أيام قليلة تفصلنا عن الوصول لليوم الرسمي والمحدد في التاسع من يوليو لإعلان دولة الجنوب! وفي هذه الفترة التي نعيشها الآن منذ إعلان نتيجة الاستفتاء وحتى تاريخ كتابة هذا العمود فإن المرء يلحظ بما لا يدع مجالاً للشك أن الأمور ليست على ما يرام! نحن الآن لا نعرف ما يدور في الجنوب والآخبار والمتابعات بدأت تتقلص تدريجياً وربما يأتي اليوم الذي نجد فيه أخبار الجنوب تحتل المساحات الداخلية في صفحات العالم في صحفنا السودانية! الأوضاع مضطربة ولا شيء يؤشر على وجود تقدم ملموس لمعالجة قضايا الفترة الانتقالية فترسيم الحدود «محلك سر». وأبيي مشكلة. والانتخابات في جنوب كردفان «ورطة» والوضع في النيل الأزرق «محير»! والتصريحات المتشنجة هي سيدة الموقف. فالمؤتمر الوطني لا يمتلك خطاباً موحداً وأقطابه كل واحد «شايت براه» فنرى أحدهم في النهار يقول إنهم مع التريث في مسألة المواطنة وسرعان ما يأتي الليل ويأتي آخر من هؤلاء الأقطاب ليقول لنا بأن المواطنين الجنوبيين بعد 9 يوليو هم مواطنون أجانب في دولة السودان ربما تعكس هذه التصريحات «حدة وعصبية» واضحتين قد تبد مقبولة فهؤلاء يشعرون بكثير من الحنق تجاه الحركة الشعبية التي خدعتهم وذهابها لنهاية الشوط في موضوع الانفصال وأخذت الجمل بما حمل وربما يقول قائل إن هذه التصريحات هي محاولات في الزمن الضائع لممارسة الضغط السياسي المقصود لتحسين أوضاع المفاوضات والحصول على قدر من المكاسب. ولكن هل تبقت لهذه الطريقة في المناورات« واللت» والعجن فائدة أو نفع بعد وقوع الفأس في الرأس؟! الحركة الشعبية أيضاً ما «مقصرة» فهي لا تقل تشنجاً عن المؤتمر الوطني في إرسال سيل من الكلام الحار والمر وإلقاء قنابل صوتية حارقة على النحو الذي يفعله ياسر عرمان أو تنتجه يومياً طاحونة الكلام التي تدور الآن في جنوب كردفان على خلفية الانتخابات هناك وترديدهم للشعار «النجمة» أو «الهجمة». المهم أن هناك استعجالاً واضحاً تتضح معالمه من هذا الحراك الكلامي الذي يدور بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وهو استعجال يرمي لإنتاج حالة من الكراهية والعداء لا مبرر لها بعد اقتناع الجميع بان الحل الأمثل هو ذهاب كل طرف في حال سبيله في مقابل أن تعيش هذه الارض المحروقة والتي اسمها السودان في سلام وأمان. ولكن كيف يحدث هذا مع الاستعجال الواضح لتثبيت الكراهية بين الشمال والجنوب على النحو الذي نراه هذه الأيام.؟!