حرارة الشمس تتأجج، وقد بدت مناكفة هي والسكون، إلا من بعض صخب يعتمل داخل النفوس الصغيرة التي تأبى الركون وترفض الخضوع لقانون الطبيعة، فللطفولة قوانينها وأحكامها التي أطلقها من كل قيد بعد أن رمت بالحقائب المدرسية في آخر يوم دراسي معلنة عدم الالتزام بزمن أو واجب، فكل الكون بساعاته وضجيجه ملك خالص لهم..الإجازة تعتبرها بعض الأمهات كارثة، لأنهن يفقدن السيطرة على الأبناء بعد الانقلاب على المألوف، فأثناء العام الدراسي تسير الأمور بانتظام ما بين الاستيقاظ باكراً والعودة المثقلة بالواجبات والاستذكار، والنوم بمجرد الفراغ منهما.. وتدور الساقية بلا أنين، حتى يأتي الصيف المبشر بالكوارث الذي تزيده- حرارة الجو ووجود الأبناء المتشوقين للانطلاق وعدم التقيد- سخونة وتفعل فعلها في النفوس والأبدان.. . تمتد الاجازة بشهورها الأربعة وينقلب فيها حال كثير من الأسر لأنها تسمح لأبنائها بتغيير كلي في البرنامج المعتاد أثناء الدراسة (بغرض الراحة والترفيه)، فتجد من يسمح للأطفال بمشاهدة التلفاز أو الألعاب الالكترونية حتى ساعات الفجر، مما يجعلهم ينامون حتى منتصف النهار، بالتالي تتغير الساعة البيولوجية لاستيقاظهم ومواعيد طعامهم ونومهم، مما يخلق خللاً كبيراً في أجسادهم وعقولهم من الصعب الانسلاخ عنها عندما يبدأ العام الدراسي..صحيح أن الإجازة للراحة والاستجمام، ولكن بمعقولية وليست الراحة كلها في الفضائيات، فالقراءة سياحة وراحة للعقل، وللصغار طاقة جبارة، ونفوس خلاقة، والإجازة فرصة ثمينة لزيادة مهاراتهم في شتى المجالات مع ضبط مواعيد النوم والاستيقاظ في المواعيد، ولا بأس مع بعض القيلولة بعد انتصاف النهار.إن المقررات المترهلة، التي تفوق الأعمار والعقول بكثير تحتاج لبعض الوقت لفهمها واستيعابها وحفظها، فما الضير الذي يصيب الأبناء، إذا حاولنا حفظ أو استذكار بعض الأساسيات اللازمة للعام القادم، إن شاء الله في الإجازة، مما يخفف العبء وكثرة الضغط المفروض آنذاك.. هذا بالنسبة للأطفال الموجودين داخل المنازل.. أما المسموح لهم بالخروج للعب في الشارع فعلى الأمهات المراقبة والمتابعة، خصوصاً الذين يسكنون على ضفاف النيل.. أشغلوهم بما يفيد حتى لا يشغلونا بما لا يضير.. زاوية أخيرة: يجب أن نوجه الأبناء ونعلمهم ونشاركهم عالمهم، ونحبب لهم ما ينفع، تمتعض النساء بالإجازة وزيادة المسؤوليات ويبتسم الرجال بخبث، وهم يدعون الله كل صباح (اللهم أشغل أعدائي بأنفسهم).