يرشح من اللقاءات أكثر مما جاء في التصريحات الرسمية، لكن تلك التصريحات لا تكون هي كل الذي جرى أو دار، لذلك نتخيل أن الرئيس المشير البشير والمشير طنطاوي ومن كانوا حولهما اجتمعوا على أنهم رجال جيش وعسكرية قبل أن يكونوا أهل سياسة، فوفد الرئيس البشير ضم إلى جانبه الفريق أول ركن بكري حسن صالح وزير رئاسة الجمهورية، والفريق أول مهندس محمد عطا المولى مدير جهار الأمن والمخابرات الوطني، ثم وزير الخارجية الأستاذ علي كرتي أحد قادة قوات الدفاع الشعبي - أي أن اللغة ستكون مباشرة «من الكاب إلى الكاب» ولن تكون هناك مفردات قابلة للتأويل والتفسير على أكثر من وجه. نتوقع أن تكون قضية وحدة وادي النيل على رأس الأولويات والموضوعات التي نوقشت انطلاقاً من أرضية الأمن القومي للبلدين، ثم مناقشة أمر الدعوة لقمة عربية عاجلة - في الخرطوم أو القاهرة - لمناقشة الأوضاع في ليبيا واتخاذ مواقف محددة تجاهها.. ثم دعوة وفد ليبي يمثل الثوار إلى القاهرة للاستماع إلى وجهات نظر الثوار الرسمية تجاه الكثير من القضايا.. و.. نتوقع أن تبدأ رحلات مكوكية دبلوماسية بين القاهرةوالخرطوم من جانب وبين العواصم العربية من جانب آخر للعمل على إخراج الشعب الليبي الشقيق من تحت مقصلة النظام الليبي ومن دائرة مرمى النار التي وضعه فيها العقيد القذافي وكتائبه التي تستخدم كل أنواع الأسلحة في مواجهة الثوار العزل.