قال لي: أين أمضيت رأس السنة؟ قلت له: أنا عادة لا أخطط لمثل هذه الاحتفالات.. فالسنة كلها عندنا رأس؟..... ولكنني وجدت نفسي في الريف فالظروف قادتني للمشاركة في مناسبة اجتماعية، الواجب يحتم عليَّ الذهاب والحضور قال لي: وكيف وجدت الريف قلت له هناك ما يعجب وهناك ما يجعلك تقرأ كثيراً تلك القصيدة العربية التي تقود لي رغبة في البكاء.. والابحار في مرافئ الحزن والحسرة والتأمل.. قال لي: أفصح قليلاً. قلت له: سأروي لك مشهداً صغيراً لقد جلست أراقب لدقائق حركة المواصلات المتّجهة من هذه المدينة الريفية الكبيرة إلى قراها المجاورة والمحيطة بها.. لقد كان الأهالي يشترون من سوق المدينة «الدجاج» والبيض و«قش البهائم » ويحشرونها تحت مقاعد هذه المواصلات المسافرة بهم بهم للقرى في رحلة عكسية مخالفة للواقع والطبيعة..! قالي لي: فعلاً الصورة قاتمة!! المدينة تطعم الريف!! الآن انعكست الحكاية ولكن ماذا يحملون في رحلتهم للمدينة: ü قلت له: الحسرة والعرضحالات ومر الشكوى! ü قال لي: وماذا وجدت من زروع هناك؟ ü قلت له: لم تصادفني سوى شجرة المسكيت التي تحولت لكائن خرافي يتوسد ويتسيّد.ويهاجم تربة القرية ويقتل «خصوبتها» ويلتهم «عذريتها» ثم يتركها هباءً منثوراً .. وفي طرقات القرية الملتوية صادفني من يشكو دائماً حال المزارع المُعسر.. قلت له: كتبنا وكتبنا وشرحنا ولم نستبق شيئاً فالفرصة جاءتكم فالموسم موسم انتخابات عليكم الحديث بصوت جهير عن حالكم وإعساركم وهذه المسغبة وهذا الفقر الذي رفض أن يغادر!!. ضحك المزارع «المعسر».. وشر البلية ما يضحك..! قال سائلي: قد اثقلت عليّ بالهموم أحكي لي عن ليلة رأس السنة هناك قلت له: صلينا «العشاء» في جماعة وجاءنا «العشاء» ونحن جماعة نتوسد «فرشة» في الارض فأكلنا وشربنا وتحدثنا في كل شيء إلا رأس السنة «والحكومة» ثم أوينا إلى «عناقريبنا» باكراً صاح صديقي مبتهجاً : هذه هي السنة وهذا هو رأسها..!!.