لقد اعتركت بالحياة كثيراً كسبت وخسرت.. انتصرت وهزمت.. أعطيت وأخذت.. وذلك نسبة لأني بدأت العمل وأنا صغيرة في السن، وقد كان دائماً هناك أناس حولي.. ممن لا أنساهم.. وتوجد بصمات كثيرة على حياتي الاجتماعية من أناس أحبهم وأقدرهم.. واحتفظ لهم بكل الحب.. ولكن أهم ما ميز مسيرتي العملية.. هو انضمامي لموكب العروس.. وجميلة الصحافة السودانية.. وأميرتها (آخر لحظة)... من ولادتها وإلى الآن.. ومن أهم عاداتي هي قراءة الأعمدة اليومية في الصحيفة.. ومداومة كآلاف غيري على بعد ومسافة.. البعيد في النظر لكل التحليلات السياسية، والقريب من كل الأحداث الاجتماعية والإنسانية.. وتملكتني عاطفة جياشة وأنا أقرأ عمود الثلاثاء (كسلا مشكلات وحلول)، عرفت أن لأستاذنا وصلة ولحمة بالشرق.. فأنا بنت الشرق.. أبي وبكل فخر من قبيلة الأمرأر.. من قلب بورتسودان.. عروس البحر يا حورية يا بورتسودان يا حنية من قلبي التائه في حبك اهدي سلامي وألف تحية. وصدقت سيدي عندما قلت إن أهم ما يميز الشرق إنسانه.. فثقافة الشرق تختلف اختلافاً كبيراً عن ثقافة أهل الشمال وفي ذات الوقت تأتلف.. فالكرم وسماحة النفس.. والأصالة قاسم مشترك لكل القبائل السودانية.. دون خلاف على ذلك، وأنا سوداني أنا.. والاختلاف يأتي في عادات ثقافية وحياتية، بل فالنقل عن الابستومولوجيا من حيث اللغة، والأدب، والتضاريس... إ ن من أهم قبائل الشرق البني عامر، الامرأر، البشاريين، الهدندوة، الحباب، الرشايدة، خليط من الشماليين، قبائل غرب السودان، قبائل جبال النوبة، قبائل الجنوب، يمنيين، حجازية، هنود. وجميعنا بدأ ينظر للشرق بصورة مختلفة، بعد التغييرات الجذرية التي أحدثها الوالي محمد طاهر ايلا، ولا ننسى أيضاً وزير السياحة عبد الله كنة اللذان جعلا من بورتسودان لوحة جميلة وقبلة للسائحين والناظرين.. وكسلا التي هي في وجدان أهل السودان من زمن بعيد.. حبيت عشانك كسلا وخليت دياري عشانها واخترت أرض التاكا الشاربة من ريحانها كلمني قوليها فاكر ليالي القاش لمن الحنين عاودني بعطفك الجياش جفيت حبيب ما خانك من نور بسيمتك عاش أنا تاني ما بتلقاني يوم في طريقك ماش قاصد مكان في كسلا وما حدث في كسلا من أحداث ماهو إلا نتاج لثقافة وعادات سائدة.. فهناك القوانين تختلف.. والأعراف والتقاليد والعشائر.. ربما يكون لديها دور كبير في تأخير دوران عجلة الحضارة.. فمازال أهل الشرق يتمسكون بكثير من الثوابت التي تؤخر ولا تعجل.. ولا تزال بعض القبائل لا ترى في التعليم فائدة.. ولا في الحضارة حاجة.. أضم صوتي لك عمدة آخر لحظة.. يجب أن نفتح عقولنا وأعيننا وقلوبنا لأهل الشرق، ولخصوصية المنطقة نحاول أن نشرك الحكم الأهلي في ولاية لا يزال للقبيلة فيها مركز وعنفوان.