لم أنس.. فقد وعدت القارئ الكريم أن أكتب في عدد الجمعة من كل أسبوع عن الفن والغناء، لكن هناك بعض ما يستوجب الكتابة عنه، لذلك سأحتال على الأمر بأن أربط ما بين الغناء والموضوع، راجياً وآملاً أن يكون الربط موضوعياً لا يخل بالفكرة أو العبرة. يستدل الإنسان دائماً قبيل الإقدام على فعل جديد بتجارب غيره، أو بدراسة الأمر دراسة وافية، أو يبقى ما بين (الاستشارة) و (الاستخارة)، وإن لم يفعل ذلك كله، فإنه يتخذ قراره وهو غير ضامن للنتائج، ويصبح مثل الذي يقفز في الظلام. كل الأمور يراجع فيها المرء نفسه، وقد يتردد، إلا في أمر الحب، وأرجو أن تنظر لنفسك ولمن تحب لأن الحب يجري منك في العروق مجرى الدم، ولا تستدل عليه بأي شيء سوى قلبك، وقد غنت الفنانة المصرية الكبيرة ليلى مراد: (14 فبراير 1918 - 21 نوفمبر 1995م) غنت أغنية شهيرة في فيلم سينمائي حمل ذات الاسم، وهو (أنا قلبي دليلي) جاء فيها: أنا قلبي دليلي.. قالي هتحبي دايماً يحكيلي ويصدّق قلبي وهي أغنية طبقت شهرتها الآفاق، لأنها عبّرت تماماً عن حالة العاشق الذي لا يملك من أمره شيئاً في شأن الحب، بل يصبح أمره كله معلقاً على تلك المضغة التي بين الضلوع. الآن ندخل في الموضوع.. شنّ بعض الزملاء حملة شعواء على كل المشاركين في رحلة إلى مصر الشقيقة بدعوة من الهيئة العامة للاستعلامات فيها، التابعة لوزارة الإعلام المصرية، بعد أن هدأت النفوس قليلاً إثر حملة ظالمة، شنتها بعض الفضائيات المصرية على بلادنا عقب فوز الفريق الجزائري على نظيره المصري، رد عليها الإعلام السوداني والصحافة في الخرطوم بحملة أكثر شراسة، وأدى كل ذلك إلى تدخل القيادتين في البلدين الشقيقين لوقف المهزلة، وجرى اعتذار رسمي من قبل المسؤولين المصريين عن ترهات الأبواق الجوفاء، والبوم الأخرق الذي كان ينعق على بعض الفضائيات، واستقبل مسؤولون مصريون كبار سفيرنا في القاهرة الفريق أول عبد الرحمن سر الختم، ونقلوا له حرص الرئيس مبارك على العلاقة بين بلدينا، ثم أجرى وزير الإعلام المصري الأستاذ أنس الفقي اتصالات هاتفية مع نظيره في السودان الأستاذ الزهاوي إبراهيم مالك، واتفقا على تفعيل وتحريك الإعلام لصالح العلاقة بين الشعبين، حتى لا يحدث مثلما حدث بعدالمباراة الشهيرة، وتقرر - وأنا أعلم ذلك تماماً - أن يقوم وفد صحفي وإعلامي يضم قيادات العمل في الأجهزة والصحف بزيارة إلى مصر في الثامن عشر من يناير الجاري لمدة ثلاثة أيام، على أن يقوم وفد صحفي مصري بالمقابل بزيارة السودان في نفس الفترة أو تحديداً في العشرين من يناير لذات الغرض ليكون وفد هنا وآخر هناك. لا أعرف لماذا غابت كل هذه الحقائق على من أخذوا يفتحون نيراهم في الصحف - خاصة الرياضية - على هذه الرحلة وتلك الدعوة، وهي أمر متفق عليه بين قيادتي العمل الإعلامي في الخرطوموالقاهرة.. ولا أعرف سبباً لتركيز الهجوم على شخص واحد ، بزعم أنه وراء هذه الدعوة وأعني الأستاذ يوسف السماني مدير الإذاعة الرياضية، وهو حسب علمي مدعو مثله مثل الآخرين، وأنا أحسن الظن بزملائي في الصحافة الرياضية، حيث كانت الحقائق غائبة عنهم. وبالنسبة لزيارة مصر التي دعيت لها مع ثمانية عشر من زملائي في مختلف الصحف والأجهزة الإعلامية فإنني لم أرفضها .. لأنني أحب مصر، ولأنني أقدر حجم الضرر الذي يمكن أن يقع على بلدينا إذا انسقنا وراء الانفعالات المدمرة، ولأنني حريص على العلاقة بين شعب وادي النيل الواحد في الشمال والجنوب. سألني معدّ ومقدم برامج جزائري سجل معي حلقة تلفزيونية قبل أسابيع قليلة بحضور السيد القائم بالأعمال الجزائري ومجموعة فريق عمله الفني، سألني عن أي فريق أشجع.. مصر أم الجزائر (؟).. لم أتلفت.. قلت له: (مصر). ماذا أفعل؟ فأنا أحب مصر ولي فيها قربى وصلات وصداقات وعلاقات، وأنا في هذا شأني شأن كل من قال بما قالت به ليلى مراد: (أنا قلبي دليلي). و.. جمعة مبارك