منتجع جبل أولياء السياحي ملوث ذهبت عدة مرات بصدد الترفيه والترويح إلى جبل أولياء، حيث منطقة خزان جبل أولياء ذات الشواطئ النيلية الجميلة، والغابات الطبيعية والجزر المخضرة الخلابة التي تتوسط مجرى النيل الأبيض العريض. في هذا الاسبوع قمت بزيارة مختلفة ومعي ضيوف دبلوماسيون من دولة سلوفاكيا، رأينا أن يزوروا أحد معالم الخرطوم السياحية، ويستمتعوا بمناظر النيل الخلابة، ويستريحوا على ضفاف النيل على وجبة من سمك النيل الطازج- بدأت جولتنا بمعاينة الخزان وما فيه من معالم إنشائية وتوربينات لتوليد الكهرباء، ومناظر خلابة من على شرفة الخزان شمالاً وجنوباً- بعد ذلك ذهبنا لشرب كوب من الشاي على ضفاف النيل، حيث تناثرت مجموعة من النساء يقمن بصنع الشاي والقهوة للعشرات بل المئات من السائحين سودانيين وأجانب، ليس هناك أماكن مهيئة بأدني المواصفات الصحية لتقديم مشروبات صالحة للاستهلاك الآدمي، حتي الماء الذي يستعمل في صنع الشاي والقهوة يجلبونه من مياه النيل الملوثة مباشرة، وكذلك المياه التي يستعملونها في غسيل الأواني والكبابي، عندما رأينا الحال هكذا أتينا بماء الصحة الذي كنا نشرب منه، وطلبنا من صانعة الشاي أن تستعمله في تحضير القهوة والشاي لنا، ولقد تعجبت وضحكت من هذا التصرف، الذي لم تعتد عليه بل لا تعرف ما هي الأضرار الناتجة عن مياه النيل، التي تعودت على استعمالها في صنع مشروباتها كل يوم. وحتى نسلط بعض الضوء على أنواع التلوث حولنا ونحن جلوس على شاطئ النيل تجولنا بالنظر أمامنا لنرى أكواماً من مخلفات أكياس البلاستيك، وقارورات البلاستيك والزجاج وغيرها من نفايات متراكمة بصورة عشوائية على طول الشاطئ، تتخللها مخلفات الأسماك التي يلقى بها في شاطئ النهر، حيث تتعفن بمرور الأيام وتكون مستعمرات من الباكتيريا والملوثات العضوية.. كل ذلك وهناك عشرات من العربات تتم نظافتها على الشاطئ، حيث رأينا أن كل عربة تستهلك على الأقل زجاجتين من محاليل النظافة الكيمائية في نظافة العربة وتذهب كلها في مياه النيل، وكذلك هناك عربات يتم تغيير الزيت لها ويسكب الزيت الراجع في النيل على مسافة بضع أمتار من مياه مصائد الأسماك. كل هذه المناظر أمامنا ونحن جلوس مع ضيوفنا الذين أبدو بصراحة شديدة امتعاضهم من هذا السلوك المشين، وذلك التلوث الضار، ولم استطع أن أبرر شيئاً مما يدور حولنا، بل وعدتهم بأن أنقل رأيهم ورأي الشخصي للمسؤولين من على منبر الصحافة- وهانذا أناشد السيد والي الخرطوم: أن يعير منتجع جبل أولياء السياحي بعض الأهتمام، فهناك كل مقومات السياحة والترويح لأهل الخرطوم من الأهالي والأجانب والزائرين للخرطوم من كل العالم.. ومع توفير المناطق الطبيعية يبقى المطلوب إنشاء سوق صغير لعرض وبيع الأسماك بصورة صحية وحضارية، مثل سوق الأسماك في بورتسودان، بدلاً عن ذلك السوق البدائي الذي تعرض فيه الأسماك على الأرض، حيث تتم نظافتها في نفس المكان، وتلقى مخلفاتها بعشوائية في نفس المكان، ويتم طهيها في نفس المكان على ضفة النيل، فيتلوث المكان وينتشر الذباب والحشرات والقطط الضالة والروائح تزكم الأنوف، باختصار شديد المشهد مخجل ولا يشرِّف ولاية الخرطوم ولا يشرف أهلها، ولقد عرفت من المسؤول عن مصائد الأسماك في منطقة جبل أولياء.. السيد عماد محمد عبد الله أن لديهم خطة متكاملة لترقية المنطقة السياحية في جبل أولياء، لكن لم يجدوا من ينفذها، والأستاذ عماد يسكن في نفس المنطقة ويتمتع بقدر كبير من الخبرة والمعرفة بمزاياها الجغرافية والاجتماعية والسياحية مما يؤهله لأن يقود حملة عملية لتطوير منتجع جبل أولياء البائس.. لكن المطلوب أولاً أن تتحرك المحلية المعنية بالتنسيق مع وزارة الري والجهات الأخرى ذات الشأن في تلك المنطقة من أجل قيادة حملة لنظافة شواطئ النيل، وتهيئتها بتوفير حاويات لجمع القمامة ومخلفات الزوار، وأسواق السمك، ومنع غسيل العربات وتغيير زيوتها على النيل.. ثم بعد ذلك يتم إنشاء سوق مبسط به المقومات المطلوبة لحفظ وعرض الأسماك، وتقوم المحلية بتأجير الأماكن في هذا السوق لعشرات باعة الأسماك المتوجودين كل يوم هناك، ثم تهيئة كافتيريا كبيرة أو أماكن صحية تؤجر لبائعات الشاي والمشروبات، ولا شك أن مثل هذا التنسيق إذا تم تنفيذه سوف يأتي بمرافق سياحية أخرى عديدة تحقق موارد اضافية لميزانية المحلية، ولعل أهم من كل ذلك توفير ماء نظيف في كل هذه المرافق، بالإضافة لدورات مياه هي نفسها يمكن أن تكون مصدراً إيرادياً للمحلية.. أكتب هذه المقترحات من وحي ذلك الانطباع السيئ الذي تركته زيارتي وضيوفي الأجانب لمنتجع جبل أولياء، لكن لدينا الكثير من الاختصاصيين في مجال السياحة وهم أكثر دراية مني بما يجب فعله لتهيئة مرفق سياحي في جبل أولياء، وعلى وجه الخصوص إدارة السياحة بولاية الخرطوم، وعلى رأسها الأستاذ علاء الدين الخواض صاحب المبادرات المشرقة في مجال السياحة، فأرجو أن يجد الدعم الكافي من السيد والي الخرطوم، حتى يكون لدينا منتجع سياحي حقيقي في جبل أولياء، يضاف للانجازات الكبيرة التي تمت في هذه الولاية المكتظة بالسكان والتي تعتبر بوابة السودان لكل زائر للبلاد.