أكد البروفيسور إبراهيم أحمد عمر مستشار رئيس الجمهورية وأمين أمانة الثقافة والفكر بالمؤتمر الوطني أن دعوتهم لحكومة ذات قاعدة عريضة هدفها إشا عة روح الثقة بينهم والأحزاب السياسية الأخرى وأشار البروف إلى أن تشكيل الرئيس لمفوضية محاربة الفساد هدفه التحقق مما يردده الناس بوجود فساد في مؤسسات الدولة قاطعاً بمحاسبة كل من يثبت تورطه في ذلك ونفى أن تكون محاربتهم للفساد وتكوين مفوضية خاصة به قراراً جاء متأخراً لأنه كانت هنالك لجنة داخل الموتمر الوطني للمحاسبة وقال البروف إنهم يفخرون في الإنقاذ دوماً بأنها قدمت أرقام الفساد على مرآى ومسمع من الناس وأكد أن تقارير المراجع العام على عينهم ورأسهم. وأضاف البروف في حوار أجرته معه «آخر لحظة» أنهم سيعيدون النظر في هيكلة الدولة على أساس أن يكون عدد المسؤولين من وزراء ودستوريين أقل من ذي قبل مبيناً أن الهيكلة هذه لن يجيزوها منفردين وإنما بعد التحاور مع اللجان التي سيتم تشكيلها مع حزبي الأمة والاتحادي الأصل حيث تسلموا من الأخير الأسماء التي من المفترض أن تجلس معهم حيث بعث بها مولانا الميرغني قبل أيام.. وقال القيادي البارز بالمؤتمر الوطني إن حزبه يتعين عليه مواجهة مشكلة الهيكلة هذه باعتبار أن عدداً كبيراً من المواقع المشغولة الآن منه.قال بروفسور إبراهيم إن نظرتهم للمؤتمر الشعبي بمنظار مختلف سببها رغبة الأخير في إسقاط النظام مما جعلهم يصرفون النظر عن أمل مشاركته في الحكومة المقبلة. و تطرق الحوار للهيكلة الجديدة للحكومة القادمة وملف الفساد في الحكومة وأبيي والعلاقة مع حكومة الجنوب «الدولة الوليدة» وملف دارفور وتطور الأوضاع السياسية في الجوار الإقليمي وكذلك حوارهم مع القوى السياسية وردود أفعال ذلك بالإضافة للعديد من الأمور التي لا تقل أهمية فمعاً لمضابط الحوار:- سعادة المستشار هل تظن أن المؤتمر الشعبي وحده من يقلق النظام باعتبار أن الشيخ الترابي اعتقل لأنه قال إنه يشم رائحة ثورة تونس في السودان واعتبرته الحكومة أنه يحرض بقوله هذا الشارع ضدها؟ - الذي يجعلنا ننظر بمنظار مختلف للشعبي أو غيره هو سياساته، إذ هو يعلن هذا ويقول إنه لا يريد شيئاً سوى إسقاط الحكومة و جاهر بذلك، وهو لم يقل إنه يريد أن يحاورها مثلما يقول حزب الأمة أو الاتحادي، بل قال إنه يريد إسقاط الحكومة وهذا هو برنامجه الوحيد. هل تعتقد أن أسلوب المؤتمر الشعبي مستفز بالنسبة إليكم؟ - على الأقل يجعلنا نصرف النظر عن الأمل في أن يشارك في الحكومة القادمة. ولماذا لا تتحفظون بدلاً عن صرف النظر؟ - نتحفظ على ماذا؟ ً تتحفظون على طريقته باعتبار أن قادته كانوا داخل النظام ويعتبرهم البعض أنهم الأقرب إليكم..؟ - بصرف النظر عن مشاركتهم في الحكومة فهذا هو الموقف المناسب لهذه الحالة، لأننا دعونا لحكومة ذات قاعدة عريضة، والمسألة ليست حوار، بل القضية هي إسقاط الحكومة، فالتعامل الصحيح هو أن تصرف النظر عنه وتتركه فتركناه. هل تركتموه على اعتبار أن اتفاق السلام هو الذي ولَّد شرعية هذا النظام؟ - لا بل على أساس أنه لا برنامج لديه للحوار وعنده فقط برنامج للخروج في مظاهرات ضد النظام، فكيف تجلس معه..!! بروف هل لديك خلافات شخصية مع دكتور الترابي؟ - لا أحب أن أتحدث عن الأمور الشخصية هذه. المعارضة تطالب بتعديل الدستور و تريد لجنة تتضمنها لذلك التعديل وأن تكون اللجنة مستقلة ليتم إسقاط المواد التي تراها غير ملائمة للأجواء الديمقراطية، وليست تلك التي أعلنتم عنها؟ - الذي طُرح في المجلس الوطني هو عبارة عن الأمر الذي توجَّب بحكم الدستور القائم، والذي ليس فيه خيار أو أخذ ورد، إذ يقول الدستورالقائم إنه إذا حدث انفصال سيحدث كذا وكذا.. إذن لا أخذ أو رد فيه.. إنه إذا حدث انفصال يعني إسقاط جميع الأبواب والمواد في الدستور المتعلقة بالجنوب، وهذا مقرر دستورياً وليس فيه نقاش ولا نحتاج فيه للنقاش حتى مع أنفسنا لأنها حاجة مقررة ومثبتة بالدستور. ما تعليقك على الاتهام الذي ظلت تكرره الحركة الشعبية دوماً ضدكم في دعمكم لفصائلها المتمردة وهذا ما نفاه المؤتمر الوطني في أكثر من مناسبة.. - مقاطعاً: ننفيه مرة ثانية وثالثة ورابعة. هل تعتقد أن الحركة الشعبية تريد أن تعلق شماعة إخفاقها فيكم كما تقولون؟ - كان ذلك ديدنها، أي أنها عندما تكون لديها مشكلة في الجنوب وبدلاً من أن تحلها تدعي أن المؤتمر الوطني هو الذي يقوم بإثارة هذه المشكلة، والآن هذه القوات المتمردة عليهم بعيدة عن الحدود وهي داخل الجنوب، والمؤتمر الوطني لا طريقة لديه ليقدم لها سلاح أو معونة، وهذا أمر واضح بالنسبة للمراقبين والعالمين ببواطن الأمور.. ولذا هي محاولة للقول بأن المؤتمر الوطني وعندما يقوم بعمل ما فكأنه يستهدف إقلاق إخواننا في الجنوب وهذا ليس شيئاً صحيحاً. ü لماذا لم يُطلق سراح دكتور الترابي حتى الآن أم أن هذا شأن الأجهزة الأمنية؟ - هذا شأن الأجهزة الأمنية.. ومتى سيطلق سراحه نترك ذلك لهم. هل تتوقع أن تتعامل الحكومة بشكل مختلف مع ملف دارفور مستقبلاً بالنظر للتغيرات السياسية في الجوار الإقليمي بخاصة ليبيا، والرفض المتكرر لحركة العدل بالجلوس للحوار؟ - لا،الوضع في ليبيا وبأي وجه انتهى قطعاً سيؤثر على قضية دارفور، إن كان إيجاباً أو سلباً، لأن هناك قوى من الحركات موجودة في ليبيا، وهناك علاقات ربما تتأثر بذلك، ولكن إن كان للأحسن أو الأسوأ فالوضع سيكون فيه اختلاف. وماذا عن أبيي والتي يؤكد المسيرية أنهم في حل حتى عندما أسفرت عنه محكمة لاهاي، وهناك غضب واسع في أوساطهم بسبب تهميش الحركة لهم؟ - بالنسبة لأبيي موقف المؤتمر الوطني واضح فيها، وهو أن المسيرية مواطنون حقيقيون في أبيي ويجب أن يكون عندهم حق التصويت في أي استفتاء أتى، وإن لم يأتِ استفتاء فيجب أن يُعطوا الأرض التي تخصهم وبالتالي هذا موقف المؤتمر الوطني.. ونحن نأمل إذا كان الاستفتاء فليكن للمسيرية حقهم الكامل في التصويت وإن كان حلاً سياسياً فلهم كذلك حقهم في أرضهم التي نعرفها. بالعودة لملف دارفور يتصور الكثيرون أن هناك عدم تنسيق ما بين حكومات الولايات في دارفور وبين الخارجية، حيث كانت هناك أزمة بين كاشا والوزارة بسبب طرده لمنظمة فرنسية لأسباب استخبارية، فما هو تأثير عدم التنسيق ذلك، أليست له مردودات سلبية في التعامل مع المنظمات والتي لطالما اُتهمت بالتخابر ضد الحكومة؟ - نعم، أي عدم تنسيق بين مؤسسات المؤتمرالوطني هو أمر سالب سواء كان في هذه القضية بدارفور أو غيرها، ولذلك مفروض أن يحدث تفاهم وتنسيق وبالتالي لا يحدث تعارض في القرارات بين مؤسستين تخضعان معاً للمؤتمر الوطني، ولذلك في النهاية نحن نقف مع الحق إذا كان للوالي أو لوزير الخارجية كمؤسسة وندعوهم كلهم لعدم عمل أي شيء بدون تنسيق. أيضاً كان إن اُتهمت اليوناميد بدارفور بإيواء عناصر متمردة فكيف سيتم التعامل معهم مستقبلاً وهي باقية بدارفور إلى أن يتم السلام؟ - قوات اليوناميد سنتعامل معها وفق اتفاقية أبوجا، وموقفنا منها هو نفسه ولا يتغير.. ولكن هذا لا يعني أنها إذا تصرفت تصرفاً خطأ ألا نوقفها عند حدودها ولا نقول لها أنت أخطأت.. فالإشكال قد لا يكون منها هي في أغلب الأحيان، وإذا هي لم تقم بدورها كاملاً أو تجاوزت دورها فنحن بالقطع سنطلب منها أن تلتزم حدودها. سعادة المستشار كان أن قدت ثورة التعليم العالي قبل عقدين، ولكن يقولون إن الجامعات السودانية الآن أصبحت تخرج أنصاف متعلمين وخاصة في العلوم التطبيقية فما هو العيب، هل في الجامعات نفسها أم المقررات أم لتساهل في التعليم الجامعي في السودان.. والآن المجتمع يتحدث عن عجز الطالب الجامعي عن كتابة طلب للمسجل بكليته؟ - أولاً الانتشار في التعليم العالي اعتقد أنه ميزة كبيرة، والجماعات الآن أصبحت في مستوى لا بأس به، وصحيح هناك بعض الإشكالات ولكن كلها تعود إلى قلة التمويل المالي اللازم، وأنا مازلت اتحدث عن أهمية أن تقوم الدولة بالصرف على التعليم العالي والبحث العلمي بصورة أحسن مما هو الآن، وظللت أقول هذا لوزراء المالية المتعاقبين بما فيهم وزير المالية الحالي، واعتقد أن المشكلة الأساسية هي مشكلة تمويل بحيث يجعل هذه الجامعات قادرة على أن تؤهل معاملها ومكتباتها وأن تعطي الأساتذة ما يستحقونه من اعتبار مالي ومعنوي وأن يعطوا المؤسسة ما تستحقه من دعم.. ونحن لا نقول إن الانتشار كان مشكلة أو خطأ وإنما نقول إن عدم الاستمرار في الصرف بصورة قوية هو يشكل مشكلة الآن للتعليم العالي ويجب على الحكومة أن تسعى جاهدة لدفع أموال مقدرة للتعليم العالي والبحث العلمي، وهذا قد يكون فيه الحل للنهوض بالجامعات بالصورة التي لابد منها، وهي ضرورية لأجل التنمية والتعليم حتى تكون هناك نهضة في البلد ومن غير جامعات لن تنهض البلد ولن تتقدم وبدونها سيظل الشعب يعاني مع كل مقاييس الأممالمتحدة واليونسكو واليونسيف وسيكون بعيداً من أن يدركها، ولذا لابد وأن يستمر الناس في هذه الجامعات دعماً وإصلاحاً وسنداً. بدلاً من أن نقول إنها ضعيفة ولا تخرج أناساً متعلمين، بل علينا وعلى الحكومة دعم هذه الجامعات، وكذلك على الشعب وهذا هو الخط الإيجابي. كيف ستتعاملون مع حكومة الجنوب والتي طالما أكدت قيادات بالمؤتمر الوطني بأنها ستكون دولة معادية للشمال، باعتبار أن الاستفتاء لم يفرز النتيجة الحقيقية أو كما تقول الأحزاب الجنوبية كذلك؟ - التعامل سيكون من منطلق أنه لابد للدولتين من الاستقرار وإرساء السلام، وبالتالي تعامل جوار مسالم وهادئ وجوار يرجو الخير للآخر، ولكن نأمل أن يكون هذا نفس الموقف في الدولة الأخرى لأن فيها قيادات للأسف لا تؤمن بهذا الكلام وتظن أنه ما تزال هناك قضية بينها والشمال وقد تسعى تلك الشخصيات لتعكير صفو العلاقات بين الدولتين، ولكن نحن كمؤتمر وطني وحكومة قائمة فهذا هو موقفنا ونريد جواراً آمناً ومسالماً وأن يعم السلام لنتمكن من أن نتعاون على خير. ً سعادة المستشار الآن مناوي يهدد إذا ما تم استخدام المطارات بدارفور، وهو حسبما تقولون لم يفعل شيئاً على أرض الواقع، ألا تعتقد أن تقسيم الثروة والسلطة بالنسبة لاتفاقيات السلام عموماً قد فُهمت خطأ من قبل بعض العناصر التي حاولتم الجلوس إليها، وكيف تستفيدون من تلك الأخطاء فيما يجري في الدوحة الآن؟ - صحيح أن تقسيم الثروة والسلطة مع استتباب الأمن كان الظن أن يؤدي إلى وحدة السودان ولا ينفصل الجنوب وتحل مشكلته نهائياً.. ولكن مع كل المحاولات الجادة والبذل في المال والسلطة والذي قدم للجنوب إلا أن الجنوبيين قد انفصلوا بنسبة عالية.. إذن هناك مشكلة أخرى سوى قضية الثروة والسلطة، ولذلك أقول إن الدرس المستفاد من هذا في تقديري هو أننا لا نكتفي بهذا، وهذه الأشياء قد تكون ضرورية في أنها قد تساعد في التنمية، ولكن هناك أشياء أعمق وأهم، واعتقد أن هذه الأشياء لا يحلها إلا الدين لأن الإنسان- أيَّاً كان مسلماً أو مسيحياً- إذا ما كان متديناً فإن الدين يجعله يتعامل بأخلاق معينة وبمفاهيم معينة وعادات محددة، وهذه الأشياء يحتاج لها الناس. شكراً لك سعادة المستشار.. - شكراً جزيلاً..