ما الحكمة من السماح لجماهير المواطنين بالتنقيب عن الذهب وهل الإمكانات المتواضعة المتوفرة لجموع المنقبين فى هذا المجال لها عائد ومردود على الإقتصاد الوطني أم أن الأمر يعود لايرادات جديدة للولايات دون النظر الى العائد الكلي لاقتصاد البلاد . من المفارقات أنه رغم قيام وزارة للتعدين والتى قامت لأول مرة فى تاريخ الحكومات الوطنية كوزارة مختصة فقط بالتعدين تستمر الهجمة الشعبية على التنقيب البدائي لأهم خام إقتصادي ولاتزال جهود هذه الوزارة فى تنظيم أعمال التنقيب غير مرئية ويبدو أن جهودها فى هذا التنظيم ستواجهه عقبات فطام المحليات عن إيرادات دخلت الى خزائنها من أعمال التنقيب والمنافع الملحقة به. التنقيب الشعبي للذهب وبهذه العشوائية سيخلف فاقداً ضخماً لاستخراج الذهب من باطن الأرض فلا الأجهزة المستخدمة ولا القوى العاملة من الكفاءة والقدرة التى تمكنها من استخراج كل هذا المعدن النفيس بدقائقه والتصاقه بالصخور والتربة هذا فضلاً عن التجريف الذي يحدث للأرض وبمساحات واسعة ولايقوم على خريطة جيولوجية بل ويعتمد على تكهنات وخبرات غير علمية يدعيها بعض ممن يقيمون فى هذه المناطق للحصول على كسب شخصي وهناك أيضاً الأثار البيئية والاستخدام الخاطئ للمواد التى تستخدم فى التنقيب وجلاء المادة الخام بعد استخراجها وغيرها من المخاطر الصحية والنفسية التى بدأت تزداد فى مناطق التنقيب الشعبي . تساؤلات كثيرة تطرح عن دواعي التنقيب الشعبي للذهب هل فشلت الحكومة فى جذب المستثمرين والشركات المؤهلة للقيام بهذا العمل الذى يجب أن يكون وفقاً لشروط اقتصادية وجيلوجية وفنية لايراعى الحد الأدنى منها الأن فى التنقيب الشعبي . هل العائد الحقيقي من هذا التنقيب تذهب ا لى المنقبين الحقيقيين الذى يجهدون ابدانهم بالحفر والتعرض للمخاطر البيئية من غازات وتلوث وأتربة أم يذهب العائد الى التجار والسماسرة وتضيع حتى الالتزامات الضريبية جراء هذا العمل المفتوح بلا تقنين ولاضوابط .من ناحية أخرى وحسب الأخبار التى نشرتها الصحف المحلية فإن عائد تصدير الذهب الخام يتوقع أن يرتفع خلال هذا العام الى 3 مليار دولار أمريكي وهو عائد كبير بالمقارنة مع أى صادرات سودانية أخرى غير الصادرات البترولية . والسؤال لماذا لاتبحث الحكومة وتشجع مستثمرين محليين وأجانب لصناعة الذهب السوداني حيث تجد منتجات الذهب من الحلي والزينة رواجاً كبيراً عند السودانيين وفى المقابل ظلت صناعة الذهب فى اطارها التقليدي طيلة العقود الماضية تحتكرها بعض الأسر وقد أدى ذلك الى الخروج المستمر لذهب السودانيين من حلى وأدوات الى بعض دول الخليج ليباع وبأسعار أقل فى مقابل الحصول على آخر صيحات التصنيع الخليجي من الحلى الذهبية وبأسعار عالية . ما الذى يمنع تحفيز وتشجيع المهارات الهندية البارعة فى هذه الصناعة من أن تأتى الى السودان وتستثمر هذه القدرات فى صناعة الذهب وتشكيله للسودانيات اللائي تنوء جيادهن وأياديهن وأرجل بعضهن بمئات الجرامات حيث تنفق المرأة السودانية على حليها غير نادمة متى ماوجدت الى ذلك سبيلاً وبموافقة زوجها بمنطق أنها تتزيّن وتتجمل وتدخر.